عاجل

هيئة البث: الجيش الإسرائيلي سيدرب قوات البحرية على القتال البري بسبب نقص المقاتلين

logo
ثقافة

حسن حميد: أعشق الشعر.. ولولا التراجيديا الفلسطينية لما كتبت الرواية

حسن حميد: أعشق الشعر.. ولولا التراجيديا الفلسطينية لما كتبت الرواية
24 مارس 2023، 7:43 ص

يكتب الروائي الفلسطيني حسن حميد نصوصه بعين القارئ، حيث تلتقط عدسته الحساسة حتى اللحظة العابرة لتعكس سطورها أعماق وحياة القارئ، ما جعل كتاباته ذات رواج ومتابعة، ليتمكن مؤخرا من الفوز بجائزة نجيب محفوظ لأفضل رواية عربية عن روايته "ناغوغي الصغير".

وحسن حميد روائي فلسطيني أصدر أكثر من عشر مجموعات قصصية، تحتوي بين دفاتها أكثر من مائة قصة قصيرة، ومن أعماله "شارع خاتون خانم"، و"بنات جسر يعقوب"، و"الجرجماني"، و"كي لا يفسد الملح"، و"ظل إدغار آلان بو الطويل"، و"أفيال الغابة.. مقاربة معرفية"، و"عشاق الحياة.. مقاربة معرفية"، وغيرها.

"ناغوغي الصغير "نالت مؤخرا جائزة نجيب محفوظ لأفضل رواية عربية، أي سؤال طرحته هذه الرواية؟

هذه الرواية (ناغوغي الصغير) معنية بالصراع العربي الصهيوني، والمواجهة ما بين السرديتين الفلسطينية والإسرائيلية.. مثلما هي معنية بتكسير مرتكزات المشروع الإسرائيلي القائم بالقوة فوق أراضي الشعب الفلسطيني الذي طرد ودمرت قراه بعد النكبة الفلسطينية 1948 و1967.

ومن مرتكزات المشروع الإسرائيلي: الهجرة إلى الكيان الإسرائيلي. والرواية توافق هجرة (الفلاشا) إلى بلادنا الفلسطينية العزيزة ترغيباً وتغريراً من بلادهم الحبشة أو إثيوبيا.

الرواية قائمة على السيرة التي كتبها ناغوغي الصغير عن الحياة التي عاشها في الكيان الإسرائيلي، وهي سيرة تفضح كذب الإسرائيليين، وزيوف دعايتهم، وأشكال التمييز العنصري التي مورست عليه، وتبين السرانية التي يعيشها الكيان الإسرائيلي.. وهي ملآى بالثقوب والثغرات.



تعد من أبرز رواد الرواية العربية بنتاج أدبي غزير وثري، كيف تقيم تجربتك وما هي برأيك شروط نجاح النص الأدبي؟

أنا لا أستطيع موافقة مرآة الذات.. لأحدد أهميتي. من يقوم بهذا الدور هو الناقد الأدبي، والقراء الكرام. ما أعرفه، عن نفسي، هو أنني ما زلت أتعلم، وسأظل أتعلم لو عشت 1000 سنة، لأن الحياة دارة تعلّم وليست دارة تقييم أو وضع علامات أو رسم مستويات. أنا ابن فلسطين.. وعليّ أن أكون ابنها المعني بإيصال سرديتها / حكاية أهلها للعالم الذي أراه منذ 75 سنة أعمى أطرش أخرس تجاه القضية الفلسطينية، تجاه مأساة شعب عدد أبنائه اليوم 15 مليون نسمة، هؤلاء لا أحد في الدنيا قادر على تغييبهم في طاقية إخفاء اسمها طاقية الظلم الأبدي.

أما شروط نجاح النص الأدبي (والفني أيضاً) فهي ثلاثة أساسية: الإقناع، والمتعة، والوظيفة أو الرسالة، والإقناع يستلزم حضور المنطق، والمتعة تستلزم حضور الجمال، والوظيفة تستلزم حضور رؤيا النص أو الكاتب. أي خلل في هذه الشروط الثلاثة يهوي النص، وتنكشف عيوبه.



ذكرت في تصريح سابق أنه عند الكتابة لا يشغل بالي سوى سؤالي الثقيل: كيف أكتب؟ لأن الجميع قادرون على سرد الحكاية؟ هل اهتمامك بالأسلوب الشعري المتعلق بالغموض وشديد الخيال من أبرز تقنياتك الخاصة في الكتابة؟

نعم، التقنية (تقنية الكتابة) هي نقطة الذكاء في النص الأدبي، ولا سيما بعد هذا التراسل الجنوني بين الآداب والفنون والاستفادات المتعاظمة فيما بينها. كل الخلق، حتى الخرسان، يستطيع أيّ واحد منهم رواية ما يريد.أما التقنيات البهّارة فلا يستطيع قرنها إلى الكلام لتصير أهم ما فيه سوى أهل المواهب الكبيرة، وهم ندرة، ولهذا الإبداع ندرة.

نعم.. بات من حق الناس اليوم، وبعد هذه المسيرة الطويلة للرواية، أن يروها مرايا، يوافقونها ليس من أجل رؤية وجوههم وحال الحياة التي يعيشونها وحسب، بل من أجل أن يروا أعماقهم وأعماق الحياة التي يعيشونها أيضاً. الشعر في الرواية ضروري الوجود، وكذلك الموسيقى، والألوان، والرهافة، والإحساس، والطعوم المتعددة.. وهذا كله موجود في الطبيعة، على النصوص أن تكون لها زينتها مثلما للطبيعة زينتها، والنص الأدبي الذي تكتبه أصابع الخيال هو نص مدرك، والناس لا يريدون المدرك، الناس يريدون المدهش فقط.

عدسة القاص حسن حميد الحساسة جدا تختطف حتى اللحظة العابرة"، حسب وصف أحد الكتاب.. كيف تلتقط الصورة من داخل الصورة؟

عينان تحرسان النص الأدبي كي لا يهوي.. هما الإيهام/ الخيال، والحدوتة/ الواقع. الرواية غير معنية بموضوع كبير أو صغير.. لأن مادة الرواية الكبيرة، أعني الناجحة، هي التفاصيل، والتفاصيل تعني المضمرات، أي السرانية. كل نص أدبي لا يستوفي حقه من السرانية سيبيت باكراً، ولن يعرف جمال السهر في ضوء القمر. التفاصيل، أو الومض الخبيء.. هي الفارق ما بين الحكي والكلام، والمدرك.. والسراني.



بدأت مشوارك الأدبي عن طريق الكتابة الشعرية ثم اتجهت بعدها إلى القصة وصولا للرواية.. كيف أثرت التراجيديا الفلسطينية في هذا التنوع والتحول؟

ربما لولا التراجيديا الفلسطينية الولود التي لم تعرف العقم حتى هذه الساعة، لما كتبت الرواية لأنني عاشق للشعر الذي لا يرى ميلان الشجر قرب ضفاف الأنهار، بل يرى ويسمع الوشوشات التي تقولها الأشجار للأنهار، ولأنني عاشق للقصة القصيرة التي تشبه العين التي تطيق أذىً. كتبت الرواية لأن التراجيديا الفلسطينية انفجرت، مثلما تنفجر الأرض عندما لا تغرد الطيور. أذى يومي يلحق بالفلسطينيين، والعالم خرابة مهجورة، والعالم خواء من النبل والعدل.

ألف موضوع وموضوع عن سرقة الأرض، ومثله أيضاً عن الأسرى، ومثله كذلك عن الشهداء والجرحى، ومثله عن مقابر الشهداء، ومقابر الأرقام، ومثله عن جثث الشهداء التي علّق مصيرها ( وهي كثيرة) ولم تدفن حتى هذه الساعة، ومثله.. قطع أشجار الزيتون التي أفاء إليها سيدنا المسيح عليه السلام، ومثله.. نهب الأسواق.. ووو إلخ. كل هذا تراجيديا واقعية يعيشها الفلسطيني.. ولا يلحق بها الخيال، هي أغرب من الخيال.. بسبب هذا كتبت الرواية.

في رواية "جسر بنات يعقوب" التي اختيرت من بين أفضل مائة رواية عربية في القرن العشرين.. هل تعتقد أن الرمزية ساهمت في نجاحها؟

ما أسهم في نجاح رواية جسر بنات يعقوب هو حضور الأسطورة أو الميثولوجيا، أي الواقع الذي كتبه الخيال. الأمر الثاني الذي أيّد الرواية هو تقنية الكتابة؛ أي بعثرة النص الروائي وإعادة ترتيبه بعين القارئ. في الرواية تعبان، تعب الكتابة، وتعب التلقي.



كيف تقيّم تجربة الأجيال الجديدة من الروائيين والتجارب الروائية الجديدة خاصة للكتاب الفلسطينيين؟

البلاد الفلسطينية، وبسبب المأساة الولود، هي اليوم دارة للإبداع، والجيل الروائي الفلسطيني اليوم له أهميته، ولا سيما كتّاب الرواية الأسرى الذين يكتبون ثقافة الإماتة التي يمارسها عليهم السّجّان الإسرائيلي..

إنهم يكتبون ما هو مدهش عن اثنين: الأول هو الظلموت الإسرائيلي الذي لا يشبهه ظلموت سابق، والثاني هو عشق الأسير الفلسطيني للبلاد الفلسطينية العزيزة. والعشق هو من ينتصر على الهاديس الإسرائيلي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC