سوريا.. هل يصمد مقاتلو المعارضة في الغوطة الشرقية أمام تصعيد النظام؟
سوريا.. هل يصمد مقاتلو المعارضة في الغوطة الشرقية أمام تصعيد النظام؟سوريا.. هل يصمد مقاتلو المعارضة في الغوطة الشرقية أمام تصعيد النظام؟

سوريا.. هل يصمد مقاتلو المعارضة في الغوطة الشرقية أمام تصعيد النظام؟

رغم الحصار المحكم، والقصف الكثيف، اللذين تعرّضت لهما الغوطة الشرقية خلال سنوات النزاع، تتمسك الفصائل المعارضة بالدفاع عن المنطقة التي تعد آخر معاقلها قرب دمشق، لكنها قد لا تصمد في مواجهة الهجوم الأخير الدامي من قوات النظام.

وتتعرّض المنطقة رغم كونها إحدى مناطق خفض التوتر في سوريا، لتصعيد عسكري من قوات النظام تسبب منذ أسبوعين بمقتل أكثر من 450 مدنيًا، قُتل نصفهم تقريبًا منذ ليل الأحد.

وتتقاسم فصائل إسلامية عدة السيطرة على أكثر من مئة كيلومتر مربع من الغوطة الشرقية، بعدما تمكنت قوات النظام من قضم مساحات واسعة منها تدريجيًا، ومن أبرز تلك الفصائل: جيش الإسلام، وفيلق الرحمن، اللذان يشاركان بمفاوضات السلام في جنيف.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، تغيب المظاهر العسكرية عن مناطق سيطرة الفصيلين، وينتشر عناصرهما على خطوط التماس مع قوات النظام، وتتواجد غالبية مقراتهما في أماكن سرية، وأنفاق تحت الأرض.

ويحظى هذان الفصيلان -وفق الباحث في المعهد الأمريكي للأمن نيك هاريس- بـ"حاضنة شعبية"، كون المقاتلين من أبناء المنطقة، ولتبنّيهما "نهجًا اجتماعيًا، وسياسيًا، واقتصاديًا، وعسكريًا، في التفاعل مع سكان المنطقة".

ويسيطر فصيل جيش الإسلام الذي تأسس العام 2013، ويضم قرابة 10 آلاف مقاتل، على نصف مساحة المنطقة، وتحديدًا مدينة دوما ومحيطها، ويتواجد على خطوط تماس مع قوات النظام، وتحديدًا في منطقة المرج جنوب دوما، حيث يخوض الطرفان مواجهات متقطعة.

أما فيلق الرحمن الذي يضم قرابة تسعة آلاف مقاتل، فيعد ثاني أكبر فصائل الغوطة الشرقية، حيث يسيطر على ما يسمَّى بالقطاع الأوسط الذي يضم مدنًا عدة، أبرزها عربين، وحمورية، بالإضافة الى أجزاء من حي جوبر شمال شرق دمشق.

العقاب الجماعي.

ولهيئة تحرير الشام التي تضم مئات المقاتلين، وجود محدود في القطاع الأوسط يقتصر على بعض المقرات، وتنفرد حركة أحرار الشام الاسلامية من جهتها بالسيطرة على أجزاء من مدينة حرستا ومحيطها على أطراف الغوطة الشرقية، وخاضت مع هيئة تحرير الشام معارك عدة ضد قوات النظام في المنطقة، رغم الخلاف الكبير بينهما.

ومنذ العام 2011، انضمت الغوطة الشرقية إلى موجة الاحتجاجات الشعبية ضد النظام الذي واجهها بالقمع والقوة، وبعد بدء النزاع المسلح، تمكنت فصائل معارضة من السيطرة عليها.

ورغم تمكن قوات النظام من حصار المنطقة بشكل محكم منذ العام 2013، ما فاقم معاناة نحو 400 ألف شخص مقيمين فيها، احتفظت الفصائل بقدرتها على استهداف دمشق عبر إطلاق القذائف التي حصدت مئات الضحايا.

وتعتمد دمشق، وفق الباحث الأمريكي، "استراتيجية العقاب الجماعي"، أي أن "يعاني جميع السكان لاتخاذهم خيار دعم الفصائل في مواجهة الرئيس السوري بشار الأسد، ونظامه".

ومع تشديد الحصار، شهدت المنطقة شحًا تدريجيًا في السلع انعكس ارتفاعًا في الأسعار، وبروز حالات سوء تغذية أدَّى بعضها إلى الوفاة، خاصة مع تعذر إدخال الأمم المتحدة قوافل المساعدات بشكل منتظم.

وفي محاولة لتأمين النقص، اعتمدت الفصائل على الأنفاق، والتهريب، لتأمين حاجات السكان. وحتى العام 2017، كان يمكنها الحصول على السلع من مناطق سيطرة مجموعات معارضة على تخوم دمشق، لكن تقدم قوات النظام عزلها بالكامل.

وعمدت الفصائل- وفق الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ويل تودمان- إلى تحديد أسعار بيع السلع ما ضمن لها حصة من الأرباح، ويوضح قائلًا:"استفادوا بشكل فعالٍ ومنهجي من الحصار".

الحسم النهائي.

ويتزامن التصعيد على الغوطة الشرقية مع استقدام قوات النظام تعزيزات عسكرية الى المنطقة، ما ينذر بهجوم بري وشيك، ذكرت صحيفة "الوطن" السورية في عددها الثلاثاء أنه "قد يبدأ في أي لحظة".

ويقول الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر: "يهدف هذا التصعيد إلى حسم مسألة الغوطة الشرقية بشكل نهائي، إما بنصر عسكري بحتٍ، أو من خلال حلٍ تفاوضي تحت الضغط العسكري الهائل".

وغالبًا ما اتبعت قوات النظام استراتيجية التجويع والحصار قبل فرض اتفاق مصالحة، على غرار ما جرى في مدن عدة حول دمشق، وفي مدينة حلب نهاية العام 2016.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر في موسكو الاثنين إن "تجربة حلب حين تم إخلاء المقاتلين تنطبق تمامًا على الغوطة الشرقية".

وأعرب هيلرعن اعتقاده أن المنطقة لن تكون "لقمة سائغة، نظرًا لما فيها من أنفاق ومقاتلين متمرسين".

ورغم التصعيد الأخير على المنطقة، يستمر سقوط القذائف على دمشق، ما أوقع أربعة قتلى الثلاثاء، ويتهم الإعلام الرسمي "مجموعات مسلحة" في الغوطة الشرقية بإطلاقها.

ويبدو أن قوات النظام اليوم أكثر تصميمًا على إنهاء هذا التهديد اليوم، ويقول هاريس:"تريد أن تثبت للسكان أن مواصلة دعمهم للمعارضة المسلحة يعني اختيارهم سلوك طريق الألم".

في المقابل، لا يستبعد تودمان تكرار سيناريو "المصالحة"، حيث يقول: "لن يكون بمقدور الفصائل البقاء إلى أجل غير مسمى، ولن أتفاجأ أن يصار بعد أشهر عدة أو سنة من الآن، إلى الاتفاق على صفقة إجلاء، على الأقل في أجزاء من الغوطة الشرقية، رغم أنه من المرجح أن يقاتل بعض الفصائل حتى النهاية المريرة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com