الجيش الإسرائيلي يقول إن طائراته الحربية تقوم بدوريات حول مطار بيروت

logo
ثقافة

الأساطير أكثر من مجرد قصص وحكايات

الأساطير أكثر من مجرد قصص وحكايات
13 يونيو 2022، 7:10 م

تشرح الأساطير الكيفية التي نشأت بها الأرض والحيوانات، وهي تشكل جسراً بين عالم البشر وعالم الأرواح أو الآلهة. إنها تسعى لفرض نظام على فوضى مرعبة ومواجهة ألغاز الموت، ولكن الأساطير على الخصوص تمثل أصل الأديان وهي تحدد الثقافات وقيمِها.

خلال الألفية الرابعة قبل الميلاد (وهي الفترة التي بدأ فيها البشر في تأسيس المدن) أسس السومريون في بلاد ما بين النهرين أول مجمع إلهي، وتشهد على ذلك التماثيل والنقوش البارزة والنصوص، مثل ملحمة جلجامش، التي يبحث فيها البطل عن الخلود، و هذا السعي لحياة أبدية نجده في العديد من الأساطير.

طوّرت الحضارات التي أعقبت بلاد ما بين النهرين هيكلَ الآلهة السومري وأساطيره، ثم قامت بفرزها.

إنانا، على سبيل المثال، التي كانت عبادتها مركزية أصبحت الإلهة البابلية عشتار، ثم الإلهة الفينيقية عشتروت. وعلى غرار حضارات أخرى تشكلت بلاد ما بين النهرين بناء على الأساطير التي تشرح لها العالم. يقود قادتَها آلهةٌ وكهنة يلبّون إرادتهم المتقلبة، وخلال الـ12 يومًا من مهرجان أكيتو تجري تلاوة أنومة إليش Enouma Elish وهي أسطورة الخلق البابلية، لتجديد الكون من خلال التعويذة وسحر الطقوس.

الأساطير تروي تاريخ الحضارات

وحسب الدراسة التي نشرها موقع "caminteresse" الفرنسي فإن الأساطير تحدد الكيفية التي ترى بها أعظم الحضارات مجتمعاتها. تؤكد أساطير مصر القديمة الغنية على النظام الذي يطفو من الفوضى. هذه القصص تضفي الشرعية على السلطة القائمة والوضع الراهن الذي يصف الفرعون كإله يجب طاعته، إضافة إلى ذلك يرى المصريون الوقت على أنه دورة، والأحداث ليست سوى تكرار لأزمنة أخرى أقدم عهدًا متداولة في الأساطير.

لعبت الأساطير التأسيسية لروما وأثينا دورًا حاسمًا في تحديد مفهوم المواطن، إنها تجمع فكرة البلد والمصلحة العامة مع فكرة السلطة الإلهية.

في اليونان القديمة هناك ما يقرب من 1000 مدينة-دولة، لكل منها أسطورة لتأسيسها وإلهها الوصي، وهو ما يشكل كلًا غير متجانس ومعقدا، وغالبًا ما يكون متناقضًا. كان لا بد من ظهور عمل هوميروس وهسيود لتوحيد هذا الرصيد المتباين.

في الواقع تشكل حكايات هوميروس الملحمية، الإلياذة والأوديسة، وقصيدة هسيود الطويلة ثيوغونيا المحاولة الأولى والأكثر موثوقية لتكوين جوهر واحد مشترك من الأساطير اليونانية المختلفة.

في روما القديمة اختلطت أساطير الشعوب الإيطالية، مثل الأتروسكان واللاتين، مع أساطير الإغريق الأقدم عهدًا.

ألّف الشاعر فيرجيل الأسطورة التأسيسية لروما، قصيدته الخالدة الإنياذة المستوحاة من قصص هوميروس. أما أوفيد من جانبه فقد أعاد تأويل الأساطير اليونانية في قصيدته الملحمية الطويلة "التحولات"، ويصف الآلهة الرومانية الصرفة في "الأبهات"، وهو عمل حول الاحتفالات الدينية، إضافة إلى ذلك أثرى الرومان هيكل الآلهة بآلهةٍ فريجية (نسبة إلى فريجيا وهي إقليم قديم في الوسط الغربي من الأناضو في آسيا الصغرى (سايبيل) ومصرية (إيزيس) وسورية (سول إنفيكتوس).

انتقال الأساطير شفويا

الخط الفاصل بين الأدب والأسطورة والفولكلور غير واضح، حيث ظلت العديد من الأساطير سارية ومتداولة كأعمال أدبية.

تعود أصول القصص الآرثرية (نسبة إلى عهد الملك آرثر أحد أهم الرموز الميثولوجية في بريطانيا العظمى) إلى الأساطير السلتية، وتُعتبر القصائد الهندوسية العظيمة، رامايانا وماهابهاراتا من روائع الشعر الملحمي.

في المجتمعات التي لا تمارس الكتابة تتم تلاوة الأساطير ونقلها شفهيًا، نتيجة لذلك ربما اختفت أساطير بأكملها، حتى بين الشعوب التي تعرف الكتابة، مثل الفايكنج، نجت بعض الأساطير من خلال مصدر واحد، فلو تم إتلاف مخطوطات مجموعة قصائد إيدا بروسايك التي جمعها سنوري ستورلسون لكُنا لا نعرف عنها إلا القليل، مثل أساطير السلتيين في إنجلترا.

إن شعوبًا مثل قبائل "الدوجون" في جمهورية مالي، و"البيغاس" في الهند، و"التيكوبيين" في جزر سليمان و"الإيفوغاو" في الفلبين تعيش أيضًا في عالم تسكنه الأساطير. في هذه المجتمعات يظل التقليد الشفوي مستمرًا ومتداولا بطريقة رائعة، كما يتضح من القصص التي يرويها السكان الأصليون في أستراليا، أو "المارند-أنيم" في غينيا الجديدة، أو قبائل "النافاهو" في أمريكا الشمالية.

أكثر من مجرد قصص

لم تصلنا العديد من الأساطير ولم يتم جمعها أو ترجمتها، لأنها ظلت سرية أو لأن الغرباء هاجموا الثقافات التي احتفظت بها.

الأساطير في جوهرها أكثر من مجرد قصص، إنها تمثل ما ترويه الثقافات عن علاقتها بتلك الألغاز العظيمة التي تحيّرنا وتثير اهتمامنا جميعًا: الحياة والموت، وما يكمُن بينهما.

حتى اليوم تظل الأساطير ركائز التقاليد والمرشد الأخلاقي والروحي للشعوب في العالم أجمع.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC