ما دلالات إنشاء أول مكتب إقليمي لـ"الناتو" في الأردن؟

يأخذ الحديث عن إعلان حلف شمال الأطلسي (الناتو) إنشاء مكتب اتصال إقليمي له في الأردن، تساؤلات بين الأوساط السياسية حول أهداف ودوافع ودلالات هذه الخطوة، التي تأتي في ظل توتر تشهده المنطقة حيث دخلت حرب إسرائيل على قطاع غزة شهرها العاشر.

وأعلن الناتو، في بيان مشترك مع وزارة الخارجية الأردنية، عن إنشاء مكتب اتصال للحلف في عمّان كأول مكتب له في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وصدر قرار إنشاء المكتب عن قمة "الناتو" الأخيرة، التي استضافتها العاصمة الأمريكية واشنطن، بهدف تعزيز نهج التعاون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمواكبة تطورات المشهد الأمني والإقليمي والعالمي، وفق البيان.

شراكة إستراتيجية

وحول دلالات وتوقيت هذه الخطوة يرى حسن المومني أستاذ العلاقات الدولية وفض النزاعات في الجامعة الأردنية وعميد كلية الدراسات الدولية فيها، أن إنشاء مكتب لـ"الناتو" في الأردن يأتي نتيجة لتاريخ من علاقات التعاون المشتركة ما بين الطرفين، والتي بدأت منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، وبمثابة اعتراف بالدور الأردني الوازن في المنطقة، وكعامل استقرار رئيس فيها.

وأضاف في حديث لـ"إرم نيوز"، أن الأردن، عبر العقود، أثبت أنه دولة استقرار، وجزء من أصوات الحلول في المنطقة، وهو بشراكته الإستراتيجية مع "الناتو" لا يكون متفردًا، فغالبية دول المنطقة مرتبطة بشراكات مع الحلف.

وأكد المومني أن العلاقات الدولية ليست أحادية بمعنى أن طرفًا ما سيستفيد على حساب آخر، بل إن كلا الطرفين مستفيد، فهناك مشاريع تدريب عسكرية استفاد منها الأردن، ووصلت قواته العسكرية إلى مستوى أداء قوات حلف "الناتو".

 وأوضح أن شراكات "الناتو" في المنطقة بدأت بمبادرة الحوار المتوسطي، والتي انضم إليها الأردن العام 1995، وكذلك ما عرف باسم مبادرة إسطنبول العام 2004 والتي شهدت انضمام عدة دول في المنطقة.

وبين المومني أن الأردن من أكثر دول المنطقة نشاطاً في تطبيق المعايير المشتركة المتوافق عليها مع "الناتو"، والكل يعلم أن لديه خبرة ومقدرة عالية في مسائل التعاون الإستراتيجي مع "الناتو" ومن بينها حفظ السلام الدولي عبر القوات المسلحة الأردنية، التي شاركت في إرساء وتدعيم الأمن في مختلف دول العالم التي شهدت نزاعات أهلية.

وفيما إذا كانت هذه الخطوة ستؤثر  على العلاقة الأردنية مع الصين وروسيا، قال المومني، إن علاقة الأردن مع "الناتو" ليست جديدة، وهناك دول في الحلف على علاقة قوية مع روسيا ومنها تركيا، والأردن لديه علاقات قوية مع بكين وموسكو في عدة مجالات، ولن تؤثر هذه الخطوة على مسار التعاون المشترك.

حليف موثوق

وبدوره يرى الجنرال المتقاعد من الجيش الأردني ضيف الله الدبوبي، أن هذه الخطوة تأتي في سياق تعاون عسكري، ولا تحمل أبعادًا أخرى، وهي في صميمها تذهب نحو تحقيق أهداف استخبارية يستفيد منها الأردن و"الناتو" على حد سواء، وهي تأتي ضمن سياق تعاون إستراتيجي يمتد لـ30 عامًا.

وقال لـ إرم نيوز، إن "علاقات الناتو في المنطقة ليست محصورة بالأردن بطبيعة الحال فهناك تعاون مع دول عدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكن أهمية هذه الخطوة أنها تُكسب الأردن مزيدًا من الأدوار المتقدمة في المنطقة لجهة تدعيم مساعي تحقيق الأمن والاستقرار".

وأوضح الدبوبي أن "للأردن تاريخًا طويلاً من التعاون المثمر في المجال العسكري مع الناتو والأمم المتحدة، والتي كانت ترى في الأردن حليفًا موثوقًا في قوات حفظ السلام التي أرسى فيها الجيش الأردني السلام في أكثر من دولة".

 ولفت إلى أن افتتاح المكتب الإقليمي لـ"الناتو" سيعود بالنفع على الأردن لجهة التدريب العسكري عالي المستوى، وكذلك مجالات التحليل الإستراتيجي والتخطيط وإدارة الأزمات.

وكان أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ، قال إن إنشاء مكتب ارتباط للحلف في العاصمة عمان، يمثل علامة فارقة في الشراكة الإستراتيجية بين الأردن والحلف، فيما اعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية، أن إنشاء مكتب "الناتو"، في العاصمة عمّان، يدل على دور الأردن الجوهري باستقرار المنطقة.

وتأتي خطوة إنشاء المكتب في ظل إقرار الناتو بدور الأردن المحوري في تحقيق الاستقرار إقليميًا ودوليًا، وبإنجازاته الممتدة في مكافحة التهديدات العابرة للحدود كالإرهاب والتطرف.