ليبيا.. هل أصبح المجلس الأعلى للدولة بـ"رأسين"؟

في تطور مفاجئ للأزمة السياسية الليبية، أصدر المجلس الأعلى للدولة، من طرابلس، بيانين منفصلين من شخصيتين تتنازعان رئاسة هذه الهيئة الاستشارية، عبرا من خلالهما عن رفض قرارات مجلس النواب المثيرة للجدل.

وأعلن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، من مقره في بنغازي شرقي البلاد عن تقدم 50 نائبا بمذكرة لإنهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية الموقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، واعتبار الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد هي "الحكومة الشرعية"، مع سحب صفة القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي الليبي الذي يقوده محمد المنفي، وإعطاء الصفة لرئيس مجلس النواب كما جاء في الإعلان الدستوري.

وفي رسالة بتاريخ 13 أغسطس/ آب موجهة إلى عقيلة صالح، أعلن خالد المشري، الفائز بفارق صوت واحد في انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة الأخيرة والمتنازع عليها، "بطلان" قرار مجلس النواب بإلغاء صفة القائد الأعلى من المجلس الرئاسي، بحجة أن مثل هذا الإجراء من شأنه أن ينتهك بنود الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات بالمغرب سنة 2015.

ويكمن سبب الاعتراض على القرار بالنسبة للمشري في عدم التزام مجلس النواب بالتوافق مع مجلس الدولة على صيغة هذا التعديل.

من جهة أخرى، صدر بيان آخر للمجلس الأعلى للدولة، وقعه هذه المرة الرئيس المنتهية ولايته محمد تكالة، أدان "الإجراءات الأخيرة التي اتخذها مجلس النواب"، ووصفها بأنها "انتهاك للإجماع الوطني، وتهديد لوحدة البلاد". وانتقدت الوثيقة بشدة "الإجراءات الأحادية التي اُتُّخِذَت دون أي تنسيق أو اتفاق مع الأطراف الأخرى المعنية، والتي تعكس تجاهلا واضحا للحوار والتعاون بين المؤسسات".

وقبل صدور الوثيقتين اللتين تكرّسان الانقسام في مؤسسة سيادية أخرى في ليبيا، وجه تكالة اتهامات خطيرة لمنافسه المشري، واتهمه باقتحام مقر المجلس في عمل "لا علاقة له بالديمقراطية". وانتقد تكالة هذا الإجراء بشدة، ووصفه بأنه غير مقبول، ويتعارض مع الإرادة التي عبر عنها أعضاء مجلس الدولة، مشددا على أن مثل هذا السلوك يمكن أن يعرض للخطر تماسك وفعالية المجلس نفسه في المرحلة السياسية الدقيقة التي تمر بها البلاد.

وأعلن المشري بدء نشاطه من مقر المجلس بطرابلس، مطالبا تكالة بالتوجه للطعن أمام القضاء إذا كان لديه اعتراض على نتائج انتخابات رئاسة مجلس الدولة، التي أجريت يوم 6 أغسطس/ آب، وأثارت الكثير من الجدل بسبب "ورقة ملغومة" كُتب على ظهرها اسم محمد تكالة خلال التصويت، وهو ما اعتبرها المشري ورقة ملغاة ومن ثم فوزه.

وفي قلب هذا السجال اقترح تكالة في بيان له حلين للنزاع، إما اللجوء إلى المحكمة العليا، وهي أعلى هيئة قانونية في البلاد، للحصول على رأي ملزم، أو المضي قدما في جولة جديدة من التصويت للتحديد بشكل نهائي من يجب أن يشغل منصب الرئاسة خلال 20 أغسطس/ آب الجاري، وجدد تكالة استعداده لقبول أي نتيجة تنبثق عن عملية ديمقراطية شفافة.