مسعفون: غارات جوية إسرائيلية على قطاع غزة تقتل ما لا يقل عن 100 فلسطيني

logo
اقتصاد

حرب ترامب التجارية.. لماذا الآن وما التداعيات؟

حرب ترامب التجارية.. لماذا الآن وما التداعيات؟
الرئيس الأمريكي دونالد ترامبالمصدر: رويترز
04 فبراير 2025، 12:14 م

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم السبت 1 فبراير/شباط، فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الواردات من الصين، و25% على الواردات من كندا والمكسيك.

وبدأ تطبيق هذه الرسوم مع فجر يوم الثلاثاء، 4 فبراير/شباط، بالتوقيت الأمريكي. إلا أن الأسواق العالمية تبقى في حالة ترقب.. فهل ستسفر الاتصالات المتوقعة هذا اليوم بين ترامب، وكل من رئيس الوزراء الكندي والرئيسة المكسيكية عن اتفاق يحول دون بدء تطبيق هذه الرسوم الجمركية، أم سنمضي نحو جولات من تبادل فرض الرسوم الجمركية؟ 

رد الفعل الأولي للأسواق الأوروبية والآسيوية، صباح الاثنين، كان الهبوط؛ فالأسواق الأمريكية بدورها انخفضت عند افتتاحها الذي يصادف مع الساعة 6.30 مساءً بتوقيت أبوظبي. وفقدت أسواق العملات المشفرة حول العالم حوالي ستمئة مليار دولار.

أخبار ذات علاقة

لماذا استخدم ترامب "المطرقة الاقتصادية الثقيلة" ضد كندا والمكسيك؟

ولكن بالمقابل، قفز الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوياته منذ أشهر، في مواجهة عملات أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. كما ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية إلى أعلى مستوياتها منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ويشير رد الفعل الأولي إلى اعتقاد المستثمرين لكون الولايات المتحدة في موقع أقوى من منافسيها، بدليل ارتفاع الدولار، ولكن الجميع سيعاني، كما يظهر من انخفاض جميع أسواق الأسهم، وذلك مع توقع رد الدول المعنية برسوم جمركية مضادة.

ولكن ماذا سيحصل بعد هذا الرد؟ هل سنمضي لجولة أخرى من تبادل الرسوم الجمركية أم سترجح الأصوات الأكثر رصانة، ويتم التوصل لتسويات مختلفة؟

لتكوين صورة كاملة عما يجري، يجب فهم تفكير ترامب وأركان إدارته ورهاناتهم، وطريقة تفكير الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وكذلك المكاسب والخسائر المحتملة لمختلف الأطراف المعنية، والتي ستؤثر في مسار الحرب التجارية. 

حسابات ترامب وواشنطن

يرى ترامب في فرض الرسوم الجمركية على أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة سلاحًا يقوي موقع إدارته في ساحات مختلفة. الاعتبارات التجارية تتصدر تفكير ترامب، ولكنها ليست الوحيدة. الاقتصاد الأمريكي – على عكس نظيره الصيني مثلًا – هو اقتصاد استيراد، والميزان التجاري الأمريكي في حالة عجز متنام منذ 1975. 

آخر البيانات المتوفرة تخص العام 2023، وتشير إلى تجاوز العجز في الميزان التجاري لتبادل البضائع 1.06 تريليون دولار. والعجز التجاري الأكبر هو مع الصين، حيث يقارب العجز 280 مليار دولار، ثم مع الاتحاد الأوروبي عند 208 مليارات دولار، ثم المكسيك في المرتبة الثالثة بعجز يبلغ 152 مليار دولار. 

ويراهن ترامب على أن التلويح بالرسوم الجمركية سيجبر شركاءه التجاريين الكبار على زيادة مستورداتهم من البضائع الأمريكية، خصوصًا الصناعية والزراعية. وهذا ما سيحسن التوظيف والأجور للشرائح الأدنى دخلًا، والذين كانوا من رجح كفة ترامب في انتخابات 2024. 

ولكن رهانات ترامب تتجاوز الاعتبارات التجارية التقليدية. فهو يتهم الصين بعدم التجاوب والقيام بما يلزم لإيقاف تدفق المخدرات غير الشرعية إلى الولايات المتحدة التي باتت تشهد مقتل أكثر من 100,000 شخص سنويًا؛ بسبب الجرعات الزائدة من المخدرات. 

وفي حالة المكسيك، يراهن ترامب على أن سلاح الرسوم الجمركية سيجبر المكسيك على التعاون في ملف المهاجرين غير الشرعيين. يطالب ترامب المكسيك بضبط حركة المهاجرين القادمين من دول مختلفة عبر المكسيك إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، وكذلك على القبول باستضافة طالبي اللجوء ممن عبروا الحدود الأمريكية في معسكرات على الأراضي المكسيكية إلى حين نظر السلطات الأمريكية في طلبات لجوئهم.

وترى إدارة ترامب أن هذا السيناريو يمثل حلًا متوازنًا يسمح بتلبية الاعتبارات الإنسانية لمن يمتلك ظروفًا تستحق منح اللجوء، مع عدم توفير ظروف تشجع من لا يمتلك مثل هذه الظروف على محاولة العبور إلى الأراضي الأمريكية.

وحتى فيما يخص الاتحاد الأوروبي، يراهن ترامب على أن التلويح بالرسوم الجمركية يمكن أن يقنع الأوروبيين بالقبول بخطط ترامب الطاقوية، وعلى استيراد المزيد من النفط والغاز من الولايات المتحدة، وكذلك زيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي، واقتناء المزيد من المعدات الدفاعية الأمريكية. 

 

حسابات الشركاء التجاريين للولايات المتحدة

كان للشركاء التجاريين للولايات المتحدة تجربتهم مع الرسوم الجمركية والحروب التجارية في ولاية ترامب الأولى. وكان احتمال تكرار الحروب التجارية حاضرًا في نقاشات السياسيين ومراكز الأبحاث لهؤلاء الشركاء منذ أن برز ترامب بصفته المرشح الأقوى للحزب الجمهوري مطلع 2024.

لهذا يمكن القول إن أغلب الشركاء التجاريين للولايات المتحدة قد تجاوزوا حالة الصدمة سريعًا، وبعضهم جاهز للانتقال إلى المرحلة التالية. وقد ردت كندا بالفعل، يوم الأحد، بإعلان فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات الأمريكية. كما تعهدت  المكسيك والصين برد مماثل.

ولكن هذه الدول وغيرها يدركون أن تبادل فرض الرسوم الجمركية، وغيرها من أدوات الحرب التجارية، سيلحق أضرارًا كبيرة بمختلف الأطراف المعنية. 

كما تدرك هذه الدول أنه من المرجح أن تكون الولايات المتحدة أقل تأثرًا منها بنتائج هذه الحرب التجارية. ترجيح أن تكون الولايات المتحدة هي الأقل تضررًا هو ما يمكن ملاحظته في ظاهرة ارتفاع الدولار الأمريكي، والذي جاء نتيجة تفضيل المستثمرين لشراء الدولار، ما يعكس اعتقادهم بأن باقي الشركاء التجاريين للولايات المتحدة سيكونون أكثر تضررًا، ومن ثم يجب عدم الرهان على اليورو والجنيه الإسترليني والدولار الكندي والبيزو المكسيكي واليوان الصيني.

وقد انخفضت أغلب هذه العملات لأدنى مستوياتها أمام الدولار منذ 2022. بالمقابل، رفعت الصناديق المالية من رهاناتها على الدولار الأمريكي للفترة المقبلة، بما في ذلك باستخدام الرافعة المالية (Leverage)، لأعلى مستوى منذ 2018، وذلك بحسب ما تظهره بيانات "لجنة تداول العقود الآجلة للسلع" (CFTC) الأمريكية.

وقد بدأ التداول صباح الاثنين في الأسواق الأوروبية والآسيوية بانخفاض كبير تجاوز 2% لمؤشرات الأسهم، فضلًا عن تراجع العملات الأوروبية والآسيوية بقرابة 1% مقابل الدولار الأمريكي. 

كما يعاني أغلب الشركاء التجاريين للولايات المتحدة من مشاكل اقتصادية مختلفة. فالاتحاد الأوروبي لم ينجح حتى الآن بتحقيق التعافي بعد وباء فيروس كورونا وأزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية-الأوكرانية.

الاقتصاد الألماني، قاطرة الاقتصاد الأوروبي، انكمش في الربع الرابع 2024 بنسبة 0.2% بالمقارنة مع الربع الثالث. كما ارتفعت نسبة البطالة إلى 6.2%، ويتوقع الاقتصاديون أن يتجاوز عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا، في مطلع 2025، عتبة 3 ملايين وذلك للمرة الأولى منذ 10 سنوات. 

ودول جنوب شرق آسيا، مثل  اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، تواجه تحديات ديموغرافية وأمنية مختلفة، وتحتاج إلى الحفاظ على استقرار علاقتها بالولايات المتحدة في مواجهة الصين.

الصين بدورها تدرك أنها تخوض تنافسًا استراتيجيًا مع الولايات المتحدة، إلا أن دخول حرب تجارية مفتوحة الآن ليس من صالحها.

وتراهن هذه الدول أيضًا على أن ترامب يبحث عن انتصار سياسي بقدر ما يبحث عن انتصار تجاري، وأن التلويح بورقة الرسوم الجمركية هو تكتيك تفاوضي. ولعل تأكيد ترامب، يوم الجمعة، أنه لا يستخدم الرسوم الجمركية كورقة للتفاوض هو ما سيعزز اعتقاد شركاءه التجاريين بهذا الاحتمال بدل أن ينفيه. 

مسار الحرب التجارية

تجربة ترامب بالتلويح بالعقوبات والرسوم الجمركية في الأيام الأخيرة مع كل من كولومبيا وبنما تؤكد أن الصفقات تمتلك فرصًا مهمة. ففي الأسبوع الأول لتوليه منصبه، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية على كولومبيا بنسبة 25% ما لم تستقبل المهاجرين غير الشرعيين الذين تريد الولايات المتحدة إعادتهم إليها. الرئيس الكولومبي، غوستافو بيترو، هدد بالرد برسوم جمركية مقابلة. 

ولكن في 26 يناير/كانون الثاني، أصدرت الولايات المتحدة وكولومبيا بيانًا يعلن الاتفاق على نقل المهاجرين إلى كولومبيا، ليكون هذا هو الانتصار الأول لترامب. بنما نالت نصيبها من تهديدات إدارة ترامب بالعقوبات المختلفة، وباحتمال سيطرة الولايات المتحدة على قناتها الاستراتيجية؛ بسبب تنامي الحضور الصيني في بنما. 

وبنما حاولت الرد على التهديدات الأمريكية. ولكن يوم الأحد، 2 فبراير/شباط، أعلن رئيس بنما خوسيه راؤول مولينو، بعد لقائه وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، أن بلاده لن تجدد الاتفاقية الخاصة بالمشاركة في مبادرة الحزام والطريق الصينية (المعروفة إعلاميًا بمشروع طريق الحرير الجديد).

كما تعهد مولينو بضمان حرية المرور للقطع الحربية الأمريكية عبر قناة بنما. سجل ترامب انتصارين حتى الآن بتلويحه بالرسوم الجمركية والعقوبات الاقتصادية. 

أخبار ذات علاقة

صحيفة: حرب ترامب الاقتصادية "تهدد" الولايات المتحدة نفسها

الهند لم تتعرض لرسوم جمركية أمريكية، ولم تتعرض لتهديدات تجارية من جانب ترامب. إلا أنها تبدو مستعدة للتقارب وعقد صفقة ما. فقد أظهرت بيانات الموازنة العامة الهندية الجديدة التي أعلن عنها يوم السبت، 1 فبراير/شباط، تخفيض الرسوم الجمركية على بعض المنتجات الأمريكية، خصوصًا الدراجات النارية، من 50% إلى 30%. 

والصين التي تؤكد استعدادها للرد بفرض رسوم جمركية مضادة، تبدو مستعدة أيضًا للحلول الودية. فقد كشفت مصادر صينية لصحيفة "وول ستريت جورنال"، الاثنين، أن الصين تحضر عرضًا لإدارة ترامب يشمل تطبيق الاتفاق الذي وقع في العام 2020، والذي نص على زيادة المستوردات الصينية من الولايات المتحدة بمقدار مئتي مليار دولار، على مدى عامين.

 فضلًا عن عدم تخفيض قيمة اليوان الصيني، وضبط شحنات المواد الكيمائية الصينية، والتي يمكن استخدامها في تصنيع المخدرات. هذا العرض السريع يمكن أن يكون جذابًا لإدارة ترامب التي تدرك أن رفع تكلفة الواردات الصينية يمكن أن يضر شرائح واسعة في الولايات المتحدة، خصوصًا من الطبقة العاملة التي تعتمد على المنتجات الصينية ذات التكلفة التنافسية. 

ولكن ما سبق لا يعني أن حروب ترامب التجارية ستنتهي سريعًا بانتصار واسع. فالموقف الأوروبي لا يزال غامضًا. ولا توجد تسريبات حول صياغة عرض أوروبي جذاب لترامب. 

ولعل هذا يعود إلى انشغال ألمانيا بانتخاباتها المبكرة التي تعقد هذا الشهر. وكذلك الأمر بالنسبة لفرنسا التي شهدت تعاقب أربع حكومات خلال 12 شهرًا، لا تزال مشغولة بأزماتها البرلمانية والحكومية والاقتصادية. كما أن المشهد بالمجمل لا يزال مفتوحًا على مختلف المفاجآت، وولاية ترامب الثانية لا تزال في شهرها الأول.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC