عاجل

واللا: على قادة الجيش التكيف في حال تعيين ساعر وزيرا للدفاع وإلا ستحدث استقالات بين كبار القادة

logo
منوعات

تباين بين دول العالم في شفافية المعلومات بشأن كورونا

تباين بين دول العالم في شفافية المعلومات بشأن كورونا
30 مارس 2020، 1:22 م

احتدم الجدل في الآونة الأخيرة حول طبيعة الموازنة بين الخصوصية وضرورة نشر التوعية إزاء انتشار فيروس كورونا، حيث يجادل البعض بضرورة نشر معلومات تفصيلية والحفاظ على الشفافية، بينما يحذر البعض الآخر من خطورة التمييز ضد الأشخاص والمجتمعات الذين يُكشف عن إصابتهم.

ومع انتشار الفيروس التاجي في جميع أنحاء الولايات المتحدة، لم يبد الكشف المحدود عن البيانات من قِبل المسؤولين سوى جزءا لا يُذكر من المعاناة والاضطرابات الاقتصادية التي يسببها المرض.

ولكن ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، يقول الخبراء الطبيون إن مقدار المعلومات التي يجب كشفها للجمهور قد أصبح سؤالا حاسما سيساعد في تحديد كيفية مواجهة الولايات المتحدة لهذا الوباء والأوبئة المستقبلية.

ويطالب السكان بمعرفة ما إذا تم اكتشاف الفيروس في أحيائهم حتى يتمكنوا من اتخاذ المزيد من الخطوات لتجنب أي اتصال، فيما كان الباحثون الأمريكيون متعطشين للبيانات، على عكس زملائهم في البلدان الأخرى الذين يستخدمون كميات هائلة من المعلومات من أنظمتهم الطبية الأكثر مركزية.

ويشكو السياسيون المحليون من أنهم لا يستطيعون تقديم معلومات أساسية عن انتشار الفيروس إلى ناخبيهم، فيما يبدو أن الخصوصية تنتصر في حرب الموازنة بين الخصوصية والشفافية في الولايات المتحدة، فيما يتعلق بجائحة كورونا.

ويعتبر نهج الكشف عن الحد الأدنى من البيانات علنيا في أماكن مثل منطقة خليج سان فرانسيسكو أمرا شائعا في جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث يمتلك مسؤولو الصحة العامة سلطات الطوارئ التي تمنحهم حرية التصرف وتحديد ما يجب نشره وما لا يجب إخطار الجمهور به، وغالبا ما يتم سرد حالات الإصابة بالفيروس التاجي في كاليفورنيا حسب المقاطعة، وبشكل عام دون تقديم أي معلومات تفصيلية مثل الجنس أو مدينة الإقامة أو العمر.

ويقول منتقدو التقارير العامة الغامضة إنه من المدهش أنه حتى في وادي السليكون، موطن شركات التكنولوجيا الرائدة في العالم والتي يتخصص بعضها في جمع البيانات، لا يحصل السكان إلا على القليل من المعلومات حول حركة وانتشار الفيروس.

وتعتبر كاليفورنيا، التي لديها أكثر من 4600 حالة، صورة مصغرة لمدى عدم اتساق توزيع المعلومات خلال الوباء، حيث وفرت مقاطعة لوس أنجلوس توزيعا تقريبيا للمرضى بحسب الفئة العمرية وقسمت الحالات إلى أكثر من 140 مدينة ومجتمعا، وفي يوم الجمعة، على سبيل المثال، شهدت بيفرلي هيلز 21 حالة، ومدينة سانتا مونيكا 28 وحي ميلروز 49.

تباين بين الولايات الأمريكية

وهناك تناسق أقل عبر الولايات المتحدة، حيث تسرد نيويورك الحالات حسب الفئة العمرية والجنس والبلدة على الرغم من الدعوات لمزيد من التقارير المحلية، في حين تسرد "كونيتيكت" البيانات حسب المدينة، وتوفر فلوريدا لسكانها ثروة من البيانات حول هذا الوباء، حيث لدى وزارة الصحة بالولاية لوحة معلومات تفصيلية وتقارير توضح انتشار الفيروس، وهي غنية ببيانات عن المدن المتضررة، وعدد الأشخاص الذين تم اختبارهم، والفئات العمرية للمرضى، وما إذا كانوا من سكان فلوريدا، وعدد الحالات في دور رعاية المسنين.

وتؤكد إدارات الصحة في منطقة خليج سان فرانسيسكو أن إصدار المزيد من البيانات الدقيقة يمكن أن يزيد من التمييز ضد المجتمعات التي شهدت إصابات من كورونا، إذ إن الحالات الأولى في المنطقة كانت بين السكان ذوي الأصل الصيني بعد أن عادوا من رحلاتهم إلى الصين.

وقال الدكتور "روهان رادهاكريشنا"، نائب المسؤول الصحي في مقاطعة "كونترا كوستا"، والتي تقع على ساحل خليج سان فرانسيسكو، والتي توفر فقط العدد الإجمالي للحالات في المقاطعة على موقعها على الإنترنت إن "الأوبئة تزيد من الارتياب والتمييز، يجب أن نكون أكثر حذرا في حماية الأفراد والمجتمع."

وفي سانتا كلارا، يقول مسؤولو الصحة إنهم لا يستطيعون الكشف عن عدد الحالات التي تم العثور عليها في كل مدينة بسبب قانون الخصوصية الطبي الصارم للولاية، وقانون "قابلية التأمين الصحي والمساءلة" الذي وقعه الرئيس بيل كلينتون في عام 1996.

إلا أن هذا القانون قد تم تصميمه لحماية البيانات الشخصية في مكاتب الأطباء والمستشفيات ويتضمن شروطا لنشر المعلومات المحمية أثناء حالات الطوارئ.

ومن جانبه قال "أرثر كابلان"، أستاذ أخلاقيات الطب في كلية الطب في مدينة نيويورك إن "استخدام القانون كمبرر للحد من إطلاق البيانات المجمعة حول فيروس كورونا أمر سخيف".

ويعد البروفيسور كابلان من بين العديد من الخبراء الذين يقولون إن فيروس كورونا من المرجح أن يحفز إعادة تقييم لقوانين الخصوصية الطبية، وبالفعل، تنازلت إدارة ترامب عن بعض شروط القانون هذا الشهر.

وشرح البروفيسور كابلان قائلا: "لقد تم كتابة قانون نقل التأمين الصحي والمسؤولية منذ مدة طويلة وفيروس كورونا سيجعلنا نعيد التفكير في الكثير من الأمور، سيكون علينا أيضا التخطيط لتبادل البيانات وإجراء الاختبارات بشكل أفضل".

خارج أمريكا

ويتناقض نهج الولايات المتحدة بشكل حاد مع نهج سنغافورة وتايوان، اللتين تم الإشادة بجهودهما الفعالة ضد الفيروس، إذ تعلن الحكومتان علنا عن تفاصيل الحالات وتعاملاتها وتستبدل الأسماء بالأرقام حفاظا على سرية الهوية، وفي سنغافورة، تسرد السلطات أحيانا الأحياء التي يعيش فيها المرضى وأماكن عملهم والكنائس أو المساجد التي كانوا يترددون عليها.

ويقول "جلين كوهين"، خبير في الأخلاقيات في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، إن المبدأ التوجيهي خلال هذه الأزمة يجب أن يكون المشاركة أكثر وليس أقل.

وأشار إلى أن "الصحة العامة تعتمد إلى حد كبير على ثقة الجمهور، وإذا شعر الجمهور كما لو أنه يتم تضليلهم، فسينخفض استعدادهم لتقديم تضحيات مثل التباعد الاجتماعي، وهذا سبب قوي لمشاركة أكبر قدر ممكن من المعلومات".

التجربة الصينية

كما يشير الخبراء أيضا إلى أن قمع الحكومة للمعلومات حول الفيروس في الصين هو الذي سمح بانتشار الفيروس بسرعة قبل اتخاذ إجراءات للقضاء عليه.

ويمتد الإحباط من ندرة البيانات ليشمل علماء الأوبئة الذين يحاولون فهم ديناميكيات انتشار الفيروس، إذ يقول "جوزيف لوينارد"، أستاذ علم الأوبئة في جامعة كاليفورنيا، إن الباحثين يعانون من الضيق في الولايات المتحدة بسبب عدم توافر بيانات محددة عن الاختبارات والأعراض التي يظهرها المرضى.

وقال إنه لتعويض النقص في البيانات العامة ، يقوم الباحثون بجمع معلومات عن حالات من وكالات الأنباء والتقارير الإعلامية الأخرى، ويعتمدون بشكل أساس على بيانات من كوريا الجنوبية والصين وإيطاليا في محاولة للتنبؤ بانتشار الفيروس.

وأوضح لوينارد: "نحن نتعلم الآن ونحاول توقع ما يحدث هنا في الولايات المتحدة استنادا إلى ملاحظات من هذه الدول الأخرى".

ويقول "موريتز كريمر"، الباحث في جامعة أكسفورد الذي يقود فريقا من الباحثين في رسم خرائط الانتشار العالمي لفيروس كورونا، إن بيانات الصين "قدمت تفاصيل لا تصدق"، بما في ذلك عمر المريض ، والجنس، وتاريخ السفر، وتاريخ الأمراض المزمنة، موقع ظهور الحالة، وتاريخ ظهور الأعراض والعلاج في المستشفى وتأكيد العدوى.

وقال إن الولايات المتحدة كانت بالمقارنة "بطيئة في جمع البيانات بطريقة منهجية".

ويرجح الدكتور "جايسون وانغ"، الباحث في جامعة ستانفورد، الذي درس كيف تعاملت تايوان مع تفشي الوباء، ألا تتقبل الولايات المتحدة بعض الإجراءات المتخذة في تايوان بسبب مخاوف الخصوصية، إذ قامت حكومة تايوان، على سبيل المثال، بدمج قاعدة بيانات هيئة الهجرة في المطارات مع قاعدة البيانات الطبية الوطنية حتى يتمكن الأطباء على الفور من معرفة ما إذا كان المريض قد سافر إلى خارج البلاد.

إلا أن الدكتور وانغ يقول إن النهج الاستباقي الذي اتبعته تايوان تجاه الفيروس، بما في ذلك التعقب النشط للحالات، ساعد على إبقاء العدد الإجمالي للإصابات المؤكدة والبالغ 283 يوم السبت، أقل بكثير مما توقعه الخبراء في البداية، وبالمقارنة، شهد حي كوينز في مدينة نيويورك، والذي يحتوي على عُشر سكان تايوان، 10 آلاف حالة.

وقال إن بعض المعلومات التي يتم نشرها للجمهور في تايوان وسنغافورة ستكون على الأرجح غير مثيرة للجدل في الولايات المتحدة، حيث أشارت السلطات التايوانية، على سبيل المثال، إلى الروابط بين الحالات المجهولة الهوية، بما في ذلك المجموعات الأسرية، في محاولة لتحذير الجمهور من مدى سهولة انتقال الفيروس داخل الأسر.

وأشار البروفيسور كابلان من جامعة نيويورك، إلى أنه من المفارقة أن الولايات المتحدة تقدم معلومات أقل دقة لمواطنيها عن تفشي المرض من سنغافورة التي تضع قيودا على انتشار المعلومات من خلال ضوابط الإنترنت.

وأضاف: "هنا نتوقع الحصول على معلومات حتى يكون لدينا خيارات ونستطيع اتخاذ قراراتنا، فنحن نرى المعلومات كأكسجين الديمقراطية، ألا يجب أن نتلقى معلومات أكثر منهم؟".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC