logo
العالم العربي

"المستعربون".. سلاح إسرائيل "السري" لتنفيذ المهام المعقدة

"المستعربون".. سلاح إسرائيل "السري" لتنفيذ المهام المعقدة
قوات إسرائيلية في غزةالمصدر: (أ ف ب)
22 أغسطس 2024، 3:25 م

برز دور وحدات "مستعربة" في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، المستمرة منذ أكثر من 10 أشهر، وذلك بعد انتقال المعارك إلى المناطق ذات الكثافة السكانية الكبيرة، وسط الحاجة الإسرائيلية لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات. 

 ويستثمر الجيش الإسرائيلي، إلى حد بعيد، في إنشاء وحدات المستعربين، إذ أسس وحدة من أكثر وحداته تعقيدًا، يُطلق عليها اسم "سييرت متكال"، وظيفتها الأساسية الاندماج في المجتمعات التي يتطلب منها العمل داخلها، إما لتنفيذ مهام الاغتيال، أو الرصد وجمع المعلومات في المهام بالغة الحساسية. 

 وتحيط إسرائيل عمل هذه الوحدة بسرية كبيرة؛ لمنع تحديد هوية الأشخاص المنتمين إليها من جهة، ومنع اكتشاف أساليب عملها من جهة أخرى، ما يجعل رصدها وإحباط أنشطتها أمرًا صعبًا للغاية. 

 ويختلف عمل وحدة "سييرت متكال" عن الجواسيس والعملاء الذين يُجَنَّدُون في بعض المناطق لتحقيق بعض الاختراقات، حيث يكون نشاط هذه الوحدة مرتبطاً بعمليات محددة ثم تنسحب، على عكس عمل الجواسيس الذين يكونون جزءًا من المجتمعات التي يُجَنَّدُون داخلها.

 ويمثل انسحاب وحدات المستعربين مهمة معقدة للجيش الإسرائيلي، ويُخَطَّط لها ضمن خطة دخول وخروج قواته، وعادة ما يستخدم "الحزام الناري" لصناعة حلقة من النار عبر إطلاق مكثف للصواريخ لمنع الوصول إلى عناصر الوحدة إلى حين تأمين إجلائهم، في حال اكتشاف أمرهم أو انتهاء العملية التي كانوا مكلفين بتنفيذها. 

 أبرز العمليات

اغتيال الضيف: اعتبرت عملية اغتيال القائد العام لكتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، محمد الضيف، إحدى أهم العمليات التي شاركت فيها وحدات مستعربين خلال الحرب في قطاع غزة، بحسب ما كشفته تقارير إسرائيلية. 

 وتنكر عناصر من الوحدة بزي بائعي خضار وموظفين أمميين لمراقبة المبنى الذي كانت تشتبه إسرائيل بتردد الضيف عليه، وتحديد الروتين المفاجئ الذي اعتاده الضيف، قبل تنفيذ عملية الاغتيال التي طالته، وقائد لواء خان يونس في كتائب القسام. 

 وبحسب صحيفة "معاريف"، التي كشفت تفاصيل هذه العملية، فإن الوحدة الخاصة كان من المفترض أن تغادر غزة إلى إسرائيل عبر الحدود الشرقية، لكن انتشارًا مفاجئًا لعناصر حماس، جعلها تنسحب من الغرب عبر سفينة حربية أقلتهم من شاطئ بحر غزة.

 تحرير رهائن النصيرات: وشاركت الوحدة ذاتها في عملية تحرير 4 رهائن إسرائيليين أحياء من مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، حيث تنكر عناصر الوحدة بأزياء فلسطينية، واستقلوا شاحنة مدنية، وتظاهروا بأنهم نازحون سينقلون متاعهم إلى بيت جديد في موقع العملية.

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، أن عناصر من الوحدة الخاصة الإسرائيلية تنكروا في زي بائع حطب، وآخر بزي بائع خضار، من أجل رصد المكان والمنزلين اللذين حُرِّر الرهائن منهما. 

 وخلال عملية انسحاب الجيش الإسرائيلي والوحدة المستعربة التي كانت برفقته، تعطلت إحدى الجيبات العسكرية، ما أجبر الجيش الإسرائيلي على التدخل لفرض حزام ناري عنيف للتمكن من إجلاء عناصره، ما أدى إلى مقتل وإصابة مئات الفلسطينيين.

 عمليات أخرى: خلال الحرب المستمرة في غزة، أعلنت كتائب القسام أنها أسرت جنديًا إسرائيليًا خلال توغل لقوات الجيش في مخيم جباليا، شمال قطاع غزة، وبثت فيديو لعملية أسره، لكن سرعان ما نفت إسرائيل اختطاف أي من جنودها، ليتبين لاحقًا أن من اُخْتُطِف هو أحد عناصر الوحدات الخاصة، وهو فلسطيني هرب من غزة منذ سنوات، بعد تجنيده. 

أخبار ذات علاقة

استنفار إسرائيلي في الشمال والجيش يؤكد استعداده لشن الحرب

 

 أقوى الوحدات

 ويرى الخبير في الشؤون الأمنية، رفيق أبو هاني، أن "المستعربين من أهم وحدات الجيش الإسرائيلي وأقواها على الإطلاق"، لافتًا إلى أن المؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية توكل لها أصعب المهام وأعقدها. 

 وقال أبو هاني، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "إسرائيل تعتمد على هذه الوحدة لسهولة زرعها في مجتمعات العدو، خاصة أنها تمتلك مهارات استثنائية من النواحي العسكرية والأمنية والفنية، علاوة على أن عناصرها يتحدثون اللغة العربية بطلاقة شديدة". 

 وأوضح أن "إسرائيل لا يمكن لها أن تنفذ العمليات الاستثنائية والمعقدة دون وجود وحدة من المستعربين على الأرض، والتي توفر لها الحماية من الجو، وتضع قبل زرع عناصرها خطط إخلاء"، مبينًا أن إسرائيل تدرك أهمية العنصر البشري بأي عملية خاصة. 

 وأضاف: "إسرائيل أنشأت تلك الوحدات منذ عقود طويلة، واستخدمتها بشكل رئيس خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث كانت تلك الوحدة الجهة المسؤولة عن اعتقال عناصر الفصائل الفلسطينية والمشاركين بالمظاهرات والاحتجاجات".

 وأشار أبو هاني إلى أن "الاعتماد على تلك الوحدات تطور خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وبرز دورها بشكل أكبر في الوصول إلى المسلحين الفلسطينيين، واعتقال المطلوبين من قلب المخيمات"، لافتًا إلى أنه من المؤكد أنها ركن أساس بالحرب الإسرائيلية على غزة.

 وتابع: "بتقديري في ظل الفوضى الأمنية التي يعيشها القطاع، وحالة النزوح الكبيرة والمتكررة للسكان، فإنه بات من السهل على إسرائيل زرع المستعربون في كل مكان من القطاع، خاصة منطقة المواصي التي نفذ بها عدد من عمليات القصف والاغتيال لقادة حماس والفصائل الفلسطينية".

 فرقة استثنائية

بدوره، قال المختص في الشأن الإسرائيلي، عمر جعارة، إن "هذه الفرقة استثنائية بالنسبة للجيش الإسرائيلي، خاصة أنها قادرة على التخفي بالأزياء الفلسطينية سواء الخاصة بالرجال أو النساء، ويمكنها الوصول لأهدافها بدقة عالية". 

 وأوضح جعارة، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "هذه الوحدة تعتبر التخفي الوسيلة الأنسب للوصول إلى الهدف، وهي تعمل بشكل أكبر في الضفة الغربية منه في قطاع غزة، خاصة مع صغر المساحة الجغرافية للقطاع وغياب الحياة المدنية المتنوعة". 

 وأضاف أن "المهمة الرئيسة لهذه الفرقة عمليات الاغتيال، كما أنها الأقدر على التنكر، ومن الصعوبة اكتشافها بسبب المهارة العالية لعناصرها واختيارهم ما يريدون بدقة عالية جدًا"، لافتًا إلى أن للفرقة تدريبات عسكرية وأمنية خاصة. 

 وزاد جعارة: "لا يمكن لهذه الفرقة أن تعمل بحرية أكبر مما تحصل عليه في عملها في الضفة الغربية، ولا يمكنها التخفي لمدة طويلة داخل القطاع، ما يجعل مهامها خاطفة للغاية، ولا يمكن أن تستمر أكثر من أسابيع قليلة"، وفق تقديره.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC