هل يبقى محمود عباس رئيسًا للفلسطينيين للأبد؟
هل يبقى محمود عباس رئيسًا للفلسطينيين للأبد؟هل يبقى محمود عباس رئيسًا للفلسطينيين للأبد؟

هل يبقى محمود عباس رئيسًا للفلسطينيين للأبد؟

كشف تقرير بريطاني أنه في الوقت الذي بلغت فيه نسبة المؤيدين لتنحي الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبومازن" 64% من الشعب الفلسطيني، يسعى الأخير لتهميش منافسيه المحتملين، وتمكين أعوانه ممن يتبنون فكره، من تسيير أعمال الأراضي المحتلة، حتى يبقى بصورة أو بأخرى حاكماً للأبد.

ويرى التقرير، الذي نشره موقع International Business Times أنه على الرغم من النداءات المتكررة بتعيين نائب له، إلا أن عباس الذي يبلغ الثمانينات من العمر، لا يرغب في وضع وريث واضح لأسلوبه في قيادة السلطة الفلسطينية.

ويدرك رجال عباس في فتح والسلطة، بحسب التقرير، أن عليهم التحرك بسرعة حيال انتقال السلطة في حال وفاته ، فبموجب القانون الفلسطيني، ينبغي على مكتب الرئيس العودة تلقائياً لرئيس المجلس التشريعي لحين إجراء انتخابات وطنية.

بيد أن المجلس التشريعي الفلسطيني معطّل منذ عام 2006 عندما خاضت حماس وفتح حرباً أهلية قصيرة أسفرت عن استيلاء فتح على الضفة الغربية وحماس على غزة.

أفق مسدود والانقسام واضح

وعلى أرض الواقع يشغل عزيز الدويك الذي ينتمي لحركة "حماس"، منصب الرئيس الحالي للمجلس التشريعي الفلسطيني، بينما قيادة حركة فتح، التي تهيمن على المجلس، لا يرغبون برؤية غريمهم التقليدي يستولي على السلطة، حتى لو كان ذلك لفترة قصيرة.

وبالتزامن مع ذلك، تتعاظم خشية إسرائيل من وجود رئيس إسلامي في السلطة الفلسطينية لعدم امتلاكها أي صلات مباشرة مع "حماس"، وتزداد التخوفات من أن الولايات المتحدة تحت رئاسة ترامب ستعلق المساعدات لفلسطين إن سيطرت عليها "حماس".

وعلى الرغم من الوعد المتكرر طوال العقد الماضي بعقد الانتخابات "خلال 6 أشهر" في الأراضي الفلسطينية، إلا أن الرغبة لإجراء الانتخابات غير موجودة لمنع "حماس" من تحقيق مكاسب في الضفة الغربية، وحتى لو وُجدت الرغبة، تصطدم مهمة تنظيم انتخابات بعقبات رئيسة، أهمها منع إسرائيل إجراء انتخابات في القدس الشرقية التي تحتلها.

ومن الأرجح أنه خلال عدة ساعات من انتهاء حقبة عباس لأي سبب كان، ستعين حركة فتح قائداً جديداً، تماماً كما فعلت قبل 13 عاماً وعيّنت محمود عبّاس بعد وفاة عرفات في مستشفى فرنسي، وكان عرفات عيّن عباس خلفاً له على مضض، وأمضى السنوات الأخيرة من حياته وهو يحاول تهميش ولي عهده.

وعلى الرغم من العداء بين الرجلين، إلا أن عباس تعلم الدرس جيداً فحافظ على هيمنته الشخصية في السياسة الفلسطينية حتى هذه اللحظة.

ومن المتوقع في حال توفى عباس، الذي تسببت اضطرابات صحية بتكرار دخوله للمستشفى خلال العام الماضي، أن يخلفه رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة في السلطة والقيادي القوي في فتح جبريل رجوب.

ويتمتع الرجوب بشعبية واسعة في الخليل، فلديه السلاح والمال، ولديه حضور قوي ويحظى بدعم من أعضاء آخرين في قيادة "فتح"، وتمكن أخيراً من صنع اسم لنفسه كرئيس لاتحاد كرة القدم الفلسطيني الذي شن حملة واسعة وعلى أعلى مستوى في قضية وضع لاعبي كرة القدم الفلسطينيين الذين تمنعهم السلطات الإسرائيلية من السفر، للمشاركة بمباريات دولية.

فعباس بلا نائب حتى اللحظة، ولم تظهر أي علامات على أنه سيقوم بتعيين واحد، وهو يرأس عالماً سياسياً فلسطينياً ليس فقط مقسّماً بين "فتح" و"حماس"، بل أيضاً بين فصائل مختلفة من كلا الطرفين، وفي الوقت نفسه، يتصاعد الغضب من السلطة  في الشارع الفلسطيني.

كما أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زاد الطين بلة بتعهده بنقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى القدس؛ ما يشير إلى أن واشنطن تخلت عن خيار "حل الدولتين" الذي بموجبه تعتبر القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الحل السلمي لا يرضي الشارع

ويشعر الفلسطينيون بشكل متزايد أن السعي السلمي لإنشاء الدولة "غير نافع"، إذ وجد استطلاع أعده "المركز الفلسطيني للبحوث والسياسة" أن أكثر من 50% من الجمهور يؤمنون بالعودة لانتفاضة شعبية مسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وبسبب ذلك تلوح أزمة في الأفق، ويبدو أن عبّاس إما غير مجهز أو غير راغب بمواجهتها، وعلى العكس من ذلك، قام بقضاء النصف الثاني من عام 2016 معززاً من هيمنته الشخصية في السياسة الفلسطينية من خلال تطهير حركة "فتح" من منافسيه وملء المحكمة الدستورية الفلسطينية التي أنشأها حديثاً بقضاة موالين له، واستبعاد عدد من كبار أعضاء فتح من القيادة خلال المؤتمر السابع للحركة والذي عقد في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أمثال وزير العلاقات الدولية السابق نبيل شعث لإمكانية خلافتة لعبّاس.

وعمل الرئيس الفلسطيني على رفع الحصانة عن 5 من كبار أعضاء حركة "فتح"، من بينهم خصمه محمد دحلان، وهو الرئيس السابق للحركة في غزة، الذي نفاه عباس من الضفة الغربية في عام 2011؛ ما زاد احتمالية ادانتهم بتهم فساد.

دحلان الذي يروّج لنفسه بأنه يحظى بولاء الضفة الغربية وغزة فضلاً عن دعم الولايات المتحدة وإسرائيل، كان منبع العداء بين مؤيدي وتابعي عباس في منظمة التحرير الفلسطينية.

ووفقاً لاستطلاع حديث أجراه "المركز الفلسطيني للبحوث والسياسة"، فإن 64% من الشعب الفلسطيني يرغبون بأن يستقيل عباس، وارتفعت هذه النسبة من 61% قبل ثلاثة أشهر فقط، فيما ثلث الشعب الفلسطيني لديهم ثقة في قيادة فتح بينما اعترض 56% على القرار الأخير لفتح بإبقاء عبّاس رئيساً لخمسة أعوام إضافية. ولو أجريت انتخابات رئاسية غداً، فيكاد يكون من المؤكد أن عبّاس سيخسر.

5 أعوام قادمة لعباس

ويحاول عباس الحفاظ على سيطرته أو ربما لا يريد المخاطرة بتعيين خليفة له في وقت مبكر جداً وأن يتنازل عن موقعه السيادي في فلسطين آملاً بالعيش 5 سنوات أخرى، لكن مع وجود بنيامين نتنياهو في "تل أبيب" ودونالد ترامب في واشنطن قد تصبح الأمور أكثر سوءاً بالنسبة للفلسطينيين، الذين يعانون منذ فترة طويلة.

 وفي حال كان للشعب الفلسطيني خيار، عدا عن منظمة التحرير لانتخاب قائد فلسطيني جديد، فسيكون هناك فائز واحد، وهو مروان البرغوثي.

وأعلنت آخر الاستفتاءات، التي وضعت البرغوثي مقابل إسماعيل هنية قائد "حماس" ومحمد دحلان المفصول من "فتح"، فوز البرغوثي بوضوح حيث حصل على 36% من الأصوات، وهنية 20% وفقط 4% لدحلان، ومقابل هنية وحده فإن البرغوثي يضمن 59% من الأصوات الفلسطينية.

التوقعات على الأرض

وقال غرانت روملي الباحث في مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" ومؤلف سيرة حياتية جديدة حول عباس، والذي حضر المؤتمر السابع لفتح: "الحركة خفضت مندوبيها من 2200 مندوب في عام 2009 إلى ما يزيد قليلاً عن 1300 في عام 2016 وفي اليوم الثاني من الحدث، الذي لم تدعُ إليه وسائل الإعلام، قدم عباس خطابا مدته 3 ساعات وبّخ خلاله منتقديه ودافع عن موقفه لإثبات وجوده منفرداً".

ويرى روملي أنه "بعد إخراج شعث ودحلان من الصورة، على الأقل طالما عباس على قيد الحياة، فإن الانتباه يتحول إلى مرشحَين رئيسَين آخرين للرئاسة، وهما جبريل رجوب ومروان البرغوثي، في ظل ضعف الخيارات الأخرى وعدم قبولها شعبياً".

ودعا البرغوثي، الذي يطلق عليه مؤيدوه لقب "مانديلا فلسطين" إلى وقف التعاون الأمني مع إسرائيل والذي سيكون بدوره خياراً راديكالياً لقائد يعين أو ينتخب بعد عباس، والذي أمضى آخر 15 عاماً من حياته في السجون الإسرائيلية، حيث حكم عليه بالسجن المؤبد 5 مرات متتالية بسبب انخراطه في الجناح المسلح لحركة فتح خلال الانتفاضة الثانية (2001 إلى 2005).

لكن التساؤل الباقي هو عن إمكانية تعيين رئيس مسجون في السجون الإسرائيلية، حيث يوجد بعض المرشحين الجيدين الآخرين أيضاً منهم ماجد فرج، رئيس مخابرات فتح، وهو مقرّبٌ من عبّاس ويملك صلات جيدة مع الإسرائيليين والأمريكيين.

أما صائب عريقات وهو رئيس الفريق الفلسطيني المفاوض فهو موال لعبّاس لكنه يحظى بدعم قليل من الشارع الفلسطيني حيث وصلت نسبة مؤيديه 1% فقط. ومحمد أشتيه هو خبير اقتصادي بارع وشارك بكثافة في سلسلة من المفاوضات غير المثمرة مع إسرائيل.

ومن المرشحين المرجحين أيضاً للإحلال محل عبّاس هما سلام فيّاض رئيس الوزراء الفلسطيني السابق ورامي حمد الله، الرجل الذي حل محل فيّاض، إلا أن كليهما يشتركان بحصة مماثلة لحصة عريقات من نقص الدعم الشعبي ويملكان صلات وثيقة مع عباس.

وكما يظهر الدعم للبرغوثي، وكذلك قائد حماس هنية، حسب الاستطلاعات، فإن الشارع الفلسطيني يرغب بالتخلص من نهج عبّاس نحو الاحتلال الإسرائيلي، الذي يعتبر في أفضل حالاته بأنه واقعي بينما في أسوأ الحالات ينظر إليه على أنه تعاون مباشر مع الاحتلال .

وسيتوجب على الرئيس الفلسطيني القادم عكس هذا الشعور إن كان يريد تجنب حدوث عنف داخلي مثل الذي تبع انتخابات عام 2006 في الضفة الغربية وغزة.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com