حروب النفط.. كيف انحازت الهند إلى روسيا ضد السعودية في اللحظة الأخيرة
حروب النفط.. كيف انحازت الهند إلى روسيا ضد السعودية في اللحظة الأخيرةحروب النفط.. كيف انحازت الهند إلى روسيا ضد السعودية في اللحظة الأخيرة

حروب النفط.. كيف انحازت الهند إلى روسيا ضد السعودية في اللحظة الأخيرة

كادت صفقة روسية بمليارات الدولارات لشراء شركة التكرير الهندية "إيسار" تغرق في اللحظات الأخيرة بفعل عرض منافس من السعودية مع تنافس القوتين النفطيتين العظميين في أنحاء العالم.

فقد قالت سبعة مصادر بالقطاع في روسيا والهند والسعودية بعضها شارك في المفاوضات، إن الصفقة بين إيسار واتحاد بقيادة شركة نفط الكرملين العملاقة "روسنفت" بدت ميتة قبل أشهر بعد أن قفزت شركة النفط الوطنية السعودية "أرامكو" إلى الحلبة.

وجاء الإنقاذ بفعل تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، اللذين كانا راغبين في المضي قدما فيها وبعد أن وافق "الكونسورتيوم" على دفع 13 مليار دولار أي أكثر من مثلي المبلغ الذي قدرت به روسنفت قيمة إيسار بادئ الأمر، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء رويترز.

وبهذا أصبحت شركة التكرير أكبر استحواذ أجنبي على الإطلاق في الهند وأكبر صفقة روسية في الخارج.

يشير الصراع على إيسار - وهو مجمع عالي التقنية في أسرع أسواق الوقود نموا في العالم - إلى المعركة المتصاعدة على أسواق النفط بين روسيا والسعودية أكبر بلدين مصدرين للخام في العالم.

ويسلط الضوء أيضا على التحديات التي ستواجهها السعودية عضو أوبك وروسيا غير العضو في المنظمة لمحاولة إبرام اتفاق عالمي للحد من نمو الإنتاج لدعم أسعار النفط.

غموض..

وما زالت التفاصيل الكاملة لطريقة إبرام صفقة إيسار غير واضحة. فقد قال مصدران بالقطاع إن الصفقة تمت بفضل تدخل بوتين ومودي في حين قالت ثلاثة مصادر أخرى إن الأمر ببساطة أن عرض روسنفت فاق عرض أرامكو السعودية.

وأحجم المسؤولون في مكتب مودي عن التعليق في حين نفى دميتري بسكوف المتحدث باسم بوتين أن يكون الكرملين قد تدخل في الصفقة.

وقال بسكوف "من الطبيعي أن ندافع عن مصالح شركاتنا. بالطبع نضغط من أجلهم خاصة في مثل تلك الصفقات الضخمة" لكنه أضاف أنه في حالة إيسار "لم تصدر توجيهات من الكرملين".

وقال "كان قرارا تجاريا أخذته روسنفت لتحقيق وفورات عن طريق التعاون مع الهند."

ونوهت رويترز إلى أن روسنفت وأرامكو امتنعتا عن التعقيب.

وقالت إيسار إنها أجرت مناقشات مع عدة مشترين محتملين لكنها اختارت كونسورتيوم روسنفت لأن عرضهم كان الأكثر إغراء. ونفت أي تدخل من بوتين أو مودي.

‬ مواجهة

يتطلع إيجور سيتشين رئيس روسنفت لشراء أصول تكرير في أنحاء العالم لكسب منافذ للنفط الروسي. وقد تفاوض منذ 2014 لشراء 49% من إيسار من مالكيها الأخوين رافي وشاشي رويا وأجرى الجانبان محادثات حصرية منذ يوليو تموز 2015 حيث جرى توقيع اتفاق مبدئي.

وفي حين من غير الواضح المبلغ الدقيق الذي كانت روسنفت مستعدة لعرضه مقابل الحصة خلال تلك المرحلة، فإن مصادر روسية وهندية بالقطاع قالت إنها قدرت قيمة إيسار بأكملها بنحو 5.7 مليار دولار.

لكن أصبح من الواضح وجود مشاكل تعترض الصفقة أوائل سبتمبر أيلول، عندما سافر سيتشين إلى الهند للقاء الأخوين رويا قادما من هانغتشو في الصين حيث كان ضمن وفد بوتين لقمة مجموعة العشرين.

وبحسب مصادر جرى إطلاعها على المناقشات، فقد عقد سيتشين اجتماعا مع الأخوين رويا فور وصوله الهند في الواحدة صباحا بالتوقيت المحلي عازما على إبرام الصفقة.

وعند بدء الاجتماع أبلغ أحد الأخوين سيتشين أن عملية إبرام الصفقة استغرقت وقتا أطول من اللازم، وأن فترة المحادثات الحصرية انتهت في يوليو تموز وأن إيسار تتحدث إلى "أطراف أخرى".

وقال إن تلك الأطراف الأخرى تشمل أرامكو السعودية.

وبحسب المصادر المطلعة على سير الاجتماع فقد رد سيتشين بالقول إنه إذا انسحبت إيسار من الصفقة فقد تخسر الدعم المالي والنفطي الروسي.

ورد الأخوان على ذلك بأن المحادثات مع روسنفت قد انتهت وأعلنا فض الاجتماع.

وقال أحد المصادر: "بدأ الناس يغادرون القاعة في حرج." وقال مصدر آخر إن إدارة إيسار صاغت بيانا لإعلان إلغاء الصفقة مع روسنفت.

وأحجمت روسنفت وإيسار عن التعليق على وقائع الاجتماع أو ما إذا كان هناك بيان من هذا القبيل. ولم يتسن الاتصال بسيتشين أو الأخوين رويا للتعقيب.

وقالت ثلاثة مصادر في السعودية مطلعة على تفاصيل المحادثات بين إيسار وأرامكو، إن الشركة كانت تدرس بجدية شراء إيسار. وقال أحد المصادر إن أرامكو كانت مستعدة لدفع ما يصل إلى تسعة مليارات دولار لشراء شركة التكرير بأكملها أو معظمها.

وامتنعت أرامكو عن التعليق بشأن ما إذا كانت قد قدمت عرضا.

لن تفشل..

لكن ثبت في النهاية أن صفقة روسنفت وإيسار لن تفشل.

فبالنسبة للهند كان انهيار الصفقة أو تأخرها بسبب محادثات مع طرف آخر سيصبح انتكاسة لجهود مودي لتنظيف جبل الديون الرديئة الهندي البالغ 140 مليار دولار نظرا لديون إيسار البالغة مليارات الدولارات لبنوك محلية وأجنبية بعد سنوات من التوسع السريع.

وبالنسبة لروسيا كانت صفقة في السوق الهندية الضخمة تشكل خطوة مهمة لبناء إمبراطورية نفطية عالمية رغم العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بسبب دورها في أوكرانيا.

وفي مواجهة المنافسة السعودية شكلت روسنفت اتحادا اشترى 98% من شركة التكرير، إضافة إلى مرفأ وقود مقابل 13 مليار دولار. اشترت شركة نفط الكرملين 49% - دون مستوى 50% الذي كان سينتهك العقوبات الغربية - بينما اشترت "ترافيجورا" السويسرية لتجارة السلع و"يو.سي.بي" الروسية للاستثمار المباشر 49%.

وبحسب مصادر القطاع الهندية والروسية عادت روسنفت وإيسار إلى طاولة المفاوضات خلال أيام من الخلاف الذي تفجر أوائل سبتمبر أيلول وجرى إبرام الصفقة أخيرا.

وقال أحد المصادر إن معركة عنيفة احتدمت بين إيسار وروسنفت على الشروط. وقالوا إن الكونسورتيوم ذا القيادة الروسية أجبر على تقديم عرض أعلى من العرض السعودي قالوا إنه مكون من مزيج من النقد والائتمان منخفض الفائدة طويل الأجل والإمدادات النفطية.

ورفضت ترافيجورا التعليق على الصفقة في حين لم ترد يو.سي.بي على طلب مكتوب للتعليق. وقالت واشنطن إن الصفقة لم تنتهك العقوبات.

وقعت الصفقة في موريشيوس يوم 14 أكتوبر تشرين الأول عشية الإعلان الرسمي على هامش قمة دول "بريكس" في جوا بالهند حيث التقى بوتين ومودي. وأشرف الزعيمان أيضا على توقيع سلسلة اتفاقات شملت موافقة الهند على دفع خمسة مليارات دولار مقابل شراء أنظمة دفاع جوي روسية طويلة المدى.

وقال مصدران بالقطاع إن صفقة إيسار كانت محل نقاش للمرة الأولى بين بوتين ومودي في مايو أيار 2014 على هامش منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي وهو مؤتمر المستثمرين الرئيس في روسيا.

ولم يتضح شكل التدخل الحكومي عالي المستوى الذي ربما وقع بعد خلاف سبتمبر أيلول.

لكن المصدرين قالا إن إبرام الاتفاق كان مستحيلا دون الإرادة السياسية في موسكو ونيودلهي.

وقال أحدهما "بوتين ومودي أنقذا تلك الصفقة."

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com