الأموال الضخمة المضبوطة في الضالع اليمنية.. لغز يثير جدلًا واسعًا
الأموال الضخمة المضبوطة في الضالع اليمنية.. لغز يثير جدلًا واسعًاالأموال الضخمة المضبوطة في الضالع اليمنية.. لغز يثير جدلًا واسعًا

الأموال الضخمة المضبوطة في الضالع اليمنية.. لغز يثير جدلًا واسعًا

أثارت واقعة ضبط أموال ضخمة مطلع الأسبوع الجاري في مدينة الضالع جنوبي اليمن، خرجت من العاصمة المؤقتة وكانت متجهة لمحافظات يسيطر عليها الحوثيون، جدلاً واسعًا في الأوساط اليمنية ووسائل الإعلام، في ظل تكتم شديد حولها.

وكانت نقطة أمنية في معبر سناح الحدودي بمدينة الضالع، ضبطت يوم السبت الماضي 3 سيارات تحمل على متنها كميات كبيرة من الأموال خرجت من عدن، في طريقها إلى محافظات يسيطر عليها الإنقلابيون شمالي البلاد.

ونقلت حينها وسائل إعلام محلية عن قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء فضل حسن، تأكيده بأنه تم ضبط مبلغ يقدر بمليار ريال يمني في إحدى النقاط الأمنية بمدينة الضالع، واشار أن المعلومات الأولية تفيد بأن المبالغ تعود لمحافظ تعز دون الإفصاح عن مزيد من التفاصيل.

وجاء رد محافظ تعز علي المعمري سريعًا بنفي ملكيته لهذه المبالغ، وأكد أنها تتبع شركة الكريمي للصرافة التي أتفقت مع الحكومة اليمنية لتسديد مرتبات موظفي قطاع التربية في تعز، قبل أن تصدر شركة الكريمي بيانًا تؤكد فيه ملكيتها للمليار ريال وتأكيدها أن المبلغ خاص بموظفي قطاع التربية والتعليم في عدد من مديريات تعز التي لا تزال تحت سيطرة الحوثيين.

لكن الغريب في الأمر أن المبلغ المضبوط كان يفوق المليار ريال الذي تم الكشف عنه في بداية الأمر، إذ أكد مسؤولون أمنيون في مدينة الضالع أن المبلغ يقدر بملياري ومائتين مليون ريال، فيما أكدت قيادات بالمقاومة الجنوبية هناك أن المبلغ أكثر من ذلك بكثير، وهو الأمر ذاته الذي أكدته وسائل إعلام محلية.

ذلك التلاعب في إظهار الأرقام الحقيقية للأموال المضبوطة، صّعد من حالة الجدل في الأوساط اليمنية التي تفاعلت كثيرًا مع الواقعة باعتبارها قضية رأي عام تمس حياة المواطنين في عدن، وبقية المحافظات الجنوبية المحررة لاسيما وأن الكثير من موظفي تلك المحافظات وخاصة المتقاعدين منهم لم يتسلموا مرتباتهم منذ أشهر بسبب عدم توافر السيولة.

ونشر يحيى سلمان، وهو إعلامي من محافظة الضالع يوم أمس الأربعاء، حوارًا مطولاً على صفحته في فيس بوك يقول إنه "أجراه مع قائد الكتيبة السابعة التابعة للواء 33 مدرع بالضالع"، وهي الكتيبة التي ضبطت تلك الأموال في معبر سناح، وتم تداول ذلك الحوار بشكل واسع في وسائل إعلام باليمن.

وركز الحوار في مجمله على أن المبلغ المضبوط يفوق المليارين والمائتي مليون ريال يمني، وقال "إن النقطة الأمنية في سناح ضبطت 3 سيارات بيضاء تحمل إشارات الصليب أو الهلال الأحمر على متنها الأموال برفقة طاقمين أمنيين يتبعان المنطقة العسكرية الرابعة كانوا في طريقهم إلى خارج المناطق المحررة".

وحاول مقدم الحوار اتهام اللواء فضل حسن من خلال التأكيد في أكثر من مرة أن الأموال كانت تابعة لقائد المنطقة العسكرية الرابعة، كما قال إن هناك جهات عليا ومنها مكتب الرئيس هادي والمنطقة العسكرية الرابعة واللواء 33 مدرع بالضالع تواصلوا مع قيادة الكتيبة التي ضبطت الأموال، وتم التفاهم حولها وتسليمها الى وسطاء ليقوموا بإعادتها الى عدن مجددًا.

وما يثير الاستغراب أن هناك صمتا حكوميا مطبقا تجاه الواقعة رغم أنها باتت مثار جدل واسع خلال اليومين الماضيين، فيما ذكرت وسائل إعلامية ومنها صحيفة الأمناء العدنية، أن المبالغ المضبوطة فعلاً وصلت عدن يوم الثلاثاء، ولكن تم نقلها مباشرة الى منطقة معاشيق الرئاسية.

البنك المركزي يكشف

وللتأكد من مصدر الأموال، حاول "إرم نيوز" التواصل مع مصادر مسؤولة في البنك المركزي بعدن، والتي بدورها أكدت أن البنك المركزي سلم فعلًا الدفعة الأخيرة من مرتبات موظفي قطاع التربية والتعليم في تعز لشركة الكريمي للصرافة الأسبوع الماضي، ولكن قالت إن المبلغ المدفوع للشركة كان يقدر بـ 950 مليون ريال يمني فقط، مؤكدة أنه الدفعة الأخيرة التي تسلم للشركة.

وحول باقي المبالغ المضبوطة، أكدت المصادر أنها لاعلم لها بها، ولم تخرج من البنك المركزي بعدن، لكنها قالت إنه وبحسب الاتفاق السابق الذي تم بين الحكومة والمالية والبنك المركزي بعدن مع شركة الكريمي للصرافة، كان يفترض أن تقوم شركة الكريمي بنقل 950 مليون ريال فقط إلى تعز لتسليم مرتبات بقية الموظفين في قطاع التربية.

ويبدو من تصريح المصادر المسؤولة في البنك المركزي بعدن، أن شركة الكريمي للصرافة كانت تحاول إخراج مبالغ مالية أخرى من عدن صوب محافظات يسيطر عليها الحوثيون.

وفي هذا الشأن يقول المحلل السياسي اليمني منصور صالح في حديث خاص لـ "إرم نيوز"، إن المبالغ المضبوطة، جزء منها هو مرتبات لموظفي التربية في تعز، بينما الجزء الأكبر منها يبدو بأنه مبالغ محولة من شركة الكريمي إلى عدد من فروعها المنتشرة في المحافظات الشمالية.

وحول الواقعة والحوار الأخير يقول منصور، "إن من يريد تهريب أموال بهذا المبلغ الكبير لن يجازف بتمريرها عبر طريق طويل مليء بالنقاط الأمنية من عدن إلى الضالع إلى قعطبة، بينما هناك الكثير من الطرق والوسائل الأخرى الأكثر سهولة لتحويلها".

وبشأن اتهام اللواء فضل حسن بالواقعة، يقول منصور، إن هناك تسريبات عن تعيين اللواء فضل حسن نائبًا لرئيس هيئة الاركان العامة خلفًا لـ أحمد سيف اليافعي ، ويبدو بأن هذا دفع البعض لمحاولة قطع الطريق عليه والإساءة إليه.

وأكد أن اللواء فضل حسن "هو المؤسس الحقيقي والفعلي للجيش الوطني بالجنوب والجميع يدرك هذا ، فهو مقاتل صلب كان وما زال  يتنقل من جبهة إلى جبهة، ولو أراد فرَضًا الوصول إلى الحوثيين لوصل اليهم عبر المناطق التي يسيطر عليها من عدن إلى كرش حتى الوصول إلى تعز" .

لكنه قال إن عدم علم محافظ تعز بهذه الأموال، يؤكد عدم التنسيق الجيد في هذه العملية التي كان يفترض أيضًا التنسيق بشأنها مع النقاط الأمنية في مختلف المحافظات، مؤكدًا أن الأموال موجودة في عدن وسيتم تسليمها بعد عدّها والتدقيق فيها بشكل كامل من قبل الجهات الرسمية.

عمليات تهريب

ويؤكد مراقبون أن هناك عملية تهريب لأموال كان يراد لها أن تتم ولكنها فشلت، موضحين أن هذه العملية تكشف عن وجود عمليات تهريب سابقة تمت بالطريقة ذاتها ونجحت لأسباب عدة.

ويقول المحلل الاقتصادي اليمني مساعد القطيبي في حديث خص به "إرم نيوز"، إن من جازف بتهريب تلك المبالغ عبر هذه الطريقة "ربما سبق وقام بعمليات تهريب من خلال هذه الطرق، وربما نجح فيها وهذا ما جعله مطمئنا وجازف في تهريب مبلغ بهذا الحجم".

وأكد أن الأموال فعلًا لم تخرج جميعها من البنك المركزي بعدن، وقال "لو أنها خرجت من البنك لصرح البنك بذلك فور القبض عليها، وفي حال افترضنا أن البنك المركزي أخرج مبالغ بهذا الحجم فلن يقوم بتهريبها بتلك الطريقة التي تمت، وإذا كانت فعلاً تتبع شركة الكريمي للصرافة، فإنه يجب أن تتم عملية تحويلها بعلم وموافقة البنك المركزي ذاته".

وأضاف القطيبي، أن "مبالغ بهذا الحجم يتم تحويلها عن طريق عمليات التهريب كافية لتجعلنا متأكدين أن المبررات التي تحدثوا بها ما هي إلا مبررات يحاولون من خلالها تغطية فضيحتهم".

استنزاف العملة المحلية

ويؤكد القطيبي "بأن شركة الكريمي استغلت الفرصة لتهريب أضعاف المبلغ المذكور بحجة انها المرتبات التي دفعها البنك المركزي لموظفي تعز".

وعن أسباب ذلك يوضح القطيبي، أن الهدف من ذلك "هو استنزاف العملة المحلية، وإفراغ عدن والمحافظات المحررة من السيولة النقدية، ورفد المحافظات الخاضعة لسيطرة الانقلابيين بالسيولة، لإظهار بأن عدن كعاصمة وبنكها المركزي قد فشلا في القيام بالمهام المناطة بهما، وهذا يؤكد أن الكريمي أحد أكبر المتهمين بهذه الواقعة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com