logo
العالم العربي

ما الذي أرغم العراق على إبقاء "التحالف الدولي" على أراضيه؟

ما الذي أرغم العراق على إبقاء "التحالف الدولي" على أراضيه؟
عنصر في إحدى الفصائل العراقية المسلحةالمصدر: رويترز
16 أغسطس 2024، 3:20 م

يرى خبراء في الشأن السياسي والأمني أن حرب غزة، واستفحال الميليشيات المسلحة في المنطقة، أرغم العراق على إبقاء قوات التحالف الدولي في البلاد.

وكان من المزمع أن تغادر قوات التحالف الدولي من الأراضي العراقية خلال الأشهر القليلة المقبلة، فيما اكتفت وزارة الخارجية العراقية بالإشارة بشكل مقتضب إلى تأجيل إنهاء مهمة تلك القوات.

وقالت الوزارة، في بيان صحفي نشر على موقعها الرسمي، إنه "تم تأجيل الإعلان عن إنهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي في العراق بسبب التطورات الأخيرة"، دون الإفصاح عن ماهية التطورات، داخلية كانت أم خارجية.

خرائط سياسية وأمنية جديدة

يبدو أن حرب غزة بدأت ترسم خرائط سياسية وأمنية جديدة ليست على مستوى القطاع فحسب، بل امتدت لعموم المنطقة، فبعد عزم العراق إنهاء مهمة التحالف الدولي، ومساعي تركيا وسوريا لتقريب وجهات النظر لإعادة الاستقرار، وتخفيف تصعيد ميليشيا الحوثي اليمنية في البحر الأحمر، تعمل واشنطن على الدفع بالمزيد من قواتها نحو الشرق الأوسط.

ويقول المحلل السياسي، جمعة الدليمي، إن "قرار  العراق بتأجيل إنهاء مهمة التحالف الدولي يأتي بسبب الاضطرابات الأمنية التي تعم المنطقة بشكل عام بعد حرب غزة، واستعدادات المجتمع الدولي وترقبه للرد الإيراني على إسرائيل، عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران".

وأضاف الدليمي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "واشنطن هي القائد الرئيس للتحالف الدولي، والجميع يعلم أنها ترعى إسرائيل وأمنها بشكل كامل، ووجودها في العراق وسوريا عبر الدفاعات الدولية والطيران وغيرها، يساهم في الحد من استهداف إسرائيل وفق التصعيد الحاصل اليوم على أقل تقدير".

ومنذ 17 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، تُصعد الميليشيات العراقية التابعة لإيران هجماتها ضد البعثات الدبلوماسية الأجنبية في العراق، مثل السفارة الأمريكية في بغداد، فضلًا عن استهداف قوات التحالف الدولي التي تعمل بصورة رسمية في محاربة تنظيم داعش المتشدد، والمتواجدة داخل القواعد العسكرية العراقية، لا سيما غربي البلاد.

fd8a136f-2f87-4da5-9859-12cd39f2978c

انفلات السلاح في العراق

ومن جانبه، يرى النائب في البرلمان العراقي، ماجد شنكالي، أن استقرار العراق ما زال هشًا، وأن انسحاب الأمريكان سيعني المزيد من انفلات السلاح في البلاد.

وقال شنكالي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إنه "لا يمكن سحب القوات الأمريكية في الوقت الحالي، ما لم يتم حصر السلاح بيد الدولة، ومنع أي سلاح منفلت من العبث بأمن البلاد".

وأشار إلى أن "استقرار العراق هش مع الاضطرابات كلها في المنطقة، خصوصًا ما يجري اليوم من تصعيد إقليمي بين إيران وواشنطن وإسرائيل، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على أمن البلاد".

وتسببت الحرب في غزة بزيادة نشاط الميليشيات العراقية، التي دائمًا ما تحتاج إلى ذرائع واضطرابات أمنية لإعادة حراكها على الساحة الداخلية والخارجية في ذات الوقت.

ويقول الخبير الأمني والعسكري، علي الشمري، إن "نشاط الميليشيات المسلحة بعد حرب غزة، لا نظير له منذ سنوات، خصوصًا أنها كانت في حالة شبه سكون، حيث لا حروب في المنطقة، لكن اليوم بدأت تلك الميليشيات بالاستفحال والتمرد حتى على القرار الأمني للدولة".

وأضاف الشمري، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "المراقب لحراك القوات الأمريكية في العراق، يعي جيدًا أنها لا تنوي الخروج على المدى القريب، بل بدأت بتعزيز قواتها في الشرق السوري وغرب العراق، وهذا ما نراه عبر إعلان الحرس الوطني الأمريكي إرسال 230 جنديًا جديدًا للانتشار في كل من سوريا والعراق، يعملون ضمن الكتيبة الثانية، فوج المدفعية الميدانية 218".

وأشار الشمري إلى أن "تعزيز القوات الموجودة على الأرض بأعداد من العاملين ضمن كتائب المدفعية، يؤشر على أن واشنطن تستعد لمعركة أرضية لا جوية فقط"، متوقعًا "صدامًا سيحدث بين القوات الأمريكية والميليشيات العراقية خلال الأيام القليلة المقبلة، في حال اشتركت في الرد الإيراني على إسرائيل".

92be6434-6a06-4f26-b332-fb2676dd55f4

ضغوط داخلية وخارجية

بدوره، كشف مصدر سياسي مقرب من مكتب رئيس الوزراء العراقي، عن عدم الرغبة الكاملة للحكومة الحالية بانسحاب قوات التحالف الدولي، مؤكدًا أن حديثها عن ذلك يأتي بسبب ضغوط داخلية وخارجية.

وقال المصدر، في تصريح لـ"إرم نيوز"، شريطة حجب اسمه، إن "الحكومة بشقها السياسي تدرك جيدًا بأن انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق يعني ترك ظهر العراق مكشوفًا للمخاطر الخارجية والداخلية في ذات الوقت، لأن البلاد حتى اليوم ما زالت تفتقر للقدرات العسكرية لمواجهة التحديات الأمنية".

وأضاف أن "رئيس الوزراء يواجه ضغوطًا داخلية من قبل ميليشيات مسلحة، وخارجيًا عبر دولة جارة، للدفع باتجاه انسحاب قوات التحالف، وإنهاء الوجود الأمريكي في البلاد".

وأكد المصدر أن "غالبية السياسيين، بمن فيهم داخل الإطار التنسيقي، لا يرغبون في مغادرة القوات الأمريكية في الوقت الحالي؛ لأنهم يدركون أن هذا سيهز العملية السياسية والأمنية، إلا أنهم لا يتحدثون عن هذا علنًا لخوف بعضهم من قواعدهم الجماهيرية وأجنحتهم العسكرية".

تشكيل التحالف الدولي

وكان الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، قد أعلن في 10 سبتمبر/أيلول عام 2014 عن تشكيل تحالف دولي لمكافحة والقضاء على تنظيم داعش، الذي سيطر على أراض واسعة في كل من سوريا والعراق، وذلك من خلال عمليات عسكرية مشتركة تقودها الولايات المتحدة ضد التنظيم المتشدد.

أخبار ذات علاقة

وسط تصاعد احتمالات الحرب.. ما أبرز الميليشيات الموالية لإيران؟

 واشترك في هذا التحالف 87 دولة لمحاربة تنظيم داعش، منها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأستراليا وكندا وغيرها، حيث تولت بعضها أعمالًا عسكرية، خصوصًا الإسناد الجوي للقوات العراقية، وأخرى لاحقت مصادر تمويل التنظيم وقنوات التجنيد وإعلامه، فيما تولت بعضها مهمة تدريب القوات الأمنية العراقية.

وكان العراق قد وقع عام 2008 اتفاقية "الإطار الاستراتيجي" مع الولايات المتحدة، والتي بموجبها انسحبت القوات الأمريكية من العراق عام 2011، وتركت القوات الأمنية العراقية تعمل بمفردها في مواجهة الاضطرابات الأمنية الداخلية.

وتتعرض القواعد العسكرية العراقية التي تحوي في أجزاء منها قوات التحالف الدولي، ومنها القوات الأمريكية، لهجمات صاروخية تشنها ميليشيات مسلحة موالية لإيران، والتي طالبت في بيانات عديدة حكومة السوداني للدفع باتجاه سحب تلك القوات من العراق.

وفي الوقت الذي تسعى فيه حكومة السوداني، إلى خلق علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة الأمريكية، تقف بموقف محرج أمام واشنطن من جهة، والداخل العراقي من جهة أخرى، لا سيما أنها لا تريد خسارة أمريكا، وفي ذات الوقت ليست لديها القدرة على خوض مواجهة مسلحة مع الميليشيات الموالية لإيران.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC