عاجل

هيئة البث: الجيش الإسرائيلي سيدرب قوات البحرية على القتال البري بسبب نقص المقاتلين

logo
ثقافة

"بورتريهات لوجه يجوّعه التجهم" لبهاء إيعالي.. قصائد تأملية في الصوت

"بورتريهات لوجه يجوّعه التجهم" لبهاء إيعالي.. قصائد تأملية في الصوت
05 فبراير 2022، 7:34 ص

يبحث الشاعر اللبناني بهاء إيعالي في الأبعاد الحركية، والتشكيلية، والحسية، للصوت في الطبيعة، صانعا تقاطعات لذلك مع الذات الإنسانية ومع الحوادث اليومية، من خلال مجموعته الشعرية الثالثة "بورتريهات لِوجه يجوّعه التجهّم"، الصادرة عن دار رواشن للنشر 2022.

يتأمل الشاعر اللبناني تفاصيل الصوت المتناهية في الدقة والصغر، كما يدرس فكرة الصوت في لقاء العاشقين، ويبرز أثره في تجديد رحلة الجنون، وكيف أنه يهز الخرس الطويل للإنسان على الرغم من استمراره في عادة الكلام.

لكن هنا الصوت المتمثل بالغناء وقعقعات الرقص يحمل المعنى لعمقه النقي ويلغي عن الإنسان الخرس/ الموت: "أنا الجائع الذي يربط بطنه بالأغاني/ وهي التي تحاول تلوين رمادها بالرقص".

تكثيف وتقطيع

ويدور إيعالي في فلك التجريب الشعري ما بعد الحداثي، من خلال تشكيلات مختلفة للبناء الشعري المعتمد على قصيدة النثر.

وتبدو التركيبات عنده متنوعة ما بين التكثيف والنثر والتقطيع، بالإضافة إلى الرموز الكتابية المحملة بالدلالة وفق صورة النص.

وتشتمل مجموعة إيعالي (96 صفحة من القطع المتوسط) على إحدى عشرة "بورتريه" حسبما أسماها الشاعر.. التسمية التي أكسبت النص أبعادا لونية وخطية، بما اشتملته القصائد من خطوط ودوائر ومنحنيات وألوان.

ويعبر الشاعر عن بنائية قصيدته باتباع ثيمات مختلفة كالمونولوج أو الحوار التجريبي مع المرأة، أو اتباع الانطباعية عن المشاهد، بتفكيكها وإعادة التركيب.





سجن الشاشة

وفي مجموعته، يوجه الشاعر دعوة للإنسان للتجريب مع الطبيعة، وعدم الاكتفاء بالمشاهدة من خلف الشاشة الإلكترونية الصماء، بما تحمله من جمود وقسوة، فذلك التسطيح الحداثي للمشاهد، جعل من المرء أكثر قسوة، وأقل خبرة بما يدور في الميدان، حيث هنالك في الطبيعة مشاهد تنبض يتوجب على الإنسان ملامستها لمعرفة أحاسيسها، والتجريب معها للتعلم منها، وتشكيل مخزونه الحسي والمعرفي من خلال الطرق والملامسة والانغماس، وهو ما يغيب بالقطع في الممارسات اليومية من خلف الشاشة التي تميت المعنى.

ويشبه الشاعر هذه الشاشة بقضبان سجن تجعل الإنسان خلفها، بعيدا عما يدور في الطبيعة من تغيرات مستمرة.

ويكتب إيعالي في بورتريه "سور تأكله الأصوات": "ما من كلمة إضافية لكم، يا حبيسي فكرة الشاشة الملونة، التي لا يمر في خياشيمها الأوكسجين، فلتجربوا مرة أن تدقوا الباب، بدلا من التأمل بأخشابه".

ويرتفع الصوت الشعري عند بهاء إيعالي في محاكاة الذات، إذ يفرد صوره القديمة العالقة في ذاكرته عن الموت، وينطلق إلى عزلة ذاتية، تجعل الأصوات من حوله أقرب إلى الغبش، أو المحو الكلي.

وتقدم القصيدة عند إيعالي النمط السائد المشبع بالضجيج من حول الإنسان كأنه مشنقة يومية تُعلّق الإنسان من عنقه لتقول له هذه هي الحياة، هذا هو الموت.

ويكتب الشاعر في جزء من بورتريه "عزلة لطريق مليئة بالهروب": "لا صوت يتقطع في الخارج، تكورني العزلة، يكور الذاكرة ألم قطرة المياه المرتطمة بالسطح، وتنفجر كعاصفة".

البندول الشعري

ويظهر مدى اهتمام الشاعر بفكرة الصوت أيضا بترتيبه للإيقاع الصوتي للمقاطع الشعرية، بالتوقفات وما يتبع المعنى من صمت، وحساب دقيق لمساحة الصوت والفراغ بينه وبين آخر.

وتتعدد التكنيكات الشعرية لديه كنوع من التجريب، إذ يبرز أثر توقف الصوت في أجزاء من النصوص لديه، إما باستبدال المعنى بنقاط (....) لإكمال المشهد كامتداد تلقائي للمعنى السابق، وهو بذلك يقوم باستدراج القارئ لمساحة جديدة من التجريب مع الشعر.

كما ويستخدم البندول الشعري في نص "زئيف" حيث يتخذ الشعر في هذه القصيدة حركة البندول، بالتقاطع المتكرر مع كلمة "خواء".

ويتتبع الشاعر إيعالي الصوت الهائل في الحرب، إذ يكتب إيعالي في بورتريه "القذيفة": "في الحرب في هاوية مطاطية القعر، نقفز إليها لئلا يتلاعب بنا مشهد القتلى، نترك أحلامنا للطريق وممراتها المكتظة بالهاربين، فلحظة ترتطم بها القذيفة، لا نموت، إنما المدينة تصبح نعشا".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC