عاجل

قتلى في استهداف إسرائيلي لمنزل بمخيم جباليا شمالي قطاع غزة

logo
اقتصاد

"الفلافل".. مرآة لعمق الأزمة المالية في لبنان

"الفلافل".. مرآة لعمق الأزمة المالية في لبنان
25 فبراير 2023، 7:25 ص

أعتاد "أبو أحمد" اصطحاب أطفاله الأربعة إلى المدينة معظم أيام الجمعة، لتناول سندويشات الفلافل التي كانوا يعشقونها وكانت تنسيهم الوجوه الصارمة لأساتذتهم في المدرسة.

كان الأطفال يجلسون بفارغ الصبر حول الطاولة الخشبية الصغيرة خارج المطعم في مدينة صيدا عاصمة الجنوب اللبناني بانتظار وصول السندويشات التي كانت بمثابة متعة حقيقية لهم، لكن ليس بقدر متعة "أبو أحمد" وهو يراقب أطفاله وهم يقضمون السندويش ببطء.

وعلى الرغم من ضآلة أجره الشهري، لم تكن الفلالفل التي تعتبر من الوجبات الأكثر شعبية في لبنان تمثل عبئًا ماليًا على "أبو أحمد" العامل في مجال البناء، لأنها اعتبرت دائما من أرخص الأطباق في البلد العربي الذي عصفت به ويلات وحروب على مر العصور.

قبل 3 سنوات كنت أشتري سندويش الفلافل بـ 3 آلاف ليرة والآن أصبح سعره 150 ألفًا أي أنه تضاعف 50 مرة
المواطن اللبناني أبو أحمد

لكن الأمور انقلبت رأسًا على عقب مع اندلاع أسوأ أزمة مالية واقتصادية في لبنان قبل نحو 3 سنوات وأصبحت الفلافل وأكلات شعبية رخيصة أخرى من الأطباق الفاخرة بعد أن قفزت أسعارها بشكل فلكي.

وقال "أبو أحمد" البالغ من العمر 55 عاما: "قبل 3 سنوات كنت أشتري سندويش الفلافل بـ 3 آلاف ليرة والآن أصبح سعره 150 ألفًا أي أنه تضاعف 50 مرة".

وأضاف الرجل الذي يقيم في قرية "درب السيم" شرق مدينة صيدا: "لم أعد استطيع تحمل شراء 4 سندويشات لأطفالي كل أسبوع".

سعر الفروج المشوي قفز من 10 آلاف ليرة إلى 450 ألف ليرة الأسبوع الجاري، فيما ارتفع سعر سندوش الشاورما الذي لا تقل شعبيته عن شعبية سندويش الفلافل من 5 آلاف ليرة إلى 200 ألف

وتابع أبو أحمد: "إذا كنت سأدفع 600 ألف ليرة ثمن السندويشات كل أسبوع فهذا يعني أني سادفع أكثر من مليوني ليرة، وهو راتبي الشهري.. أسعار الطعام ارتفعت أضعافًا في الأزمة لكن الرواتب ظلت على ما هي".

وتضاعفت أسعار المواد الاستهلاكية والطعام والدواء والوقود نتيجة انهيار الليرة اللبنانية بأكثر من 95% خلال الأزمة الناجمة عن تراكم الديون وعجوزات الميزانية وتفشي الفساد وتراجع الصادرات بشكل حاد.

ولم تكن الفلافل هي الضحية الرئيسية، إذ إن سعر الفروج المشوي قفز من 10 آلاف ليرة إلى 450 ألف ليرة الأسبوع الجاري، فيما ارتفع سعر سندوش الشاورما الذي لا تقل شعبيته عن شعبية سندويش الفلافل من 5 آلاف ليرة إلى 200 ألف.

وأصبحت "المناقيش"، وهي فطائر شعبية، ضحية رئيسية أخرى للأزمة، بعد أن قفز سعر منقوشة الزعتر من ألف ليرة إلى 70 ألفَا، بينما ارتفاع سعر منقوشة الجبنة من ألفين إلى 125 ألف ليرة.

وأدى تصاعد الأسعار إلى تراجع حاد في الطلب، بعد أن تسبب انهيار الليرة وغياب زيادات حقيقة في الأجور في ارتفاع معدل الفقر من نحو 30% إلى أكثر من 75%، فيما يعيش ما يقرب من 30% من اللبنانين تحت خط الفقر وفقًا للبنك الدولي.

وبعد أن كان يشتهر بازدحامه أصبح "محل فلافل أبو رامي"، أكبر واشهر محل لبيع الفلافل في مدينة صيدا، فارغًا معظم الأوقات، وبات الغبار يتراكم على الطاولات المهجورة التي تقبع أمام المحل المقابل لقلعة صيدا البحرية التاريخة.

لم يعد الكثير من السكان قادرين على شراء اللحم مثلما كانت الحال قبل الأزمة، بعد أن قفز سعر الكيلو من 12 ألف ليرة إلى ما يزيد على 600 ألف ليرة حاليًا

وقال علي شربل من قرية "المية ومية" قرب صيدا: "كنت أذهب كثيرًا لمحل أبو رامي وكنت أقف في طابور بانتظار شراء سندويش فلافل، أما الآن فقد اختفى ذلك الطابور وأنا نفسي لم أعد أذهب كثيرًا هناك لأني لم أعد أتحمل تكلفة سندويش فلافل كل يوم".

وبدأ لبنان البالغ عدد سكانه نحو 6.5 مليون نسمة يشهد أخيرًا موجة احتجاجات من قبل موظفي القطاعين العام والخاص للمطالبة بزيادة الأجور.

وهوت الأجور أكثر من 90% نتيجة انهيار الليرة التي بلغت اليوم السبت، نحو 80 ألفًا للدولار مقارنة مع 1500 قبل اندلاع الأزمة المالية أواخر عام 2019.

ونتيجة لذلك لم يعد الكثير من السكان قادرين على شراء اللحم مثلما كانت الحال قبل الأزمة، بعد أن قفز سعر الكيلو من 12 ألف ليرة إلى ما يزيد على 600 ألف ليرة حاليًا، أي أكثر من ربع راتب العامل في قطاعات مختلفة و20% من أجور المدرسين في القطاع العام.

وقال أبو أحمد: "رغم ارتفاع سعر سندويش الفلافل لم أحرم أطفالي من تناوله، أصبحت أشتري أقراص الفلافل وتقوم والدتهم بإعداد سندويشات لهم. كانوا يستمتعون أكثر عندما كنت آخذهم لمحل الفلافل بالمدينة لكن ليس أمامي خيار سوى التأقلم مع الواقع الجديد".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC