مُبادرة عفاش استدارة أم مناورة؟
مُبادرة عفاش استدارة أم مناورة؟مُبادرة عفاش استدارة أم مناورة؟

مُبادرة عفاش استدارة أم مناورة؟

مُبادرة الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح لفتح حوار مع السعودية، والتبرؤ من الدعم الإيراني له ولحلفائه الحوثيين، لا يمكن اعتبارها استدارة في موقف الانقلابيين.

فالواضح أن العنصر الأساس الذي يمكن أن نبني من خلاله مصالحة يمنية، كان غائبًا في طرح صالح، وبدا مقترحه أقرب لصيغة إنشائية، وعاطفية لا تتوفر فيها معطيات وعناصر حقيقية يمكن التعويل عليها.

وأول ما يلفت النظر في مبادرة صالح أنه يحاول استدراج السعودية، ومعها دول التحالف لسحب اعترافها بالحكومة الشرعية التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي، وإخراجها من حلبة التفاوض المُتعثرة في الكويت، وفي نفس الوقت الاعتراف بالمتمردين كطرفٍ يمني وحيدٍ لتقرير مستقبل اليمن وتحديد علاقاته بمحيطه العربي والإقليمي.

وسحب الاعتراف بالرئيس هادي لا يعني فقط، تمكين الانقلابيين من قطف ثمار تمردهم، بل يعني أيضًا، أن قرار تدخل دول التحالف، لدعم الشرعية، لم يكن له سند قانوني، أو أخلاقي، وأنّها تدخلت من أجل مصالحها، وتصفية حسابات، وليس تطبيقًا لقرارات أممية، أو استجابة إقليمية مع ما يلي ذلك من نتائج وتبعات.

أما الطعم الذي رماه عفاش للسعوديّة - وهو يعلن مبادرته - فهو الموقف من إيران، والتبرؤ من العلاقة معها سابقًا والتعهد ضمنيًا، بقطع كل علاقة معها قد يكون فيها تهديد للأمن الإقليمي.

هذا الطعم لم يعد مُغريًا، حتى لو كان صالح صادقَ النية. فتدخُّل إيران في الشأن الإقليمي لم يعد مُرتبطًا بوكلائها المحليين فقط، بل بمخطّطات واستراتيجيات عمل لا يستطيع هؤلاء الوكلاء التحلل منها حتى لو أرادوا.

والسعوديّة ودول التحالف لم تبادر للعمل العسكري، إلا عندما وصل التدخّل الإيراني في الشأن الإقليمي، مستويات خطيرة، ودرجات لم تعد تتحكم فيها القوى المحلية في المنطقة.

والملفت أن عفاش وهو يرمي الطعم للسعوديّة، لم يتخلَّ عن التلويح ضمنيًا، بأعمال ضد استقرار المملكة، عندما قال إنها، عرضة للتقسيم إلى ثلاث دول، رابطًا هذا الخطر بشكل غير مباشر، بالتواجد اليمني الكثيف في السعودية التي قال إن تعدادهم  فيها بالملايين، وكأنه يشير، بشكل خفي، إلى أن اليمنيين المقيمين في المملكة، قد يشكّل بعضهم طابورًا خامسًا، لزعزعة الاستقرار والأمن في المملكة، إذا استمرت خلافات البلدين.

هذا التهديد يكشف الصلات الخفية، والتي تعرفها أو ترصدها الأجهزة الأمنية بين صالح وتنظيم القاعدة في الجنوب، خاصة بعد أن أصبح التنظيم عنصرَ إمداد خلفي لأنشطة القاعدة في كامل الإقليم.

في مبادرة صالح، أو في الطعم الذي رمى به، محاولة واضحة للانفراد بالساحة السياسية اليمنية الداخلية، واستبعاد كل القوى الأخرى التي وقفت في صفوف المقاومة للتصدي للحوثيين وأنصارهم، وكأنه اللاعب الوحيد القادر على التفاوض، وإنجاز اتفاقات  باسمه واسم  حلفائه الحوثيين.

  كذلك فإن محاولة صالح، حصر التفاوض بين حلفه من جهة، وبين المملكة، هي فيما يبدو محاولة  لتجريد  السعودية من حلفائها الإقليميين  الذين استشعروا كما استشعرت المملكة، خطر الانقلاب.

فالغمز الخفي من قناة الإمارات، والإساءة المباشرة للجيش السوداني من خلال الإشارة إلى أنه لم يستطع المحافظة على وحدة السودان، لا يمكن أن يكون مقبولاً من الرياض التي ثمنت عاليًا مساهمة الإمارات والسودان في عاصفة الحزم التي قادتها، وفي عملية إعادة الأمل التي تلتها.

باختصار، مبادرة صالح ولدت ميتةً، وهي في أفضل تقييم لها محاولة للهروب من مفاوضات الكويت ، ومن الاستحقاقات التي قد تفرض على الانقلابيين هناك، وهي في العمق، محاولة لشراء الوقت الذي يعيد الفرصة لتموضع إيران في الإقليم في ضوء انشغالاتها وأولوياتها الحالية في سوريا والعراق ولبنان.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com