عاجل

أكسيوس: أوستن يؤجل زيارته لإسرائيل بسبب التصعيد على الحدود الشمالية

logo
ثقافة

فيلم BAC nord على نتفلكس.."الغاية لا تبرر الوسيلة"

فيلم BAC nord  على نتفلكس.."الغاية لا تبرر الوسيلة"
24 سبتمبر 2021، 10:23 ص

يتكئ المخرج الفرنسي سيدريك خمينيز في فيلمه BAC nord، الذي بدأت شبكة "نتفلكس" بعرضه، أخيرا، تحت عنوان "معقل الجريمة"، على حكاية عادية تقليدية، تناولتها السينما مرارا، ألا وهي مكافحة المخدرات.

ولكن سيناريو الفيلم، الذي شارك المخرج في كتابته مع أودري ديوان وبنجامين شاربي، لا يقتصر على طرح هذا الموضوع، بل يستقصي سلوك رجال الشرطة، ومدى التزامهم بالقوانين المتبعة خلال تنفيذ مهمة القبض على عصابة خطيرة تتاجر بالمخدرات.

مسرح أحداث الفيلم هو مدينة مرسيليا الواقعة على ساحل فرنسا الجنوبي المطل على البحر الأبيض المتوسط، وهي ثاني أكبر مدن البلاد بعد باريس، وبسبب مكانتها البارزة كميناء رئيس، وقربها من شمال أفريقيا، تعد المدينة واحدة من البوابات الفرنسية الأساسية التي جذبت عبر العقود أعدادا كبيرة من المهاجرين من مختلف الجنسيات والأعراق والأديان.





تنتعش في هذه المدينة، وتحديدا في أحيائها الشمالية، ظاهرة الاتجار بالمخدرات، وما يرافقها من جرائم سطو وعنف وحملات مداهمة، ووفقا لإحصائيات رسمية، فإن الضواحي الشمالية لمارسيليا تسجل الرقم القياسي لأعلى معدل جريمة في فرنسا.

وحرصا من صناع الفيلم على تجنب أي خلط مع الأحداث الواقعية في المدينة، والتبرؤ من أي تبعات قانونية محتملة، يبدأ الفيلم بعبارة "هذا الفيلم مستوحى من قصة حقيقية، لكنه خيالي. الشخصيات والأحداث خيالية".

وهذا الاستهلال يؤدي وظيفة معاكسة، فهو مؤشر على مدى التصاق وقائع الفيلم بما يجري حقيقة في المدينة الفرنسية الغارقة في الفوضى، كما يظهر في الفيلم.





ثلاثة من رجال الشرطة التابعة لـ"فرقة مكافحة الجريمة (BAC)"، غريغ (جيل لولوش) وياس (كريم ليكلو) وأنطوان (فرانسوا سيفيل)، أبطال الفيلم، باتوا يشعرون بالملل من تسوية قضايا صغيرة، عبر ملاحقة لص، أو مخالفة تموينية، أو تنظيم ضبط بحق باعة يشغلون الأرصفة، بشكل غير قانوني.

وإزاء هذه الانشغالات اليومية الصغيرة، يقرر الفريق الثلاثي، وأمام ضغوط رؤسائهم لتحسين سجلهم المهني، اقتحام وكر في الحي الشمالي في مرسيليا لأعتى تجار وموزعي المخدرات، عصي على الاستسلام، في مهمة محفوفة بالمخاطر.

وفي هذه البيئة شديدة الخطورة، حيث يسود "قانون الغاب"، ينخرط الفريق الثلاثي في مهمتهم الخطرة غير آبهين بكسر الحدود الفاصلة بين ضرورات المهنة والاعتبارات الأخلاقية، إذ يستعين الثلاثة لإنجاح المهمة بمخبرة تشي اسمها أمل (كينزا فرطاس)، وملامحها، بأنها من أصول عربية، لكنها تطلب ثمنا باهظا، وهو خمسة كيلوغرامات من المخدرات، مقابل خدماتها وتقديم معلومات تساعد في القبض على المتورطين الكبار، وهنا تعتقد الشرطة أن غايتهم النبيلة تبرر وسيلتهم "اللاأخلاقية"، إذ يؤمنون للمخبرة ما طلبته، في سبيل تحقيق "الهدف الأسمى".





ينجح رجال الشرطة الثلاثة، عبر سرد سينمائي تشويقي، في اقتحام الحي، استنادا لمعلومات المخبرة، والقبض على المتورطين، لكن الحكاية لا تنتهي هنا، إذ تثير الشبهات حول الإجراءات التي اتبعوها، فيخضعون لتحقيق قاس يضطرورن معه في النهاية إلى الإفشاء باسم المخبرة تجنبا للسجن، في خرق لمواثيق عملهم التي تقضي بعدم إفشاء اسم المخبر، لكن من كلفهم بالمهمة جيروم (سيريل لوكونت)، ينكر علاقته بالعملية، خشية فقدان منصبه، إذ وصلت أصداء العملية إلى الجهات العليا التي تنصلت، بدورها، من المسؤلية وتركت الثلاثة ضحية لألاعيبها "القذرة"، وهي معادلة تتكرر دائما، إذ يكون الصغار، عادة، "أكباش فداء" لمصالح الكبار.

ومع أن الفيلم لا يوضح مصير المخبرة أمل، لكننا نقرأ على الشاشة أن ياس بات يعمل في "نقابة الشرطة"، للدفاع عن زملائه في مواجهة قياداتهم، أما غريغ، فيتخلى عن عمله في الشرطة، ليعمل موظفا في البلدية، بينما يصبح أنطوان ممرضاً في أحد السجون.

ورغم الوسيلة "غير الأخلاقية" التي اتبعها الثلاثي في سبيل القبض على كبار تجار المخدرات، غير أن المشاهد يتعاطف مع محنتهم ضد مسؤوليهم الذين أظهروا وجههم الانتهازي، وفضلوا مناصبهم الرفعية على مصائر أبطال الفيلم المهزومين، الذين كادوا أن يفقدوا حياتهم خلال العملية، لكن ذلك لم يشفع لهم في الاحتفاظ باسم مخبرتهم السرية.





يبدو الفيلم لفرط واقعيته من النوع التسجيلي الوثائقي، إذ يستعرض جانبا من ملامح الحياة في شوارع المدينة الساحلية الفرنسية، ويتلصص، عبر العدسة الفضولية للمصورة (لوران تانجي) على اليوميات البائسة في مجمعات سكنية لمهاجرين تنوء تحت وطأة الجريمة والعنف والمخدرات، إذ يتعرض رجال الشرطة هناك للإهانة والاعتداء، وسط مشاهد مطاردة وملاحقة تحبس الانفاس.

ورغم هذا الطابع البوليسي التشويقي للفيلم، غير أن المخرج لا يتورط في إظهار تلك المشاهد "الدامية" التي تحفل بها هذه النوعية من الأفلام من دسائس ومؤامرات وجرائم قتل وتصفيات، فالفيلم، الذي عرض خلال فعاليات مهرجان كان السينمائي الأخير، خارج المسابقة الرسمية، يبدو متماسكا من ناحية الحبكة الدرامية، ومتخففا من الثيمة النمطية السائدة في أفلام المخدرات.

الفيلم يرصد خلال 105 دقائق، يوميات أبطاله الثلاثة، وتصالحهم مع ذواتهم، قبل أن يصل إلى كشف الحالة النفسية "القاهرة" التي انتهوا إليها لدى خضوعهم إلى التحقيق، إذ يستجلي طعم المرارة التي يشعرون بها بعد أن غامروا بحياتهم، لتكون المكافأة هي المساومة بين أن يتم سجنهم أو يفصحوا عن اسم مخبرتهم، لينتهي الفيلم الحافل بالحركة والإثارة والمغامرة وبعض المرح، نهاية تراجيدية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC