ليبيا.. نذر مواجهة بين حكومتي الوفاق و"الإنقاذ" في طرابلس
ليبيا.. نذر مواجهة بين حكومتي الوفاق و"الإنقاذ" في طرابلسليبيا.. نذر مواجهة بين حكومتي الوفاق و"الإنقاذ" في طرابلس

ليبيا.. نذر مواجهة بين حكومتي الوفاق و"الإنقاذ" في طرابلس

أعلنت حكومة الإنقاذ في ليبيا عن تأسيس قوة مسلحة تحمل اسم "الحرس الوطني".

وجاء الإعلان بعد ساعات من انتهاء اشتباكات مسلحة بالعاصمة طرابلس بين كتائب موالية لحكومة الوفاق الوطني وأخرى تتبع لـ "الإنقاذ"، بقيادة خليفة الغويل (غير معترف بها دوليا).

وجدد هذا الإعلان تساؤلات ممزوجة بمخاوف من إمكانية اندلاع مواجهة عسكرية واسعة بين حكومتي "الإنقاذ"؛ والتي عادت للعمل قبل أشهر بعد أن غادرت السلطة، و"الوفاق" بقيادة فايز السراج المعترف بها دوليا، فيما اعتبره البعض مجرد "ورقة ضغط" سياسية.

وبحسب مراقبين، فإن هذه المخاوف تزايدت مع تشكيل القوة الجديدة لـ"الإنقاذ" والتي تشير إلى أن ميزان القوى في طرابلس أصبح شبه متوازن، بعدما كانت الكفة في صالح "الوفاق" التي أعلنت في مايو/أيار 2016 وبعد شهرين من دخولها العاصمة، عن تشكيل قوة من الجيش والشرطة باسم "جهاز الحرس الرئاسي".

وأوكلت "الوفاق" لتلك القوة مهام تأمين المقرات الرئاسية والحيوية في الدولة بما فيها منافذ الدخول البرية والبحرية والجوية، بالإضافة إلى حراسة أعضاء المجلس الرئاسي وكبار زوار الدولة.

وتشهد طرابلس، بين الحين والآخر، اشتباكات بين كتائب مسلحة، كانت آخرها تلك التي اندلعت مساء الأربعاء الماضي، واستمرت حتى فجر اليوم التالي، بين قوات تابعة لكلا الحكومتين فى مناطق "مشروع الهضبة" جنوبي العاصمة، بحسب مصادر متطابقة، دون أن يبلغ عن سقوط ضحايا.

عرض عسكري

وأمس الأول الخميس، أعلنت قوة تطلق على نفسها "الحرس الوطني" عن تأسيسها وبدء عملها من العاصمة، وفق بيان بثته وسائل إعلام محلية، دون النص في البيان صراحة أنها تتبع "الإنقاذ"، غير أن بعض وسائل الإعلام أكدت ذلك.

كما تأكد تبعية القوة لحكومة الغويل، عندما قامت في نفس اليوم بعرض عسكري وسط طرابلس، شاركت فيه نحو 25 سيارة تحمل مسلحين وأسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة.

وخرجت تلك السيارات من معسكر "الصواريخ" جنوب شرقي العاصمة والذي تتواجد به قوات موالية لـ"الإنقاذ".

وكانت قناة النبأ الليبية (خاصة) بثت في ذات اليوم، استعراضات عسكرية للحرس الوطني في كل من مدن الزاوية وصرمان وصبراته (ثلاثتها غرب طرابلس) وغريان (85 كلم جنوب طرابلس).

وتتشكل القوات الموالية لحكومة الإنقاذ، بحسب الأناضول، من لواء الصمود بقيادة صلاح بادي، (أحد قيادات عملية فجر ليبيا التي حسمت معركة مطار طرابلس ضد كتائب الزنتان في 2014)، بالإضافة إلى مجموعة كتائب من مدينة غريان، وكتائب وسرايا من مدن الزاوية وصبراته وصرمان.

العاصمة تحت رحمة قوتين

ويرى مراقبون أن تشكيل تلك القوة يعني أن العاصمة أصبحت تحت رحمة قوتين عسكريتين متضادتين، تزيد من احتمالية وقوع مواجهات مسلحة بين الطرفين، خاصة بعد المحاولة السابقة لحكومة الإنقاذ السيطرة على بعض المقرات الحكومية التابعة للوفاق.

ففي 12 يناير/كانون ثان الماضي، اقتحمت قوة تابعة لحكومة الإنقاذ، مقر وزارة العمل والتأهيل التابعة لحكومة الوفاق في العاصمة غير أن نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق، قال في مؤتمر صحفي، إن ما وصفها بـ"الاعتداءات" استمرت "لساعات فقط".

ووقتها، أوضحت حكومة الوفاق، في بيان لها أنه "في الوقت الذي نواصل فيه العمل على التوافق بين الفرقاء، والسعي إلى حل المشاكل اليومية التي يعاني منها المواطن، قامت اليوم فصائل مسلحة تتبع رئيس حكومة الإنقاذ خليفة الغويل، باقتحام عدد من مقرات الدولة في طرابلس".

نُذر المواجهة

المحلل السياسي الليبي حسن الفقي، قال، إن "تشكيل الحرس الوطني التابع للإنقاذ، بدون شرعية يشكل تحديا حقيقيا لحكومة الوفاق المعترف بها دولياً، ويحد من قدرتها على بسط سلطتها علي كامل العاصمة".

وأضاف: "محاولة حكومة الغويل بسط السيطرة على المؤسسات الرسمية بقوة السلاح ينذر بمواجهة بين الأطراف المتصارعة على الشرعية والتي نتجت عن الانقسام السياسي".

وتابع الفقي: "أتوقع أي شيء، يمكن أن يتحول النزاع على الشرعية إلى مواجهة بين الطرفين".

ورقة ضغط

أما الخبير الأمني الليبي إسماعيل الأنصاري، فاستبعد المواجهة العسكرية، واعتبر تأسيس الحرس الوطني "مجرد عرض عسكري تسعى من خلاله حكومة الإنقاذ لضمان مقعد لها (في أي اتفاق سياسي جديد) أو تشكيل ورقة ضغط لكي تكون موجودة وممثلة ضمن الإطار الجديد، بعد التسريبات التي تتحدث عن إمكانية فتح الاتفاق السياسي".

وفي إفادته التي قدمها، الأربعاء الماضي، إلى أعضاء المجلس الأمن الدولي، قال المبعوث الأممي مارتن كوبلر، إن "الأمم المتحدة تقوم بدور الوساطة حاليا بين القادة الليبيين بهدف بحث إمكانية إدخال تعديلات على اتفاق الصخيرات".

وتمخض عن الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات بالمغرب، في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، مجلس رئاسي لحكومة الوفاق الوطني، ومجلس الدولة (غرفة نيابية استشارية)، بالإضافة إلى تمديد عهدة مجلس النواب في طبرق (شرق) باعتباره هيئة تشريعية.

إلا أنه بعد مرور عام من التوقيع على الاتفاق دون اعتماد مجلس النواب لحكومة الوفاق، اعتبرت أطراف من شرق ليبيا أن اتفاق الصخيرات انتهى بمضي عام كامل من التوقيع عليه، لكن كوبلر، أكد استمراره، لأن العام يبدأ عندما يعتمد مجلس النواب حكومة الوفاق، وهو ما لم يتم لحد الآن.

الوضع الأمني هش في طرابلس

وقال الأنصاري: "بطبيعة الحال لايزال الوضع الأمني بطرابلس، هشا وغير مستقر، في ظل تنازع المجموعات المسلحة التي تبحث عن مكان لها في اتفاقيات مستقبلية، بعدما تم تهميشها في الاتفاق السياسي".

وتزامنا مع هذا التوتر، تم تشديد الإجراءات الأمنية بشارع "طريق السكة"، حيث مقر رئاسة وزراء حكومة الوفاق بطرابلس، وكذلك بمحيط فندق "ريكسوس" المجاور لقصور الضيافة بالمدينة، وهو أحد الأماكن التي تدير منها حكومة "الإنقاذ" عملها عقب عودتها للعمل قبل أشهر.

وشهدت طرابلس، في 12 ديسمبر/كانون الأول 2016، اشتباكات دامت ثلاثة أيام بين كتائب مسلحة وسط الأحياء السكنية، وقرب منطقة القصور الرئاسية، التي تضم مقار جهات سيادية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.

ومنذ أن أطاحت ثورة شعبية بالعقيد الراحل معمر القذافي في 2011، تشهد ليبيا انقساما، تزامن مع فوضى أمنية أدت إلى تشكيل مسلحين كتائب، وتنصيب أنفسهم لحفظ الأمن في بعض المناطق، وبينما انضمت كتائب إلى حكومات تولت السلطة بعد الثورة، رفض البعض الآخر، ولم تستطع السلطات السيطرة عليها.

يشار إلى أنه بالإضافة إلى حكومتي "الإنقاذ" و"الوفاق" في طرابلس، تتنازع على السلطة حكومة ثالثة "الموقتة" التي تعمل من مدينة البيضاء بالشرق.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com