عاجل

هيئة البث: الجيش الإسرائيلي سيدرب قوات البحرية على القتال البري بسبب نقص المقاتلين

logo
ثقافة

لماذا فازت عائشة السيفي بلقب "أميرة الشعراء"؟

لماذا فازت عائشة السيفي بلقب "أميرة الشعراء"؟
09 مارس 2023، 12:09 م

يأتي فوز الشاعرة العمانية عائشة السيفي بلقب أميرة الشعراء، ليحقق حدثًا غير مسبوق، بأن تكون أول امرأة في الوطن العربي تحصد هذا اللقب، في موسم البرنامج العاشر.

ففي الحلقة الختامية، مساء أمس الأربعاء، تمكنت السيفي من نيل اللقب متقدمة على خمسة شعراء من الإمارات والسعودية والمغرب والأردن والسنغال.

وحملت تجربة الشاعرة العمانية في هذا الموسم صوتًا شعريًاً لافتًا، يمزج بين العقل وفلسفة الوجود، ويبحث عن قيمة الإنسان، وجدية المشاعر في فهم الحياة.

حملت تجربة الشاعرة العمانية عائشة السيفي صوتًا شعريًاً لافتًا، يمزج بين العقل وفلسفة الوجود، ويبحث عن قيمة الإنسان، وجدية المشاعر في فهم الحياة

فكانت الأدوات المعرفية التي اتسمت بالمساحات المختلفة لدى الشاعرة، من أهم الركائز التي اعتمدت عليها في إقناع الجمهور وإمتاعه، وكذلك لجنة التحكيم، وهو ما جعلها تتقدم خطوة إلى الأمام عن الجميع، ليتم تتويجها باللقب.

رموز وصوت حداثي

ومن الملفت في شعر السيفي، قدرتها على تطويع اللغة، وصقلها في قالب فني ممتع وملهم، صانعة التعبيرات اللغوية المحملة بالرموز، حول وجود الإنسان وعمق رحلته مع العالم.

وعلى الرغم من اعتماد الشعر العامودي والموزون على قوالب النظم والقافية، إلا أن السيفي تمكنت من تقديم صورًا جمالية شديدة الخصوصية، حول الصوت الإنساني في معرفة الطبيعة والأشياء من حوله.

وتحقق لقصائد الشاعرة الصوت الحداثي مع اللغة، الذي تمكن من جذب جمهور قصيدة النثر، بالإضافة إلى جمهور القصيدة العامودية المقفاة، وهو ما منح الشاعرة المزيد من القبول.



مساحات واسعة من الأفكار

ويحمل الصوت الشعري لدى عائشة السيفي مساحة واسعة من الأفكار، التي تصف رحلة الإنسان مع الحياة، حيث الحلم والشغف والمجازفة مع الأشياء.

كما تستطيع الشاعرة القفز إلى الأماكن التي تصنع الحيرة والتيه لدى الإنسان خلال رحلته في العالم.

وفي إحدى قصائدها التي قرأتها أمام لجنة التحكيم والجمهور، خاطبت السيفي ابنها كرمز للإنسان المقبل على الحياة، من أجل التجريب مع الحلم، واختراق المشاهد من حوله، ليتمكن من تحقيق تجربة أكثر احتكاكًا بالعالم من حوله.

ففي القصيدة رؤية للرحلة مع العالم الذي يجسد الطرق أمام الإنسان، يعبرها ويشتبك معها، كي يكون الوعي أكثر قدرة على التحليل والتأمل واجتياز الأسئلة الصعبة.

إن الإنسان يمضي بالمشقة والألم والعبء، مشركًا حواسه وأفكاره التي تشكل هويته، وبهكذا تجريب، يمضي الإنسان حاملًا بين أضلعه التعب، لكن التجربة لا تتشكل دون ذلك.

يقول الشاعر اللبناني بسام حجار: "أعدك أن أنام، والمشقة في قلبي لا في الطريق".

تلك المشقة التي تناولتها عائشة السيفي وفق رؤيتها الشعرية، تتقاطع مع رؤية الكثير من الشعراء، تلك التي تحمل فلسفة الوجود، وتصنع أسئلة جديدة، أمام السؤال الواحد، ولا تكون الإجابة أمامها ثابتة، بل تتغير تبعًا للزمان والمكان، وحسبما تتطلب مرحلة الوعي.

كتبت الشاعرة في نص "مجازات عبور المجرى":

سنعبر الحلم يا ابني سر ولا تخفِ

واقبض على الريح لا تبطئ ولا تقفِ

واحمل سماءك في الأضلاع وامش

فإن أعياك حمل فاحملها على الكتفِ

إن خانك الظل لا تنهره دعه يرى

في منطق الصخر ما في منطق الخزفِ

أنزل دلاءك في البئر التي

هربت منها الذئاب

ومن آلامها اقترفِ

المشهد الأول

وذهبت الشاعرة بقصائدها، خلال مشاركتها في البرنامج، لتلامس حدود قصوى للإنسان في إحساسه الوجودي، وبدا المشهد وكأنها تتخيل طريقة الجبْل مع الطين للإنسان، متخيلة اللحظة الأولى لخلق الإنسان، وطريقة الربط الروحي مع الإله.

ومن ثم انطلقت عائشة السيفي لتربط هذه الروح مع الوطن، الملجأ، والمرسى، معتبرة أن الوطن، والإحساس به، يمثل صورة أولى للإنسان مع الحياة، وهو بمثابة السند والدفء مع الحياة.

وإنه، يبدو ظاهرًا في شعر السيفي قدرتها على تحليل المعنى الوجودي للإنسان من خلال أدواتها الشعرية، ولغتها المعبرة، إذ توصف صوت الإنسان مع الحيرة والقلق الوجودي، والجرح الذي يصيب الإنسان من مختلف الأشياء حوله.

ويبدو المكان في نص السيفي دائم الحضور، فكانت من خلال جملها الشعرية، كأنها تأخذ قياسات لخطى المرء مع العالم، ودومًا فكرة الطين، التي تعتبر مرجعًا للإنسان والطبيعة الأم، تستخدمها من أجل تفكيك الصورة وإعادة تصنيعها، وتقديمها من خلال القصيدة، برؤية معرفية، والتقاطات فنية مثيرة للتفكير.

صورة حداثية

هذه المعاني التي تجعل من الإنسان أكثر قوة في مواجهة أزماته، كانت الشاعرة تدخلها حيز نصها، من خلال الجمل الشعرية المتراصة، المعبرة، والمكثفة، والتي تمكنت عبرها من تقديم صورة حداثية للقصيدة الموزونة، وجعلتها في مقدمة مسابقة برنامج أمير الشعراء، متميزة عن جميع المشاركين، ومقنعة للجنة التحكيم والجمهور.

تكتب الشاعرة:

في أول الشعر كان الله والوطن

وآخر الشعر كان الله والوطن

وكان أجمل جند الله أفقرنا

وكان أحزن أهل الأرض من أمنوا

نحن اليتامى طواحين السماء

فهل شبر من الطين يكفينا وهل كفن

نحن المصابين بالأوطان

تجرحنا شيخوخة أطعمتنا ملحها المدن

ونحن نعرف أن الله حمّلنا دين الحيارى

فما تاهوا وما سكنوا

يا تربة الأرض أين الآن مغتسل ناوي إليه

وأين الآن مؤتمن

إن تمكن الشعر من تحويل الإنسان بمشاعره المختلفة، لرمز داخل النص، يجعل للقصيدة قدرة أعظم في الوصول للآخر، يلامس حواسه ويكسبه المزيد القدرة على رؤية العالم وتفسير وجود المرء خلاله، وهو ما نجحت الشاعرة عائشة السيفي في تحقيقه، فكانت الفائزة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC