تقرير: عاصفة أسعار شحن الحاويات تُسرّع إعادة تنظيم التجارة العالمية

رأت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، أن الاضطراب الحالي في أسواق الشحن والموسوم بقفزات استثنائية في  الأسعار، رافقت وأعقبت انتشار وباء الكورونا، يمكن أن يؤدي إلى تسريع إعادة تنظيم التجارة العالمية.

ودللت الصحيفة على جدية هذا التحذير بما شهده العام الحالي 2021 من قفزات في أسعار شحن الحاويات وترجيحات باستمرار هذا النهج في المستقبل القريب.

وأشارت الصحيفة في تقرير لها، إلى أن متوسط ​​تكلفة الشحن بالنسبة للحاوية الكبيرة (40 قدما، أو FEU) تجاوز الآن 10 آلاف دولار، أي أعلى بأربع مرات من العام الماضي.

وكان السعر الفوري لإرسال مثل هذا الصندوق من شنغهاي إلى نيويورك، في عام 2019، حوالي 2500 دولار، وهو يقترب الآن من 15 ألف دولار. وقد يكلف تأمين حجز متأخر على الطريق الأكثر ازدحاما، من الصين إلى الساحل الغربي لأمريكا، 20 ألف دولار.

وردا على ذلك، تلجأ بعض الشركات إلى إجراءات يائسة، إذ إن شركة "بيلوتون" صانع دراجات رياضية باهظة الثمن، تتحول الآن إلى الشحن الجوي. لكن التكاليف مرتفعة أيضا (ضعف ما كانت عليه في يناير 2020)، حيث إن السعة، التي يتم توفير نصفها عادة في عنابر الركاب، مقيدة بالقيود المفروضة على الرحلات الدولية. ولذلك قام تجار تجزئة أمريكان، باستئجار سفن مباشرة.

وأشار التقرير إلى أن هناك 8 ملايين حاوية نمطية (20 قدما مكافئة) في موانئ العالم أو تنتظر التفريغ، بزيادة قدرها 10% على أساس سنوي. لكن المشكلة في الشحن هي "السلسلة بأكملها".

تأثيرات جائحة الكورونا

وتنقل الإيكونوميست عن تقرير لأحد البنوك، يقول إن الشحن كان "رخيصا للغاية لدرجة أنه كان غير جوهري تقريبا"، لكن الآن، مع تزايد الاضطراب عند التعطيل، تفقد الحاويات المعدنية سمعتها؛ بسبب انخفاض الأسعار والموثوقية.

ويعتقد عدد قليل من الخبراء أن الأمور ستتحسن قبل أوائل العام المقبل. ولذلك يمكن أن يؤدي الاضطراب المطول إلى تسريع إعادة تنظيم التجارة العالمية.

وتضيف أن النقل البحري كان مرهقا جزئيا؛ لأن "الصناعة التي عادة ما تتنقل من الازدهار قصير العمر إلى الانهيار المستمر، كانت تتمتع بفترة نادرة من التعقل في الفترة التي سبقت وباء كورونا".

وقد لاحظ ستيفن جوردون من كلاركسونز، سمسار سفن، أنه مع عام 2019، كانت الصناعة تظهر الانضباط الذاتي، بتوفر مستوى السعة ودفتر الطلبات للسفن الجديدة. ثم جاء كوفيد -19 مرفوقا بتوقعات انهيار التجارة، وتعطل 11% من الأسطول العالمي. ومع ذلك، صمدت التجارة وبدأت أسعار  الشحن في الارتفاع.

ففي الأشهر السبعة الأولى من عام 2021، ارتفعت أحجام الشحن بين آسيا وأمريكا الشمالية بنسبة 27٪ مقارنة بمستويات ما قبل الوباء، وفقا لاتحاد مالكي السفن BIMCO.

كانت إنتاجية الموانئ في أمريكا أعلى بنسبة 20٪ في الربع الثاني من عام 2021 مقارنة بعام 2019. وفي الوقت نفسه، شهد باقي العالم نموا طفيفا. ومع ذلك، ارتفعت الأسعار على جميع الطرق بشدة؛ لأن السفن أبحرت لخدمة التجارة المربحة عبر المحيط الهادئ، مما حرم الآخرين من سعة الشحن المتاحة.

ويعتمد تأثير ارتفاع تكاليف الشحن على نوع البضائع المنقولة. فأولئك الذين يأملون في شراء سلع مستوردة رخيصة وضخمة مثل أثاث الحدائق، قد ينتظرون طويلا. ولذلك يتوقع التجار أن تضيف الأسعار الفورية الحالية حوالي 1000 دولار إلى سعر الأريكة التي تنتقل من الصين إلى أمريكا.

ويسجل التقرير أن الصناعة العالمية نقلت 15 مليون حاوية، أي أكثر مما كانت عليه قبل انتشار الوباء. ومع ذلك، فإن متوسط ​​وقت الشحن البحري من الباب إلى الباب، ارتفع من 41 يوما قبل سنة إلى 70 يوما الآن.

تغييرات هيكلية في الصناعة

بعض المراقبين يعتقدون أن الحياة الطبيعية قد تعود في فبراير المقبل، وعادة ما يكون موسما منخفضا.

ويقول التقرير: "لكن الإضرابات العمالية والازدحامات تجعل تصفية العمل المتراكم بحاجة إلى ستة أشهر، مع ملاحظة زيادة الطلب وارتفاع شهية بعض المستهلكين في الولايات المتحدة وغيرها. وهناك دلائل على أن الطلب في أوروبا آخذ في الارتفاع".

ويخلص التقرير إلى أنه "إذا استمرت تكاليف الشحن مرتفعة وظلت الموثوقية مشكلة، فإن البعض سيجد أن مزايا القرب من الموردين ستبدأ بأخذ مكان تكاليف شحن البضائع المصنوعة في أماكن بعيدة. فحتى شركات الشحن باتت تقر بأن الأسعار المرتفعة الحالية، وضعف الموثوقية تجعل العملاء يشعرون بالضيق".

ويضيف: "لذلك ومع وجود بدائل قليلة للسفن لنقل البضائع، فإن الخيار الوحيد، حسب التقرير، سيكون نقل المصانع التي تصنعها. وهذا ما تفعله بعض الشركات الصينية والشركات التي توردها، حيث تقوم بنقل الإنتاج إلى بلدان منخفضة التكلفة لتنويع سلاسل التوريد وتجاوز الحواجز التجارية".