logo
العالم العربي

رئيس الشاباك السابق: إسرائيل بحاجة قيادة جديدة لتطلق مسار حل الدولتين

رئيس الشاباك السابق: إسرائيل بحاجة قيادة جديدة لتطلق مسار حل الدولتين
11 أبريل 2024، 8:44 م

قال الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، عامي أيالون، إن زعماء إسرائيل فشلوا في تحديد الأهداف السياسية للحرب على غزة، وعند هذه النقطة فإن القتال المستمر لن يقرب الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني من السلام طويل الأمد.

وأضاف أيالون، في مقال نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، أنه "يتعين على إسرائيل الآن أن تطلق مسارًا دبلوماسيًا يحيي الهدف النهائي المتمثل في حل الدولتين، وهي بحاجة إلى قيادة جديدة للقيام بهذه المهمة".

واعتبر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة "حرباً عادلة"؛ لأنها جاءت ردًا على هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكنه قال إنها حرب قاسية بشكل خاص، لأن القتال يجري في مراكز سكانية مزدحمة، ولأن "العدو حوّل المدارس والمساجد والمستشفيات، وهي الأماكن التي يلجأ إليها المدنيون، إلى أماكن قتال".

وأكد أيالون أنه "بينما يختبئ قادة حماس ومقاتلوها في أنفاق غزة، التي تمتد لمئات الأميال، فإن المدنيين يظلون عزلًا في خط النار".

وقال إنه من المفهوم أن الفلسطينيين ينظرون إلى الصراع بشكل مختلف عن الإسرائيليين، إذ يتسامح أغلبهم مع حماس، أو ربما يدعمونها، لأنها في نظرهم تشن حرب تحرير ضد الاحتلال الإسرائيلي، حتى لو رفضوا أجندتها التي وصفها بـ"المتطرفة"، أو اعترفوا بالفساد المتأصل في تضحيتها بالمدنيين.

وأشار الكاتب إلى أنه مع مرور الوقت، واستمرار أعداد القتلى الفلسطينيين في الارتفاع، فإن الفظائع التي ارتكبتها حماس، في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تتلاشى من الوعي العام العالمي، فقد أضعفت إسرائيل قضيتها حتى تتمكن من اكتساب الأرضية الأخلاقية للحرب.



مكانة إسرائيل الدولية

وتابع أيالون: "الهجوم الأخير الذي أدى عن طريق الخطأ إلى مقتل 7 عمال من منظمة الإغاثة العالمية (المطبخ المركزي العالمي)، الذين كانوا يحاولون توفير الغذاء لسكان غزة، أدى إلى المزيد من إضعاف مكانة إسرائيل الدولية؛ فقد تحوّلت السردية العالمية بشكل نهائي لصالح أعداء إسرائيل"، وفق تعبيره.

ورأى أن إسرائيل تحتاج إلى استعادة هذه السردية إذا أرادت الفوز بالحرب على نطاق أوسع، وذلك لا يتطلب اختيار خطاب مختلف، بل يتطلب من إسرائيل تغيير نهجها.

وشدد على أنه لن يتسنى لإسرائيل استعادة الدعم الذي تحتاج إليه من شركائها في أوروبا، والشرق الأوسط، والولايات المتحدة، إلا من خلال إظهار التزامها بالتوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض، وهو الدعم الذي تضرر بفعل الأشهر الستة الماضية من الحرب في غزة.

واعتبر الكاتب أنه خلافًا للصراعات السابقة، فإن منطقة القتال اليوم لا تقاس بمدى توفر الأسلحة، بل بمدى وصول إشارة الإنترنت.

وأوضح أيالون أنه "بالنسبة للعديد من المشاهدين في الوطن، أصبحت الحرب أشبه بمسلسل تلفزيوني قصير يتوصل فيه الناس في جميع أنحاء العالم إلى استنتاجات حول عدالة عملية عسكرية معينة، ليس على أساس نقاش قانوني، ولكن من خلال منظور ما يشاهدونه عبر وسائل الإعلام".

ورأى أن "الجمهور هو الذي يقرر من هو على حق، ومن ليس على حق، ومن هو الطرف الصالح من الطرف السيىء، وبالتالي يمارس الضغوط على حكومته لحملها على صياغة السياسات وفقًا لذلك".

وشدد أيالون على أن "التأثير التراكمي للرأي العام العالمي أمر بالغ الأهمية لاحتمالات انتصار إسرائيل في الحرب، وإذا أوقف شركاء إسرائيل دعمهم العسكري أو الاقتصادي أو الدبلوماسي في لحظة محورية، فقد تخسر إسرائيل الحرب رغم النجاحات التي حققتها في ساحة المعركة".

وحذّر من أن ما يراه العالم الآن هو إسرائيل التي تنكر حكومتها وجود الشعب الفلسطيني، وتسعى جاهدة لإقامة "إسرائيل الكبرى" من خلال بناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية - وربما في غزة أيضًا - والتحرك نحو ضم أجزاء منها، ومن خلال هذه العدسة، فإن الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة تبدو أقل شبهًا بحرب عادلة تشن دفاعًا عن النفس، بقدر ما تبدو أشبه بعمل من أعمال العدوان التوسعي.

وتابع أيالون: "إسرائيل لا تستطيع أن تكسب هذه الحرب بمجرد نزع سلاح حماس والقضاء على قيادتها، وحتى لو انتصرت إسرائيل في ساحة المعركة، فإن أيديولوجية حماس لن تختفي، ولن تُهزم حماس حقًا إلا عندما تفقد دعم الشعب الفلسطيني".

واستطرد: "ولكي يحدث ذلك، لا بد أن يكون لدى الفلسطينيين من الأسباب ما يجعلهم يؤمنون بالعملية الدبلوماسية التي من شأنها أن تؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية تعيش إلى جانب إسرائيل".



الأفعال بدلًا من الأقوال

وشدد الكاتب على أنه يتعين على إسرائيل القيام بأمرين لتغيير القصة، هما: اختيار قادة جدد، والعودة إلى هدف حل الدولتين كجزء من نهاية دبلوماسية لهذه الحرب.

وقال أيالون: "من أجل استعادة الدعم العالمي، يجب على إسرائيل - الدولة التي أسست بعد المحرقة لحماية بقاء الشعب اليهودي - أن تقبل قرارات المجتمع الدولي، وأن تعمل على خلق واقع الدولتين لشعبين".

لكنه اعتبر أن السعي إلى تحقيق واقع الدولتين ليس مجرد وسيلة لاستعادة الدعم الدولي، وأنه من الأهمية بمكان تحقيق النصر السياسي على حماس، وضمان أمن إسرائيل في الأمد البعيد".



حرب بلا نهاية

وأورد الكاتب ما نشره الجنرال الإسرائيلي المتقاعد الذي تحول إلى باحث، يهوشافاط هركابي، في كتابه "الحرب والاستراتيجية" الصادر عام 1990، إذ قام بالتمييز بشكل حاسم بين تفكير القادة العسكريين وتفكير رجال الدولة.

وفي هذا الصدد، ذكر الكاتب "في التفكير الدبلوماسي، العدو هو كيان إنساني وسياسي يحتاج أيضًا إلى كسبه وإرضائه، أما في التفكير العسكري نحن غير مبالين بآلام الخصم، وبالتالي نسعى إلى زيادتها؛ وفي التفكير الدبلوماسي يجب أن نضع في اعتبارنا آلامه أيضًا".

ومن هذا المنطلق، اعتبر الكاتب أنه لا يوجد لإسرائيل في هذه الحرب رجال دولة ولا تفكير دبلوماسي، وقال: "لقد ترك هذا الفشل في القيادة إسرائيل من دون مفهوم للنصر يتجاوز الإنجازات العسكرية، وأصبحت الحرب غاية في حد ذاتها، وليست وسيلة لتحقيق واقع سياسي أفضل، واليوم تغرق إسرائيل في الرمال المتحركة في غزة".

وتابع: "يتعين على إسرائيل أن تعترف بأن أخطاء الماضي التي ارتكبتها هي التي مكنت حماس من شن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، الذي يعتبره أغلب الفلسطينيين الآن انتصارًا، وتشمل هذه الأخطاء سياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لدعم حماس، التي تضمنت تشجيع قطر على إرسال ملايين الدولارات للحركة، في حين تعمل على تقويض السلطة الفلسطينية، منافس حماس في الضفة الغربية".

واعتبر أيالون أنه لتحويل انتصار حماس إلى هزيمة، يتعين على إسرائيل اغتنام هذه اللحظة للشروع في المسار الدبلوماسي، مؤكدًا أنه لم يعد بوسع إسرائيل أن تحقق أي أهداف ذات معنى من خلال مواصلة أو تكثيف عمليتها العسكرية في غزة.

وأشار إلى أن المضي قدمًا في محاولة قتل ما تبقى من قادة حماس لن يجلب لإسرائيل نصرًا سياسيًا أوسع نطاقًا، حتى لو تم تحقيق هذا الهدف الضيق، بل لن يؤدي إلا إلى تعزيز قوة حماس في الشارع الفلسطيني.

وطالب الكاتب إسرائيل بالاختيار بين مسارين للعمل، الأول يقوم على مواصلة الاحتلال والضم الزاحف للضفة الغربية، وهو مسار يعني، بحسب الكاتب، حربًا مستمرة، وعزلة دولية، وخسارة إسرائيل لطابعها اليهودي والديمقراطي.

والمسار الثاني، بحسب الكاتب، يتمثل بالسعي إلى التوصل لاتفاق دبلوماسي يؤدي إلى اتفاق مع الشعب الفلسطيني في إطار إقليمي.

وشدد أيالون على أنه لا يمكن لإسرائيل أن تكون آمنة إلا إذا اختارت الخيار الثاني، والمشاركة في المناقشات الدولية حول "اليوم التالي" للحرب، والتوصل إلى اتفاق إقليمي يستند إلى قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن رقمي 242 و338، اللذين أنشآ إطار "الأرض مقابل السلام" للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وعلى مبادرة السلام العربية، التي أثيرت للمرة الأولى قبل عقدين من الزمن من قبل الأمم المتحدة.

وقال إن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أعاد تذكير الإسرائيليين بأنه لا توجد طريقة لفصل الاحتلال عن الديمقراطية، أو عن الأمن، وأن الجدران وحدها مهما كان ارتفاعها أو عمقها لا يمكنها حماية إسرائيل.

وختم الكاتب بالقول إن المزيد والمزيد من الإسرائيليين يعودون إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم إزاء عجز حكومتهم عن حماية مواطنيها، وتحديد أهداف الحرب القابلة للتحقيق، ويطالبون بإطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، وإجراء انتخابات جديدة لتغيير الحكومة الإسرائيلية.

واستطرد: "إن التحالف الذي يستبعد المتطرفين اليمينيين هو وحده القادر على رسم المسار نحو السلام الدائم، وبوجود قيادة إسرائيلية جديدة جريئة تعترف بفشل السياسات التي طرحها اليمين المتشدد، وبدعم من الجمهور الإسرائيلي وأصدقاء البلاد في جميع أنحاء العالم، قد تتمكن إسرائيل أخيرًا من الخروج من حزنها ومعاناتها، والوصول إلى حل سلمي يتمثل بالتسوية السياسية المستدامة".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC