حملات المقاطعة الأردنية المليونية.. هل تؤتي أُكلها؟
حملات المقاطعة الأردنية المليونية.. هل تؤتي أُكلها؟حملات المقاطعة الأردنية المليونية.. هل تؤتي أُكلها؟

حملات المقاطعة الأردنية المليونية.. هل تؤتي أُكلها؟

انتشرت في الأردن مؤخرًا الكثير من حملات المقاطعة التي تدعو إلى مقاطعة سلع وخدمات ارتفعت أو سترتفع أسعارها تحت حملة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" باسم "مقاطعون- حملة المقاطعة الأردنية" في سابقة هي الأولى من نوعها، حيث تجاوز عدد المشتركين فيها مليون شخص في غضون أيام.

وذلك بعد أن أعلنت الحكومة الأردنية برئاسة الدكتور هاني الملقي، نيتها توفير 450 مليون دينار كإيرادات ضريبة لخزينة الدولة لسد عجز الموازنة، واستجابة لتوصيات صندوق النقد الدولي بفرض ضرائب مقطوعة على المحروقات، و إزالة الإعفاءات الضريبية على سلع أساسية، والتوجه لفرض ضريبة على الاتصالات، في شقيها المحمولة وتطبيقات الإنترنت.

وظهرت حملات المقاطعة الأردنية في الأردن التي ما تزال حديثة، لكنها بدأت تتكرس فعلًا خلال الفترة الماضية، وبشكل واضح، في مبادرة "طفّي الضو"، عقب توقيع الاتفاق مع شركة "نوبل إنيرجي" الأمريكية لشراء الغاز من إسرائيل.

وتمثلت الحملة الواسعة بإطفاء الأضواء لمدة ساعة احتجاجًا على شراء الغاز من إسرائيل. وقد ظلت المبادرة حاضرة، واستجابت لها شريحة واسعة من المجتمع، حتى أغرقت صور الظلمة مواقع التواصل الاجتماعي، تأكيدًا للالتزام بالدعوة، انطلاقًا من أن إبرام الصفقة يرهن مستقبل الوطن، عبر اقتصاده، لإسرائيل.

وفي هذا الصدد تقول الكاتبة جمانة غنيمات، صحيح أن الحملة لم تتمكن من إلغاء الاتفاق، لكنها وضعت الحكومة الأردنية تحت ضغط كبير اضطرها إلى مراجعة بنود الصفقة لتكون أكثر إنصافًا للأردن وما تزال الحملة ماضية بسلمية، تعبيرًا عن رفض الاتفاق من حيث المبدأ.

أعقبها حملة مقاطعة مادتي البيض والبطاطا بعد أن ارتفعت أسعارها بنسبة 200%، الأمر الذي دفع وزارة الصناعة والتجارة بوضع سقف سعري.

ثم ظهرت دعوة جديدة ضمن حملة مقاطعة شركات الاتصالات، وإغلاق الهواتف المحمولة تحت اسم "سكر خطك"  في الأول من يناير/ شباط الجاري، لمدة 24 ساعة وذلك لمواجهة قرار مرتقب للحكومة الأردنية بفرض ضريبة على الخطوط لسد عجز الموازنة وقد حصل تفاعل مع الحملة، وتم إطلاق دعوات للاستمرار في المقاطعة حتى تعود الأسعار إلى الوضع الطبيعي.

ولم تتوقف حملات المقاطعة الأردنية عند هذا الحد، ودشن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حملة بعنوان "صف سيارتك" تدعو إلى مقاطعة محطات البنزين، والكف عن التنقل مساء الخميس المقبل إلى صباح يوم الأحد من الأسبوع القادم واشتهرت هذه الحملة بتعبير "تم" الذي استخدمه مؤيدون للحملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

من جهته، رأى نقيب أصحاب محطات المحروقات السابق، فهد الفايز، أن حملات المقاطعة تشكل رسالة قوية لحكومة هاني الملقي، للتراجع عن توجهها لفرض أي ضرائب مستقبلية على المحروقات.

وأوضح أن وزارة الطاقة اعترفت بتحصيلها مبلغ 700 مليون دينار، نتيجة الضرائب التي فرضتها على قطاع المحروقات خلال عام 2016، لكن حملات المقاطعة قد تحد من هذه المبالغ.

من جهته، توقع ممثل القطاع الخاص في لجنة تسعير المشتقات النفطية، عامر الشوبكي، نجاح حملة المقاطعة في تخفيض مبيعات المحطات من البنزين.

وقال الشوبكي إن حملة المقاطعة ستكون جدية، لأن المواطن الأردني فقد الثقة في الإجراءات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة.

وأشار الشوبكي، إلى أن تقنين استهلاك المحروقات بشكل عام، قد يكون مؤثرًا أكثر من المقاطعة، الأمر الذي يؤثر على التاجر والمورد للمشتقات النفطية على حد سواء.

وللحد من وتيرة حملات المقاطعة الأردنية المتكررة هذه، لجأت الحكومة الأردنية إلى سن قانون يتم بموجبه اقتطاع 10% ممن تزيد رواتبهم الحكومية عن 2000 دينار أردني نحو (2900 دولار).

 إلا أن الخبير في الشأن الاقتصادي، فهمي الكتوت أكد أن قرار الحكومة بخصوص اقتطاع 10% ممن تزيد دخولهم عن 2000 دينار، ليس له جدوى اقتصادية ولا اجتماعية، إذ من المفترض أن يكون هناك إجراءات أعمق بكثير، فالواقع أن يكون هناك إخضاع لكافة المواطنين، لقانون الخدمة المدنية، بحيث يكون هناك عدالة ومساواة بين الجميع.

وقال الكتوت، إنه من المفترض أن يكون هناك هامش محدد بين الحد الأدنى والأعلى للرواتب، بحيث يحقق نوعا من العدالة الاجتماعية، مؤكدًا ضرورة حصر الرواتب عبر قرارات تضبط الرواتب العليا وتزيد الرواتب الدنيا.

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن الإجراءات الحكومية تمس بشكل مباشر الطبقتين الوسطى والفقيرة، ولذلك عندما تم الحديث عن الرواتب العليا، رأى الجميع حجم التخفيض "الهزيل" لتلك الدخول، مشددًا ضرورة وجود سقف للرواتب في القطاع العام، على أن لا تزيد عن 2500 دينار، خاصة في المرحلة الاستثنائية.

وأظهر الاستطلاع الأحدث لمركز الدراسات الاستراتيجية التابع للجامعة الأردنية، أن شعبية حكومة الملقي انخفضت بشكل ملموس، قبل أن تتخذ أي قرار بزيادة ضريبة المبيعات، والمشتقات النفطية، وخدمات الإنترنت.

ويؤكد ذلك الكاتب فهد الخيطان قائلاً، أكاد أجزم أن الحكومة الأردنية خسرت بالفعل من شعبيتها قبل اتخاذ القرارات، أكثر مما خسرت بعد زيادة الضريبة الإضافية على البنزين والديزل.

ويرجع الخيطان أسباب ذلك، إلى طول أمد الفترة التي استغرقتها النقاشات المفتوحة والعلنية حول الحزمة الاقتصادية قبل أن تتم صياغتها بشكل نهائي، خاصة وأن التوجه لإقرار الحزمة تزامن مع مناقشة مجلس النواب لمشروع قانون الموازنة العامة.

مضيفًا أن ضريبة خدمات الهواتف المحمولة أو الإنترنت، استهلكت من النقاش ما لم تحظ به قضية من قبل، لارتباطها الوثيق بمصالح ملايين الناس من مستخدمي الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي وهو ما حفز الآلاف، بل عشرات الآلاف، على الانضمام لحملات المقاطعة؛ سواء كانت لسلع غذائية أم لشركات الاتصالات، كانت أشهرها حملة "سكر خطك"

وبالنتيجة، كبرت كرة الثلج أكبر بكثير من مستوى التوقعات، أو من حزمة القرارات ذاتها واتخذت الحملات منحى مقلقًا، انتهى بنتيجة مؤسفة، هي توقيف عدد من الناشطين، وإغلاق صفحات المقاطعة على موقع "فيسبوك".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com