حصاد أجهزة "البيجر".. كيف حدث الخرق الكبير وما لغز الشركة المنتجة؟ (فيديو إرم)

تعد عملية "البيجر" الخرق الأمني الكبير الأكثر تطوّراً بتحليل الخبراء أوّلاً، وباعتراف ميليشيا "حزب الله" نفسه ثانياً، قبل إسرائيل  التي أوصت أجهزتها بعدم التعليق على العملية. فأين حصل ذلك الخرق؟ وما الذي حدث لتلك الأجهزة؟ ومَنْ هي الفئة الأكثر تضرّرا في "حزب الله"؟ والأهم ما التبعات العسكرية للعملية؟.

هجوم على سلسلة التوريد

"Supply chain attack... في التحليل العلمي، ذلك ما حصل في لبنان مع انفجار أجهزة النداء لدى جماعة حزب الله، أي أنّ الثغرة الأمنية حصلت قبل عملية زرع العبوة وليس بعدها، لأنّ الحزب لا يلجأ إلى اي عملية مناقصة أو مراسلة مع الشركات لدى شرائه المعدّات، كما لا يلجأ إلى الطرق الشرعية، بل لديهم قنوات عبر مصالدر موثوقة"... ذلك ما يقوله الخبير في التحوّل الرقمي وأمن المعلومات رولاند أبي نجم لـ "إرم نيوز". 

غموض حول شركة BAC المجرية

وبعد نفي شركة "Gold Apollo" التايوانية تورّطها بإنتاج تلك الأجهزة، وإعلانها أنّ ثمة اتفاقية مع شركة "BAC Consulting KFT" -مقرّها في عاصمة المجر- تخوّلها باستخدام علامتها التجارية، كان من الطبيعي التوجه إلى المجر إذًا.

البحث عن عنوان الشركة في بودابست، يقود إلى ذلك المبنى عبر العنوان البريدي المسجل لشركة "BAC Consulting KFT"، وهي الشركة التي يُزعم أنها أنتجت أجهزة النداء التي تستخدمها ميليشيا "حزب الله.

ولدى سؤال مراسل وكالة "فرانس برس" في المجر عن شركة "BAC"، تبيّن أن ليس للشركة مكتب في العنوان البريدي المسجل، وقد قال أحد السكان المحليين إنّ ذلك المبنى يوفّر عناوين أعمال افتراضية.

ومن هنا فالغموض ما زال يكتنف ماهية شركة "BAC"، فيما لا يؤدّي مراجعة موقع الشركة على الإنترنت إلّا إلى تعميق ذلك اللغز. وتُظهر خدمة تسجيل الأعمال "Opten" أنّ "BAC" تأسست في 19 مايو/ أيار 2022، لأغراض متنوعة تتراوح من الاستشارات التجارية إلى بيع المجوهرات. وهنا يقول أبي نجم: "من الممكن أن تكون تلك الشركة وهمية بهدف تمرير الأعمال الأمنية التي شاهدناها".

حزب الله.. تحقيق في عملية الخرق الكبير

من المعلومات التي حصل عليها "إرم نيوز"، أنّ "حزب الله" يستخدم ذلك الجهاز منذ زمن بعيد في بعض الأمور العسكرية، لكن بشكل أوسع، فإنّ ذلك الجهاز يُستخدم لتنبيه العناصر تجنّباً لاستخدام الهاتف الخلوي أو الأرضي، فيتمّ إرسال إشارة ما أو كلمة ما عبره لينتقل بالتالي عنصر "حزب الله" من مكان إلى مكان آخر، حيث يتمكّن من التواصل بشكل آمن، واستخدام ذلك الجهاز يكون أكثر في أوقات الاستنفار.

كيف حصل الخرق؟

ويقول مصدر في ميليشيا "حزب الله" إنّ ذلك الخرق حصل بشكل أساسي في اللحظة التي بدأت فيها الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إذ اضطر الحزب إلى تسليم ذلك الجهاز إلى عناصر غير عسكرية، بمعنى أنّها تقوم أيّام السلم بأعمال لوجستية وتنظيمية أو إعلامية وغيرها، خصوصاً أنّ ذلك الجهاز يمكّن الحزب من ضبط حركة العناصر بطريقة سهلة.

المصدر يفيد بأنّ الخرق الأمني الكبير لم يحصل داخل الحزب إلّا بمعرفة عبر أحد عناصر "حزب الله" المخترقين، من مصدر حصول الحزب على تلك الأجهزة، ومن الممكن أن يكون ذلك الخرق حصل بطريقة تقنية أو تجسّسية.

ويضيف المصدر: في العادة، يستورد "حزب الله" أيّ معدات يحتاجها بطريقة معقّدة، أيّ أنّه لا يستوردها عبر أشخاص مشبوهين، بل عبر شركات لديها سجل تجاري، وتعمل ضمن مجالات تتيح لها استيراد تلك الأجهزة أو غيرها كي لا يثير الشكوك، وعادة يتمّ الاستيراد من شركة عبر أخرى لتصل في النهاية إلى الحزب، وإسرائيل كشفت تلك الحلقة.

ويقول أبي نجم: "هناك حلقة ضيقة من المفترض أن تكون موثوقة من قبل الحزب تتولى تلك الأمور لأسباب أمنية، ومن ثم ثمةّ احتمالان، الأوّل أن تلك الشبكة مخترقة عبر أشخاص، فيما الاحتمال الثاني أنّ كل الاتصالات التي يجريها الحزب تتمّ مراقبتها لمعرفة التفاصيل الكاملة".

ويوضح المصدر أنّه بعد الحرب اضطر "حزب الله" لاستيراد شحنة من تلك الأجهزة، التي حتماً لم يتم استبدالها في أيّ محطة مرّت بها، بل تمّ تفخيخها من المصدر، كما أنّ احتمال تفخيخ الأجهزة في مخازن الحزب أمر معقّد جدّاً، ويكاد يكون غير ممكن.

كيف انفجرت أجهزة البيجر؟

ويؤكّد المصدر، أنّ عملية التفخيخ لم تكن بتوقيت زمني محدّد "TIMER"، بمعنى آخر أنّه لم يتم تحديد تفجير الأجهزة منذ لحظة بيع الأجهزة، بل تمّ تفجير الأجهزة بخطوات تقنية أدّت إلى انفجار العبوّة، ومن خلال جهاز زُرع داخل الأجهزة يعطي إمكانية للمشغل برفع درجة حرارة البطارية، وذلك ما حصل، إذ إنّ الانفجار حتماً ليس انفجار بطارية، بل حشوة أو عبوّة صغيرة جدّاً وزنها لا يزيد على 15 غراما، وتمّ تفجيرها بطريقة لا سلكية.

وبشكّل عام، فإنّه لا يمكن التحكم بذلك الجهاز، أيّ أنّه لو لم يكن مفخخاً لما تمكن أحد من تفجيره، لذلك تمّ تفجيره من خلال عبوة وقد زُرع جهاز آخر فيه ليتم التحكم فيه لاسلكياً.

ويختم أبي نجم أنّ "ما حصل في صفوف "حزب الله" يعد ضربة كبيرة للغاية بالنسبة له، وربّما تكون شبكة اتصالات الحزب باتت مخترقة بعد عملية اغتيال القيادي فؤاد شكر، ومن ثم فإنّ أقوى سلاح اليوم هو الاتصالات، وقد بات يعلم "حزب الله" جيّداً أنّه بات مكشوفا بشكل كبير، وليس من المعلوم ما الخيارات المتاحة أمامه اليوم بعد ذلك التطوّر".

 

شاهدوا ايضاً: المعركة الأكثر دموية بين روسيا وأوكرانيا.. هل تحسم بوكروفسك المعركة شرقاً؟