الأمم المتحدة: نحو 500 ألف شخص نزحوا في قطاع غزة منذ انتهاء وقف إطلاق النار
يطرح المخرج الأمريكي "بول ويتز" إشكالية جدلية اجتماعية، حول دور الأب في رعاية الأبناء، من خلال قصة فقد، غيرت مسار ونمط الحياة، في فيلم "Fatherhood" المعروض على نتفلكس 2021.
وتدور أحداث الفيلم الدرامي حول قصة حقيقية يقوم ببطولتها ماثيو لوجلين "كيفين هارت" الذي يخسر زوجته في موقف مهيب أثناء ولادتها ابنته مادي "ميلودي هيرد". حيث يكون عليه من بعدها الاختيار ما بين النمط التقليدي، إما الزواج من أخرى لتربية الطفلة، أو إرساء المهنة لجدتها أم زوجته ماريان "ألفري وودارد".
عبء آخر
لكن ماثيو يلجأ لخيار أكثر صعوبة، بالإضافة إلى عبء الحزن، إذ يقدم هو بذاته على الاعتناء بابنته، بكافة متطلبات التربية التي تقوم بها الأمهات، وهو ما أثار جدلًا كبيرًا بين الآباء على مواقع التواصل الاجتماعي.
إذ وبالرغم من تأثير ذلك على متطلبات عمله إلا أنه منح الطفلة المزيد من الاهتمام من التنظيف وتغيير الحفاضات والطبخ والحضانة، بالإضافة إلى ملازمتها له أثناء عمله في التدريب التقني الجامعي وحتى بعد وصولها لمرحلة التعليم الابتدائي، كان عليه اختيار ملابسها وتمشيط شعرها، وإيصالها إلى مدرستها.
ويواكب هذا التحدي العديد من الإشكاليات في العمل، أوصلته للفت النظر في مواقف متعددة، وخلال نشأة ونمو الطفلة، يواجه ماثيو العديد من التحديات الشعورية والإشكاليات الاجتماعية، بالإضافة إلى أسئلة مادي حول فقدان الأم، فهل نجح ماثيو في تلك المهمة غير الاعتيادية على الآباء؟.
"كورونا" و الأبوة
ومما يمنح هذا الفيلم الأهمية، هو التوقيت في الطرح، حيث يأتي بعد موجات وباء كورونا المتقطعة، واضطرار الكثير من الآباء للجلوس والعمل من المنزل لربما، وبالتالي أخذ فرصة أكثر حيوية للجلوس وتربية الأبناء.
هذا التقاطع الجديد الناشئ في 2020/2021، فتح المجال أمام المزيد من المهمات المنزلية للآباء، التي كان نظام العمل يخفيها، أو يؤجل طرحها، ومثلت جوهرًا في حياة الأزواج، فكانت الأم، على الأغلب، هي من تحمل عبء التربية المنزلية والتعليم والاعتناء بالأطفال لعقود ممتدة، وقد جاء دور الأب لحمل بعض المهمات، بعد منحة الجلوس الاضطراري التي منحها "كوفيد19" صدفة للأمهات لذا حظي الفيلم بالثناء من جانب النساء.
وهو ما يفتح المجال للتساؤل: هل يكون كوفيد أيضًا، دافعًا جديدًا للتغيير في العادات والممارسات اليومية الاجتماعية في جانب الأبوة، مثل تقلص عادة السلام بالأيدي التي كان لكوفيد الدور في فرضها؟.
دراما دون انزياحات
وفيما يتعلق بسياق الأحداث الواقعي، فقد جعل من سيناريو الفيلم المكتوب من قبل "ويتز" و"دانا ستيفز"، غير قابل للانزياح بعيدًا نحو الغرابة، إذ كانت غرابة الفيلم تكمن في فكرته، وجوهره الذي يطال بعدًا اجتماعيًا مؤثرًا.
حيث لم نجد خلال السياق الدرامي للأحداث، قفزات ملفتة تبعث على الإثارة، وكانت أدوات مخرج الفليم بول ويتز الأكثر حضورًا بخلاف الممثلين، حيث ومن خلال تقديمه الزمني للأحداث، واختصاره لست سنوات من حياة الأب والابنة، أثار فضول المشاهد حول اللحظات المخبأة في هذا العرض، لكنه عاد بطريقة الفلاش باك، ليظهر العديد من اللحظات المؤثرة بين الأب وابنته، حيث لحظاتها الأولى مع المشي، والكلمات الأولى التي تحدثتها، وغيرها.
دور مختلف
أما كيفين هارت، فكان لديه في السياق الدرامي للفيلم مساحة لاستعادة بريقه، وتقديم عرض أكثر حيوية، وملامسة للمشاعر، عكس ما كان في عرض فيلم upside، فكان دوره هناك خافتًا.
لقد أتاحت حواريات الفيلم وعاطفته مساحة لهارت أن يبرز براعة في التأثير العاطفي على المشاهد، كما أظهرت ذكاءه العاطفي أكثر من مشهد، فكانت لقطة فقدان الزوجة تمهيدًا لتقديم هارت بقوة، كما وجاء خلال العرض العديد من المواقف الكوميدية التقليدية بين الأب والطفلة، لكن المشهد الأهم والأكثر تأثيرًا، كان بينه وبين ماريان أم زوجته، وكأنما كانت رسالة الفيلم تطفو خلال هذه اللقطة العاطفية، حول علاقة الزوج بالزوجة والأبناء.
توازن
أما ألفري وودارد فتبدي عاطفة مبهرة خلال عملها، بما تقدمه من انفعالات وتجاوب مع متطلبات الدور.
فكان الهدوء الجذاب في طريقة طرحها للحوار، يمنحها سيطرة على الكادر، ويجعل من لحظات ظهورها منطقة حيوية داخل دراما الفيلم وكان دورها متوازنًا ما بين العاطفة والعقل، خاصة في خلافها مع زوج ابنتها حول بقاء حضانة الطفلة في عهدتها أو عهدته.
تناقض
فيما قدمت الطفلة هيرد دورًا متنوعًا ما بين الحزن والضحك والدعابة، وفي كل مرة كانت جذابة متألقة، خفيفة الظل بسمارها وضحكتها وشعرها. لكن بناء شخصيتها شابه خرق خلال الطرح، حيث اعتمد المخرج الذكاء والفلسفة للطفلة كطريقة للكلام والفعل، لكنه وبهدف الكوميديا، قدمها في مشهد مبتذل، خلال اجتماع أبيها أثناء عمله المنزلي، حيث قامت بإلقاء الألعاب على وجهه عدة مرات، فلم تكن بالشخصية المشاغبة بقدر المتفلسفة، كما أنه لم يكن للموسيقى التصويرية دور لافت في المشاهد، على الرغم من ضرورتها كأداة في لحظات مختلفة من الفيلم.
ولطالما سرقت دويندا ويزي "سوان" الأنظار في مشاهد ظهورها القليلة كصديقة حميمة لماثيو، حيث اقترب منها بعد أن اطمأن على نشأة ابنته، التي بادلتها حبًا كبيرًا، وكأنها كانت مكافأة الصبر على المتاعب لماثيو، ولابنته.
"ويزي" كانت تتمتع بخفة ظل في تقديم العرض، وانتماء للدور الذي تقوم به، متقلبة ما بين الدعابة والحزن ونظرات العشق التي حملتها للعائلة الصغيرة.