logo
منوعات

ماذا تغير في الأعراس الشعبية المصرية بين الماضي والحاضر؟

ماذا تغير في الأعراس الشعبية المصرية بين الماضي والحاضر؟
29 أكتوبر 2021، 5:39 ص

تعتبر مظاهر الاحتفال بالأعراس الشعبية في مصر واحدةً من العادات التي تتوارثها الأجيال منذ عصر الفراعنة، وإن كانت تختلف من بلدة إلى أخرى حسب الموروثات الثقافية والقدرة المادية لصاحب العرس.

وتختلف أعراس الأرياف عن مثيلاتها في المدن، رغم أن الكل يحتفل بطريقة تدخل البهجة والسرور على الأهل والأقرباء والحضور.

وللأعراس في مصر مظاهر وطقوس وضعها الفراعنة، وما زالت تُقام حتى الآن رغم مرور أكثر من 7000 سنة، منها "دبلة الخطوبة"، فهذه العادة اخترعها المصريون القدماء وأطلقوا عليها "حلقة البعث"، كما أن المأذون وحفل الزفاف والكوشة والزغاريد تعد أيضا من العادات الفرعونية التي تمسك بها المصريون في مختلف العصور.

ومن مظاهر الاحتفال المهمة بالعرس، حفل الزفاف، ولكن في كل عصر من العصور له مظاهره الخاصة، ففي عصر الفراعنة كان الرقص من أهم مظاهر الأعراس، كما ذكرت البرديات القديمة المتواجدة بالمتاحف المصرية.





وفي القرى المصرية، يُقام حفل الزفاف على مدار 3 أيام، ويسمى اليوم الأول بيوم "الحناء"، حيث يقوم العروسان بوضع الحناء على أيديهما، كمظهر من مظاهر السعادة، فيما يتمثل دور الشباب أصدقاء العروسين في الغناء والتصفيق لهما.

ويسمى اليوم الثاني بيوم "الزفة"، وفيها تتزين العروس وترتدي فستان زفاف بلون مختلف عن الأبيض المخصص ليوم الزفاف، وتقام الحفلة في بيت العروس، ويحتفل بها أهلها وصديقاتها، ويقدمون لها الهدايا.

أما في اليوم الثالث الذي يسمى "يوم الدخلة"، يحتفل العريس بزفافه بعدة طقوس ثابتة لم تتغير إلى حد ما، حيث يقيم العريس وليمة طعام كبيرة، ويدعو لها أقرباءه وأصدقاءه، وتعلق الزينة والأنوار بالشوارع، ويذهب العريس في المساء ليحضر عروسه من منزل أبيها إلى منزله، ويقيم حفلا بساحة واسعة بالقرب من منزل العريس يحييه المطربون والراقصات، فيرقص العريس وعروسه برفقة الأهل والأقارب على الأغاني الشعبية، حتى يدخلا منزل الزوجية.

وفي الماضي، كان هناك فنانون متخصصون في أغاني الأعراس الشعبية، خاصة بالأرياف، منهم الفنان الشعبي الراحل محمد طه، الذي كان يجوب ربوع مصر متنقلا من بلدة إلى أخرى لإحياء حفلات الزفاف، والفنان محمود شكوكو، وأحمد عدوية، ومحمد رشدي، والفنانة فاطمة عيد صاحبة العديد من الأغاني التي يحرص أهل العريس على تشغيلها في أفراحهم حتى الآن، منها "يا أم العريس، عريسنا اهو، جه عريسنا، الليلة فرح"، وغيرها من الأغنيات التي تعد من مظاهر الاحتفال.





تغير حال الاحتفالات

أما الآن ومع انتشار أغاني المهرجانات، وسوء الأحوال الاقتصادية، تغير حال الاحتفالات عن الماضي، لتحل مكان المطربين والراقصات والفرق الموسيقية سماعات كبيرة توضع على المسرح "DJ"، وعليها أغاني المهرجانات الصاخبة، لتوفير الأموال الباهظة التي تحصل عليها الفرق الموسيقية والراقصات.

ومنذ انتشار أغاني المهرجانات، تغيرت طبيعة الأفراح ونوعية الرقصات التي اعتادها المصريون، ففي معظم الأفراح، اختفت الراقصات ليظهر الراقصون الشباب الذكور الذين يأتون مع "الدي.جيه" لإضفاء أجواء البهجة وإشعال الفرح.

ورغم أجواء الفرح والبهجة التي تغمر مكان الفرح، ظل هناك جانب سلبي في الأمر، حيث تمتد بعض الأفراح لساعات متأخرة من الليل، ما قد يسبب حالة من الإزعاج للسكان، وخصوصا أن الفرح يقام في الشارع، ولكن مع حالة الود والحب التي تجمع أبناء البلدة، لا يعترض أحد من السكان، بل أنهم يشاركون في الغناء والرقص فرحا بابن بلدتهم.

أما في الحضر، تختلف الأعراس بشكل كبير، حيث تقام حفلات الزفاف داخل قاعات مخصصة للحفلات، وليس بالشارع، ويتم تقديم وجبات طعام للضيوف في حفل الزفاف، ويقوم مطربون بإحياء الحفل، وفي الفترة الأخيرة أصبح الـ "دي جيه" يتواجد أيضا داخل القاعات.





وتقول الحاجة "نادية" البالغة من العمر 60 عاما، والتي تقطن بمحافظة كفر الشيخ، إحدى محافظات الدلتا بمصر، عند سؤالها عن رأيها في حفلات الزفاف وما طرأ عليها من اختلاف بعد انتشار التكنولوجيا: الحياة لم يعد بها بركة مثل السابق، فقديما كان أهل القرية الواحدة جميعهم كالإخوة، يفرحون لبعضهم، ويراعون مشاعر بعضهم البعض، فكان أهل العريس يأخذون الإذن من أهال القرية لإقامة عرسهم، وكان لا يعترض أحد على ذلك، بل يشاركونهم الفرحة، أما الآن فقد اختلفت هذه العادات، ولم تعد هذه القيم موجودة".

وأضافت: "كما أن الأغاني والرقص الآن أصبح قلة أدب، فقديما كنا نستمع لمحمد طه الله يرحمه، وشكوكو كان بيضحكنا، والطبل البلدي يا عيني عليه، كنا نرقص عليه طوال الليل".

أما الحاج مصطفى ابن محافظة أسوان في صعيد مصر، والذي سيقيم حفل زفاف ولده الشهر المقبل، فيرى "أن العرس لا يكون عرسا إلا إذا أقيم بالشارع بجوار المنزل، ليدخل السرور على أبناء بلدته، حيث يأكلون لحوم وليمة العرس حتى يبارك الله في عريسهم"، واصفا إقامة الأعراس في القاعات، بأنها "تقليعة جديدة"، يقوم بها البخلاء والفقراء حتى لا يطعمون الناس.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC