أردوغان يتجاوز تقاليد تاريخية ويهمش أتاتورك كرمز جامع للأتراك
أردوغان يتجاوز تقاليد تاريخية ويهمش أتاتورك كرمز جامع للأتراكأردوغان يتجاوز تقاليد تاريخية ويهمش أتاتورك كرمز جامع للأتراك

أردوغان يتجاوز تقاليد تاريخية ويهمش أتاتورك كرمز جامع للأتراك

بعد عقود من زرع قيم العلمانية بتوجهات رسمية لتخليد صورة مصطفى كمال أتاتورك في وجدان الأتراك كرمز جامع ومؤسس للدولة الحديثة، أقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال الأعوام الأخيرة، على خطوات وصفها معارضون بأنها تهميش لأتاتورك وانقلاب على أسس العلمانية.

وفي آخر تلك الخطوات، تجاوز أردوغان تقاليد تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي، ليغيب -على غير عادة رؤساء تركيا السابقون- عن زيارة ضريح أتاتورك في احتفالات عيد الطفولة والسيادة الوطنية، أمس الأحد.

ونيابة عن أردوغان، زار الضريح الواقع في أنقرة، عدد من الوزراء وأعضاء في المجلس الوطني الكبير (البرلمان).

وأثار غياب أردوغان حفيظة معارضين علمانيين، إذ كان الرئيس التركي زار مقامات عدد من السلاطين العثمانيين، وقرأ الفاتحة على أرواحهم، عقب استفتاء شعبي لتغيير الدستور، جرى في 16 نيسان/ أبريل الجاري، ضمن من خلاله أردوغان توسيع صلاحياته، كأول رئيس تنفيذي للبلاد.

ويحمل العيد القومي للطفل والسيادة الوطنية أهمية رمزية ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بأتاتورك إذ كان أول من اقترح الاحتفال بهذا العيد.

إزالة تمثال أتاتورك

وسبق امتناع أردوغان عن زيارة ضريح أتاتورك خطوات أخرى أثارت سجالًا في الداخل التركي، إذ سبق أن أقدم الزعيم السابق لحزب العدالة والتنمية، ذي الجذور الإسلامية الحاكم، على خطوات أخرى فسرها البعض بأنها تهميش لمؤسس الدولة؛ ومنها نقل تمثال أتاتورك الضخم من ساحة رئيسة في مدينة ريزي (معقل أردوغان) إلى موقعٍ جانبي، في كانون الأول/ ديسمبر 2016.

وسبق أن أكد رئيس جمعية الفكر الكمالي، عمر توبراك، على أن نقل التمثال يعد محاولة "لمحو أتاتورك من ذاكرة ريزي" شمال غرب تركيا. كما عمد معارضون إلى تنظيم مظاهرة منددة بنقله.

وقررت السلطات التركية وضع نصب تذكاري يمجد ضحايا انقلاب فاشل كاد يطيح بالحكومة وبأردوغان شخصيًا، منتصف تموز/ يوليو 2016، مكان تمثال أتاتورك.

إلغاء أتاتورك عن العملات المعدنية

كما وجه أردوغان ضربة لإرث العلمانية والنهج الكمالي الذي ظل قائمًا منذ تأسيس الدولة الحديثة في عشرينيات القرن الماضي، بإلغاء صورة أتاتورك عن العملات المعدنية، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016.

وأصدرت المديرية التركية العامة لطباعة وسك العملات، نقودًا معدنية جديدة تلغي صور أتاتورك وتتضمن شعارات تعكس نجاح الحكومة في التصدي للانقلاب الفاشل.

وعبر موالون للحكومة عن ارتياحهم للإصدار الجديد معتبرين أن "الليرة التركية المعدنية الجديدة مستوحاة من صمود الشعب ضد الانقلاب الفاشل". في حين استغرب آخرون إقدام الحكومة على إزالة صورة الزعيم الراحل الذي يحظى بتبجيل شريحة واسعة من الأتراك على مختلف مشاربهم؛ وبشكل خاص القوميين منهم.

ولم تنجح تجارب حكومات سابقة في إزالة صور أتاتورك عن العملات المعدنية، إذ باءت محاولة الزعيم القومي مصطفى عصمت إينونو، ثاني رؤساء الجمهورية، بوضع صوره على العملات، بدلًا من صور سلفه، إذ أعادت حكومة عدنان مندريس، في أربعينيات القرن العشرين صور أتاتورك إلى العملات، بدلًا من صور إينونو.

ثغرة في العلاقات مع القوميين

ورغم أن المزاج العام لدى القوميين الأتراك عقب الانقلاب الفاشل، شهد تغيرًا ملحوظًا، تجلى في دعم الكثير منهم لسياسات أردوغان، بعد أعوام من العداء وتبادل الاتهامات، وسط تشكيك محللين في إمكانية استمرار مثل هذا التقارب، في ظل إمعان حكومة "العدالة والتنمية" في الخروج عن النهج العلماني.

وعلى وقع الاختلافات الجوهرية في الرؤى، وآلية إدارة البلاد، يبدو أن السمة الأبرز للتقارب الأخير بين أردوغان والقوميين الأتراك هو الآنية، إذ لا يمكن تعميمه كتجربة ناجحة.

وعلى الرغم من الغزل السياسي الحالي، بين القوميين وأردوغان، يرى مختصون في الشأن التركي أن ما يجمع أعداء الأمس بعد الانقلاب، لا يقارن بعمق الخلافات، حول غالبية القضايا الداخلية؛ وأبرزها تدخل الحزب الحاكم في سير العملية التعليمية، والابتعاد عن إرث العلمانية الراسخ في مختلف مرافق الدولة؛ كالجيش، والقضاء، والجامعات.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com