نتنياهو: إيران أطلقت علينا مئات الصواريخ الباليستية مرتين في هجمات تعد من الأكبر في التاريخ

logo
اقتصاد

هل سيستفيد الغرب من قتل الاقتصاد الصيني؟

هل سيستفيد الغرب من قتل الاقتصاد الصيني؟
03 أكتوبر 2023، 3:28 م

نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية مقالًا حول أسباب تراجع الاقتصاد الصيني، باعتباره "نموذجًا من النمو المنهك"، وقدمت تشخيصًا لـ"الأمراض المزمنة" التي يعاني منها هذا الاقتصاد، بالإضافة إلى تداعيات "سياسة صفر كوفيد" التي انتهجتها الصين، مع ما وصفته بفشل القيادة حيال التعاطي مع هذه التحديات.

وأشار المقال إلى مقتطفات من كتاب "نهاية المعجزة الاقتصادية الصينية"، المنشور، في سبتمبر/أيلول 2023، للكاتب آدم بوسن، والذي يصف فيه التحديات الاقتصادية الأخيرة التي تواجهها الصين باعتبارها حالة من حالات "كوفيد الاقتصادي الطويل المدى"، لافتًا إلى أن الاستجابة المتطرفة للوباء من جانب الرئيس الصيني، شي جين بينغ، أدت إلى إطلاق "الاستجابة المناعية لعامة الناس" و"أنتجت اقتصادًا أقل ديناميكية".

وقالت "فورين أفيرز" إن هذا التشخيص، رغم براعته، أغفل الأمراض المزمنة التي أصابت الاقتصاد الصيني قبل فترة طويلة من وباء "كوفيد-19"، والمتمثلة بنموذج النمو المنهك، وتوقف النمو السكاني بفضل "سياسة الطفل الواحد"، ناهيك عن فشل الرئيس شي في القيادة.

واعتبرت المجلة أن الرئيس شي ليس مسؤولًا عن المشاكل البنيوية الأعمق التي يواجهها الاقتصاد الصيني، لكنه يتحمل مسؤولية فشل الحكومة في التعامل مع هذه المشاكل.

وأشار المقال إلى أن الصين في ثمانينيات القرن الماضي، وفي عهد الزعيم الإصلاحي الشهير، دنغ شياو بينغ، طبقت إصلاحات اقتصادية شاملة بعد نهاية الثورة الثقافية.

وبعيدًا عن زعماء الحزب الشيوعي الصيني السابقين، خاصة ماو تسي تونغ، اتخذ دنغ نهجًا منفتحًا وعمليًا في التعامل مع التنمية الاقتصادية في البلاد، وأعاد تشغيل علاقة الصين مع الولايات المتحدة، ولاحظ، في العام 1979، أن "جميع البلدان التي عززت العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة أصبحت غنية"، وفق المجلة.

وأوضحت أنه عندما تعثر اقتصاد الصين بعد حملة القمع التي شنتها الحكومة على احتجاجات "ميدان تيانانمن"، في العام 1989، تمكن دنغ من الخروج من دوامة الهبوط من خلال التأكيد بوضوح على التزام الحزب بالإصلاحات الاقتصادية، خاصة خلال جولة مؤثرة قام بها، في العام 1992، في جنوب الصين.

وأردفت المجلة "على مدى السنوات الخمس والأربعين الماضية، تحولت الصين من واحدة من أفقر دول العالم وأكثرها عزلة إلى قلب سلسلة التوريد العالمية، لكن هذا الصعود الاقتصادي كان مبنيًا على نظام من القمع المالي أعطى الأولوية للاستثمار والصادرات على حساب الاستهلاك الأسري المحلي، الأمر الذي أدى إلى ركود ضار على جانب الطلب من الاقتصاد".

وأشار المقال إلى أن الكاتب بوسن اعتبر أن الربع الأول، من العام 2020، كان بمثابة "نقطة اللاعودة" بالنسبة للاقتصاد الصيني، رغم المشاكل التي واجهها هذا الاقتصاد منذ عقد من الزمان على أقل تقدير.

وبين أنه عندما أصبح شي رئيسًا للصين، في العام 2013، أتيحت له الفرصة للتركيز على الإصلاحات الاقتصادية المتعلقة بالطلب المحلي من خلال تحويل سياسة الحكومة لتشجيع الاستهلاك على الاستثمار، ومن خلال تطوير نظام رعاية اجتماعية أكثر قوة، لكن الصدمات السياسية المتراكمة في أول ولايتين للرئيس شي أدت إلى تفاقم التحديات البنيوية التي كانت تسحب الاقتصاد الصيني نحو الأسفل، رغم أنها لم تتسبب بانهياره بعد.

كما أضعفت هذه الصدمات السياسية - إلى حد كبير- الثقة التي ارتكز عليها عصر الانفتاح في عهد دنغ، وفق المقال.



ولفت إلى أن الرئيس شي ركز على المشاريع التي أعطت الأولوية للاستثمار الذي تقوده الدولة، وحولت موارد الدولة عن دعم الأسر الصينية نحو مبادرات مثل "الحزام والطريق" للعام 2013، والخطة الإستراتيجية "صنع في الصين 2025" والتي أطلقت، العام 2015، بهدف الحد من اعتماد الصين على التكنولوجيا الأجنبية.

كما قام شي بتوسيع دور السياسات الصناعية التي تخطط لها الدولة بشكل كبير، ومن خلال التأكيد على دور الحزب الشيوعي الصيني والحكومة في السيطرة على إدارة رأس المال، قلص شي من المساحة التي يحتاجها أصحاب المشاريع الخاصة الموجهة نحو المستهلك لتحقيق الازدهار لأعمالهم، وفق مقال "فورين أفيرز".

وقالت المجلة إن الكاتب آدم بوسن كان له مبرراته عندما حذَّر من أن "سوء تعامل الرئيس شي مع الوباء من المرجح أن ينهك الاقتصاد الصيني لسنوات"، مضيفة أنه كان مخطئًا في الإشارة إلى أن "المؤرخين سينظرون إلى عصر "كوفيد-19" باعتباره منعطفًا حاسمًا بالنسبة لاقتصاد الصين، وليس خطوة واحدة على طريق طويل".



حالة من "الذعر النفسي السياسي"

وتابع مقال "فورين أفيرز" بالقول إن النشاط العسكري المتصاعد للصين حول تايوان، والذي سبق تفشي الوباء، أدى إلى إثارة "تصور قاتم" في الصين بأن الصراع المسلح أمر لا مفر منه، وبأن "جيل الطفل الواحد" في الصين سيتحمل عبء مثل هذا الصراع، وهو التهديد الهائل الذي لا تستطيع سوى قِلة من الأسر الصينية الاستعداد للتعامل معه.

وقلل العديد من المراقبين من تقدير الدرجة التي أثر بها تدهور الثقة الغربية في الصين سلبًا على رغبة الشعب الصيني في الإنفاق وخوض المخاطر الاقتصادية، حيث يساهم التشاؤم "القادم من الخارج" في خسارة الشعب الصيني لثقته على نطاق واسع، وهو ما وصفه جيمس كينغ في صحيفة "فاينانشيال تايمز" الأمريكية بأنه "حالة من الذعر النفسي السياسي".

واعتبر المقال أن الرئيس شي فشل في تجميع قنبلة الصين الاقتصادية الموقوتة، لكنه نجح بتقصير فتيلها بشكل كبير.

وزعم الكاتب بوسن أن الحزب الشيوعي الصيني الآن أصبح بالنسبة للشعب الصيني العادي "صانع القرار النهائي بشأن قدرة الناس على كسب لقمة العيش أو الوصول إلى أصولهم".

وأردفت المجلة "كانت هذه هي الحال دائمًا في الصين؛ ما تغير هو الطريقة التي يتفاعل بها الحزب مع الصعوبات الاقتصادية، وفي الماضي استجابت الصين للإصلاحات والبراغماتية المطلوبة، لكن على النقيض من ذلك، كانت غريزة الرئيس شي تتجه إلى مواجهة كل التحديات من خلال التقشف السياسي والاقتصادي".

هل يستفيد الغرب من تراجع الصين؟

ويشير الكاتب بوسن إلى أن الغرب قد يستفيد من تراجع الصين، لكن الغرب لديه مصلحة حقيقية في منع الانهيار الاقتصادي في الصين، ونظرًا لحجم وأهمية اقتصاد البلاد، فإن حدوث أزمة مالية كاملة في الصين سيؤدي لحدوث عواقب أعظم كثيرًا من أي أزمات أخرى في الأسواق الناشئة، ومن شأن الأزمة أن تؤدي إلى تعقيد تحول الغرب إلى الطاقة النظيفة، لأن الصين هي المنتج المهيمن للتكنولوجيات والمعادن اللازمة لهذا التحول.

وأكدت المجلة أنه بدلًا من البحث عن فرص في الصراعات الاقتصادية التي تواجهها الصين، فإنه يتعين على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يعبروا عن اهتمامهم بمنع حدوث أزمة اقتصادية في الصين.

وأوضح المقال أن إحدى الخطوات الأولى الضرورية في هذا الصدد، تتمثل في إنشاء قائمة كيانات مشتركة لتنسيق الاستثمار وضوابط التصدير على التكنولوجيات المشتركة بين هذه الدول.

وقال: "يمكن لهذه الخطوة أن تقلل من احتمالية وصول المستثمرين ذوي الدوافع الإستراتيجية إلى التقنيات الحساسة".

ومع ذلك، فإنه إذا فشلت واشنطن وبروكسل في توضيح نوايا إستراتيجيات "إزالة المخاطر" الخاصة بهما، أو إذا واجهتا "عدوانًا" من قبل الرئيس الصيني، فقد تضفيان الشرعية على سياسة الاحتواء الاقتصادي التي ينظر إليها على أنها المسؤولة عن مشاكل الصين الاقتصادية، وبذلك يصبح ممارسة المزيد من العزلة على الصين هو الحل الوحيد، على حد قول المجلة.

اقتصاد أقل ديناميكية

ويحدد الكاتب بوسن المشاكل التي يواجهها الاقتصاد الصيني بما في ذلك الاستهلاك الضعيف، والاستثمار التجاري الهزيل، وارتفاع حجم الديون، وارتفاع حالة عدم اليقين المالي بين الأسر الصينية، لكنه أهمل المصادر البنيوية للضائقة الاقتصادية التي تعاني منها الصين، بحسب المقال.

وبين الكاتب أن المشاكل الاقتصادية التي تواجهها الصين جاءت نتيجة "انقلاب الرئيس شي جين بينغ على القطاع الخاص في الأعوام الأخيرة، خاصة في الاستجابة الحكومية لأزمة "كوفيد-19"".

واعتبر أن الحزب الشيوعي الصيني في عهد شي "ارتد نحو الأسلوب الاستبدادي"، مشيرًا إلى أن تدخل الحكومة في الحياة الاقتصادية وسيطرة الدولة على التجارة اليومية أديا إلى زيادة مدخرات الصينيين العاديين، وانخفاض مستويات الإنفاق، الأمر الذي يؤدي إلى "اقتصاد أقل ديناميكية".

وفي هذا الصدد تشير "فورين أفيرز" إلى أن سياسات الحزب الشيوعي الصيني في عهد شي أدت إلى زيادة الاستثمار الموجه إلى الشركات المملوكة للدولة بوتيرة سريعة، وبلغت حصة الائتمان الموجه إلى القطاع الخاص ذروتها، في العام 2015، ثم انخفضت بشكل مطّرد منذ ذلك الحين.

كما تدخل الحزب الشيوعي الصيني بشكل متزايد في عمليات الشركات الخاصة، بما في ذلك توسيع دور الحزب في حوكمة الشركات الخاصة بتوجيهات من حكومة شي، العام 2020، وفق المجلة.



ولفتت إلى أنه، بين عامي 2012 و2019، بلغ النمو التراكمي في الائتمان للشركات الخاصة 10%، وهو تباطؤ كبير جعله يتماشى مع نمو استثمارات الدولة.

وقالت إنه، بين يناير/كانون الثاني العام 2022 ويونيو/حزيران العام 2023، تراجع نمو الاستثمار الخاص إلى نصف مستوى نمو استثمار الدولة، وهو التغيير المدفوع بانهيار قطاع العقارات السكنية.

وأشارت "فورين أفيرز" إلى أن هذه المشاكل التي تواجه الاقتصاد الصيني ليست نتيجة للتحولات السياسية الأخيرة، بل هي نتيجة حتمية للاختلالات العميقة التي يعود تاريخها إلى ما يقرب من عقدين من الزمن، وكانت واضحة في نظر العديد من خبراء الاقتصاد قبل أكثر من عقد من الزمان، وهي أيضًا المشاكل التي تواجهها كل دولة تتبع أو اتبعت نموذجًا مماثلًا للنمو.

المصدر: مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC