تعويم الدرهم في المغرب بين مؤيد ومعارض
تعويم الدرهم في المغرب بين مؤيد ومعارضتعويم الدرهم في المغرب بين مؤيد ومعارض

تعويم الدرهم في المغرب بين مؤيد ومعارض

تباينت آراء الاقتصاديين والمسؤولين بشأن تعويم العملة المحلية (الدرهم) في المغرب، إذ رأى البعض أن الخطوة ستسهم في رفع الأسعار وزيادة معدلات التضخم، بينما أكد آخرون أن البلاد في حاجة إلى هذا القرار لدعم سياسة انفتاح الاقتصاد المحلي على الخارج.

وستبدأ المغرب في تعويم سعر صرف الدرهم المغربي بالتدريج، ابتداء من النصف الثاني من العام الحالي 2017، بعد فترة قضتها مؤسسات الدولة وهي تعمل على تهيئة الأجواء المحلية لإطلاق عملية تعويم سعر صرف الدرهم والدفاع عنها.

وتتزايد التكهنات بين الحين والآخر حول سعي حكومات عربية أخرى لتعويم عملتها المحلية مقابل سلة العملات الأجنبية، على غرار ما فعلته مصر قبل نحو 5 أشهر، في خطوة تراها تلك الدول سبيلًا لتجاوز أزماتها الاقتصادية.

وقال خبراء اقتصاديون مغاربة، إن هناك نوعًا من الجدل بالمغرب، قبيل عزم البلاد تطبيق تعويم تدريجي للدرهم، بسبب المخاوف من أن يضر التعويم بالطبقة الشعبية والفقيرة مقابل استفادة الطبقة الغنية.

ويرتبط الدرهم المغربي في الوقت الحالي إلى حد كبير باليورو، ولكن في خطوة نحو مرونة أكبر خفض البنك المركزي قيمة اليورو في سلة العملات إلى 60% من 80% في أبريل/ نيسان 2016 بينما رفع قيمة الدولار إلى 40% من 20%.

ويرى البنك المركزي المغربي، أن هذه الخطوة مهمة لمواكبة انفتاح البلاد على الاقتصاد العالمي، وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد والمساهمة في تعزيزها، وكذلك تخفيف الاختلالات والصدمات الخارجية، فضلًا عن الحد من الضغوط على احتياطات النقد وتجنب أزمات الصرف.

نقص السيولة

يقول الخبير الاقتصادي المغربي عمر الكتاني، إن "عزم بلاده تعويم الدرهم جاء بناء على الالتزام باستثمارات ضخمة بأفريقيا، تحتاج إلى سيولة كبيرة، الأمر الذي سيتسبب في نقص السيولة داخل البلاد وبالتالي تولّد هناك توجه للتعويم".

واختتم العاهل المغربي محمد السادس في مارس/ آذار الماضي، جولة إلى 5 دول أفريقية، أسفرت عن توقيع 75 اتفاقية، مع كل من جنوب السودان وغانا وزامبيا وغينيا وكوت ديفوار، ومن بين الاتفاقيات إنجاز خط أنبوب غاز بين المغرب ونيجيريا مرورًا عبر 11 دولة أخرى.

وأضاف الكتاني: "أمام هذه المعطيات، كان أمام المغرب خياران، إما عدم التعويم، أو تعويم الدرهم وجعل السوق هو الذي يحدد قيمته وفق الطلب والعرض، والدولة لن تتدخل من أجل المحافظة على قيمة العملة المحلية.

وأشار إلى أن غالبية الدول التي حررت سعر صرف تراجعت قيمة عملتها، ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الواردات، وتراجع أسعار الصادرات، وبالتالي سترتفع أسعار المواد الغذائية داخل البلاد خصوصًا وأننا نستورد البترول والحبوب والعديد من المواد الاستهلاكية الأخرى.

وكانت مصر حررت سعر صرف عملاتها أمام العملات الأجنبية في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في خطوة تهدف لاستقرار سوق الصرف لديها والقضاء على السوق السوداء للعملة.

وكان البنك المركزي المغربي، أعلن قبل أسابيع، أنه سيعمل على تحرير تدريجي لسعر صرف الدرهم، وسيضع في مرحلة أولى، حدودًا عليا ودنيا، ويتدخل في حال تجاوزها.

وفي المرحلة الثانية، سيصبح صرف الدرهم حينها خاضعًا لقانون العرض والطلب في سوق العملات، وهي مرحلة التحرير الكامل لسعر صرف الدرهم.

الدرهم ليس كالدينار

من جهته، قال الطيب أعيس، الاقتصادي والباحث المالي المغربي، إن سعر الصرف الحالي للدرهم مرتبط بسلة يشكل اليورو منها نسبة 60%، ونحو 40 % للدولار، مشيرًا إلى أن قيمة الدرهم حاليًا غير مرتبطة بقوة اقتصاد البلاد، ولكنها مرتبطة بتقلبات الدولار واليورو.

وأضاف "أعيس": "إذا عرف اقتصاد البلاد ركودًا، أي ضعف الاستثمارات الخارجية والصادرات، يتدخل البنك المركزي لدعم الدرهم الذي يفقد قيمته، ولكن البلاد هي التي تدفع كلفة الدعم".

وأوضح أن بلاده تعتزم تحريرًا تدريجيًا للدرهم، حيث أن الخطوة يمكن أن تكون لها تداعيات إيجابية أو سلبية، مشيرًا إلى أنه في حال ضعف الاقتصاد المغربي، أي ضعف الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتراجع السياح الوافدين إلى البلاد، وتراجع الصادرات فإن قيمة الدرهم ستواجه هبوطًا، وترتفع قيمة المواد المستوردة وبالتالي ارتفاع التضخم.

وأوضح أنه في حال كان اقتصاد البلاد قويًا، وعرف جلب رؤوس أموال، إضافة إلى ارتفاع نسبة الصادرات وتراجع الواردات، سينعكس ذلك على الميزان التجاري، ومن ثم ستكون لقرار تحرير الدرهم انعكاسات إيجابية على الاقتصاد.

من جانبه، انتقد إلياس العماري، الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة" (أكبر حزب معارض في البلاد)، في تدوينة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن قرار تعويم الدرهم سيضر بالطبقة الشعبية وسيفيد الطبقة الغنية.

وطالب العماري بفتح نقاش عمومي حول هذا الموضوع.

تدابير محكمة

من جهته، قال لحسن حداد، النائب البرلماني عن حزب "الاستقلال" المعارض، إن التدبير المحكم لتحرير الدرهم من شأنه أن يدعم انفتاح الاقتصاد، وجلب الرساميل ودعم المبادلات التجارية، وإعطائه دفعة جديدة وجعله أكثر تنافسية.

وأضاف حداد: "ما يقترحه بنك المغرب هو تحرير تدريجي يأخذ سنوات للتحكم في العملية وضبط مخاطرها."

وأشار حداد إلى أن التحرير التدريجي سيأخذ وقتًا ويعطي للبنك المركزي إمكانية التدخل لتقويم أي خلل طارئ، نتيجة صدمات اقتصادية خارجية أو داخلية.

ويرتكز مشروع "تعويم" العملة المغربية، على "الانتقال التدريجي نحو نظام صرف أكثر مرونة من أجل تعزيز تنافسية اقتصاده وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية"، حسب البنك المركزي المغربي.

وحررت دول عدة مثل الصين والهند والبرازيل والأرجنتين وماليزيا سعر صرف عملتها، لكن هذه التجارب لم يحالفها النجاح بنسبة كبيرة إلا في الصين والهند بفضل الصادرات المرتفعة وتدني أسعار منتجاتها، ما عزز الإقبال عليها خارجيًا ومحليًا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com