وثيقة حماس.. انتقادات إسرائيلية على الصعيد الرسمي ومحللون يرون أنها "منطقية"
وثيقة حماس.. انتقادات إسرائيلية على الصعيد الرسمي ومحللون يرون أنها "منطقية"وثيقة حماس.. انتقادات إسرائيلية على الصعيد الرسمي ومحللون يرون أنها "منطقية"

وثيقة حماس.. انتقادات إسرائيلية على الصعيد الرسمي ومحللون يرون أنها "منطقية"

رصدت وسائل الإعلام الإسرائيلية باهتمام كبير، إعلان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، أمس الإثنين، عن وثيقة سياسية جديدة للحركة، بموجبها ستؤيد إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، فضلاً عن فك ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين، وتأكيدها أن الحركة تحتفظ بعدم الاعتراف بدولة إسرائيل، وتتمسك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، دون أي تغييرات أو تنازلات في هذا الشأن.

وينصب اهتمام الإعلام العبري حاليًا على التصريحات التي أدلى بها مشعل في مؤتمر صحفي عقد بالعاصمة القطرية الدوحة، وقوله إن الوثيقة "جزء من أدبيات حركة حماس الفكرية والسياسية في مراحلها المختلفة"، كما تنقل تعليقات تصدر تباعًا عن مسؤولين إسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي انتقد الوثيقة يوم أمس، وشكك في تمسك حماس بها.

توقيت الوثيقة

وجذب توقيت الإعلان انتباه محللي موقع "واللا" العبري، الذين قدروا أن نشر الوثيقة بالتزامن مع ما يسمى "يوم الاستقلال" الذي يواكب الرابع عشر من آذار/ مايو، أمر متعمد من جانب الحركة، ويحمل دلالات بأنها ماضية في النهج ذاته، مستشهدين بما ورد بالوثيقة من أن "القرآن دستورنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا".

وأشارت صحيفة "معاريف" عبر موقعها الإلكتروني، إلى أن إسرائيل على المستوى الرسمي لم تتأثر بالحديث عن الوثيقة السياسية لحماس، على الرغم من الحديث عن تنازلات تجاهها، ناقلة عن دافيد كايز، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي للإعلام الأجنبي، أن حماس "تبني الأنفاق الإرهابية وتطلق آلاف الصواريخ صوب المدنيين الإسرائيليين، تلك هي حماس الحقيقية" على حد قوله.

أمر منطقي

وقال محللون لموقع "mekomit" العبري، أنه ينبغي الانتظار لرؤية الأهداف الحقيقية من وراء إعداد حماس للوثيقة الجديدة التي استغرقت شهوراً، وتساءلوا "كيف يمكن إفراغ تلك الوثيقة من مضومنها واستباق التطورات طالما عكفت الحركة على وضع برنامج سياسي جديد طوال هذه الشهور".

واعتبر محللو الموقع، أن عدم تسليم حماس بالرؤى التي تتبانها إسرائيل وتريد أن تفرضها عليها هو أمر منطقي، وأنه لا يمكن قياس التغيير الذي تشهده الحركة بناء على المتطلبات الإسرائيلية، وأنه لو استمرت إسرائيل في ذلك، فإنها حتماً لن تجد أي تغيير في سياسة حماس تجاهها وبذلك لن تتعاطى مع الوثيقة الجديدة.

دعوة للتدقيق

وفسر مناحم كلاين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بار إيلان، حالة الغموض وربما التناقض الذي يشوب الوثيقة، لا سيما فيما يتعلق بالتنازل بشأن قبول دولة فلسطينية بحدود 67، وفي الوقت نفسه عدم الاعتراف بإسرائيل ووجودها، فسر ذلك ضمن صراع أيديولوجي داخل الحركة، معتبراً أن عدم تأثير الخلافات في الرأي الحادة أحياناً، على إعداد الوثيقة أمر يدعو إلى التدقيق.

وجاء في البرنامج السياسي الأصلي للحركة في كانون الأول/ ديسمبر 1987، أن "حركة المقاومة الفلسطينية/ حماس، هي حركة إسلامية تدعو لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وترتبط جذورها بجماعة الإخوان المسلمين، وتستهدف تحرير أرض فلسطين التي تعد جزءا من الوطن التاريخي القومي للشعب الفلسطيني وعاصمتها القدس".

وتطرق البرنامج السياسي للحركة حينذاك إلى إسرائيل، على أنها مشروع استعماري غربي – صهيوني، يستهدف شق صف ووحدة العالم الإسلامي وطرد الفلسطينيين من أرضهم، فضلاً عن تقسيم العالم العربي. واعتبرت وقتها أن "الجهاد" هو الطريق الوحيد لتحرير أرض فلسطين.

تناقض

ولفت كلاين، والذي عمل مستشاراً سابقاً ضمن الوفد الإسرائيلي للمفاوضات مع السلطة الفلسطينية العام 2000، ومن معدي مبادرة جنيف العام 2003، لإعلان الحركة الجديد عن عدم رغبتها في التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتنصلها من جماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عن تمييزها ما بين الصهيونية واليهودية، وكيف أن قادة الحركة كانوا على استعداد لذلك منذ العام 2006، واصفاً التغييرات بأنها تراجع عن بعض أهم أسس الوثيقة الأولى للحركة.

ودلل كلاين، عما اعتبره تناقضا في الوثيقة بإعلان الحركة أنها تتبنى "المقاومة" أي النضال المسلح كخيار استراتيجي وليس تكتيكياً، وفي الوقت نفسه تحدد أنه ينبغي إدارة المقاومة على مراحل، لافتاً إلى أن الإدارة على مراحل تعني أنها ستنبع من دواع تكتيكية بالأساس، ما يعني أن معدي الوثيقة وقعوا في خطأ، كما أشار إلى أنه من غير المعروف كيف ستحقق حماس دولة فلسطينية بحدود 67 دون مسيرة سياسية.

تغيير حقيقي

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد تطرق لإعلان حماس، وقال بحسب ما أورده موقع "واللا" العبري بالأمس، إن الوثيقة "لا تعدُ كونها للاستهلاك الإعلامي"، مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية "ترى أن حماس تواصل بذل جهود كبيرة وتكرس طاقاتها ليس فقط للحرب ضد إسرائيل، ولكن أيضاً لتعليم النشئ في قطاع غزة فكرة إبادة إسرائيل.

وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي تعليقاً على الوثيقة: "في اليوم الذي تتوقف فيه حماس عن حفر الأنفاق وتبدأ في تحويل مواردها لتدعيم البنى المدنية في القطاع وتوقف تعليم الأطفال قتل الإسرائيليين، هنا سيجري الحديث عن تغيير حقيقي".

خدعة

وتطرق منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية بالأراضي المحتلة، اللواء يوآف مردخاي، للوثيقة الجديدة، وزعم بحسب ما أوردته القناة الإسرائيلية السابعة أن حماس تقوم بعملية خداع كبرى.

وكتب مردخاي عبر حسابه على موقع "فيسبوك" مساء أمس، أن "القرآن يعتبر أن الموت في سبيل الله غاية وهدف أسمى، وأن هذا هو الوجه الحقيقي لحماس وليست وثيقة أو معاهدة جديدة، أنهم يقومون بعملية غش وخداع كبرى"، على حد زعمه.

وتابع، أن حركة حماس التي لم يتوقف عن وصفها بـ"الإرهابية"، في الحقيقة "تهزأ بالعالم حين تحاول أن تعرض وثيقة جديدة لتزعم أنها مستنيرة ومتقدمة، إننا نضحك لأننا رأينا كيف تؤمن المنظمة الإرهابية بالديمقراطية التي تتشدق بها فتعدم معارضيها وتلقيهم من أعلى الأسطح".

ويتناغم البرنامج السياسي الجديد لحركة "حماس" فيما يتعلق بقبول الحركة لإقامة دولة فلسطينية بحدود حزيران/ يونيو 67 مع الرؤية التي تتبناها حركة "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتقوم الرؤية على إقامة دولتين إحدهما فلسطينية والأخرى إسرائيلية، على أن تعيشا جنباً إلى جنب في سلام، وهو الحل الذي عارضته حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، لا سيما وأنه يحمل اعترافا بالدولة الإسرائيلية.

ويحمل البرنامج السياسي الجديد لحركة حماس، بوادر حسن نوايا تجاه ثلاثة أطراف رئيسية، هي إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر.

ويقلل البرنامج السياسي الجديد للحركة من حجم التعقيدات التي تشوب علاقات "حماس" بالسلطة الفلسطينية وحركة فتح، حيث يقبل بقيام دولة فلسطينية بحدود حزيران/ يونيو 67، وعاصمتها القدس الشرقية، ومقدمة بادرة قد تنعكس على منظومة العلاقات بين الأطراف الفلسطينية الداعمة لهذا الحل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com