logo
منوعات

شاب تونسي يثير الإعجاب بتحويل العجلات المطاطية المهملة لتحف فنية (صور)

شاب تونسي يثير الإعجاب بتحويل العجلات المطاطية المهملة لتحف فنية (صور)
06 فبراير 2022، 11:02 ص

عندما باشر الشاب فاروق العيشاوي ذو الحادية والعشرين ربيعا، دراسته الجامعية في اختصاص البيولوجيا بكلية العلوم بمحافظة صفاقس (جنوب)، جالت بخاطره أسئلة عدة حول الدراسة الجامعية بتلك المدينة التي تبعد مئات الكيلومترات عن مقر سكناه بمحافظة القصرين (وسط).

لم يكن يفكر العيشاوي أصلا في دراسة البيولوجيا، لكنه بدأ التكوين في ذلك الاختصاص على مضض قبل أن ينقطع عن التعليم ويعود من جديد إلى مسقط رأسه ليعيش سنوات البطالة مثل أغلب أبناء تلك المدينة الداخلية التي تشهد نسبة مرتفعة في معدلات البطالة وارتفاعا ملحوظا في مؤشرات الفقر مقارنة بسائر المدن التونسية.

مرت على تلك الأحداث الآن أكثر من 12 عاما، لكن فاروق لا يزال يذكرها بتفاصيلها الدقيقة، كيف لا وقد كانت تلك الفترة المنعرج الذي غير حياته وجعله الآن واحدا من أنجح الشبان في مجال صناعة الأثاث والديكور والتزويق من خلال بقايا العجلات المطاطية التي ألقى بها أصحابها بعد أن زالت الحاجة إليها.

وتعد تجربة فاروق العيشاوي، وهو شاب حاصل على شهادة جامعية في الهندسة الكهربائية لكنه ظل عاطلا عن العمل لسنوات، ملهمة للكثير من الشباب في تونس ممن أنهوا دراستهم الجامعية ولكنهم عجزوا عن الحصول على عمل في بلد تناهز فيه نسبة البطالة 25%.





وتحول ولع فاروق برسكلة العجلات المطاطية للسيارات والشاحنات، على اختلاف أحجامها، وتطويعها حسب تصوراته إلى هواية لا يقدر على التخلي عنها قبل أن يتحول الأمر إلى مشروع صناعي قائم الذات أرسى مكوناته بإمكانيات مادية ضئيلة ومجهودات ذاتية بسيطة في البداية.

وبدأت قصة إبداع فاروق العيشاوي مع تحويل العجلات المطاطية إلى تحف فنية أو مقاعد وثيرة أو طاولات وكراسي وأرائك في سنة 2013 عندما كان يمر إلى عمله في مدينة القصرين ليشاهد العجلات المطاطية التي لم يعد أصحابها في حاجة إليها مهملة وملقاة في الشوارع وحتى في الساحات.

وبحكم ولعه برسكلة المواد فكر في استغلالها لأغراض فنية في المقام الأول وبيئية في المقام الثاني، قبل أن ينطلق في البداية بتطويع تلك المواد إلى أشكال ومجسمات بسيطة.





ويقول فاروق لـ"إرم نيوز" إنه "بعد أن انقطعت عن دراسة البيولوجيا في الجامعة، حولت وجهتي لدراسة الهندسة وتحصلت على شهادة عليا، ثم عملت في مجال صنع وتركيب التجهيزات الصحية وبيوت الحمام، ولكن فكرة ابتكار مشروع خاص بي كانت تخامرني دوما، استغرق الأمر وقتا طويلا قبل أن أمر إلى تنفيذ المشروع".

ويضيف أنه "ككل البدايات، كان الأمر صعبا في البداية، وجدت المواد الأولية وهي العجلات المطاطية القديمة التي كنت أحصل عليها إما صدفة أو أتولى شراءها من محال تصليح وتركيب العجلات، لا بد أن أعترف أني صديق للبيئة ووجدت في رسكلة العجلات فنا وحماية للبيئة والمحيط وحرفة يمكن أن أطورها في الآن نفسه".

وبعد الخطوات الأولى تلقى فاروق تكوينا في الخياطة والفصالة باعتبار أن تلك المواد لن تتحول إلى قطع من الأثاث والديكور إلا عندما تكسوها الأقمشة الجميلة ويتم تغليفها بطريقة بديعة لتظهر كما أنها أرائك أو مقاعد أو طاولات داخل الصالون.





ونجح الشاب الطموح في تحويل العجلات إلى مجسمات قبل أن يفكر في بعث مشروع كامل وقائم الذات وفتح ورشة صغيرة لصناعة الأثاث فتحصل للغرض على قرض مالي من أحد المصارف قبل أن تتغير حياته كليا.

ويضيف في حديثة لـ"إرم نيوز"، أنه "أصبحت كل التجهيزات متوفرة، صرت منذ 2020 أملك مصنعا صغيرا متخصصا في صناعة وابتكار الأثاث من خلال تحويل العجلات المطاطية، فكرت أيضا في تحويل بقايا العجلات المطاطية إلى قطع للتزويق والديكور".

وتابع: "أصبحت أشغل ثلاثة عمال معي داخل الورشة فضلا عن خياطة الأقمشة التي ستكسو الأثاث، بدأ الحلم يكبر رغم بعض الصعوبات".

ويقوم المشروع على مرحلتين اثنتين، ففي الأولى يتم قص العجلات القديمة والمستعملة في الورشة وإعدادها لتكون جاهزة للتحويل حسب النماذج المتعارف عليها للأثاث، أما في المرحلة الثانية فيتم التغليف بحسب ذوق الحريف.

كما يتولى صاحب المشروع صناعة الأسس التي تغرس فيها نباتات الزينة وذلك في أشكال وأحجام مختلفة قبل طلائها وتزويقها حسب رغبة الحريف أو حسب تصور صاحب المصنع نفسه.

أما بخصوص أسعار تلك المواد والتحف الفنية أو قطع الأثاث، يقول فاروق: "مقارنة بأسعار الأثاث العادي المصنوع من الخشب أو المعادن، يمكن أعتبار أسعار أثاث العجلات المطاطية أو قطع الديكور رمزية، بل تكاد تبلغ نصف ثمن أثاث الخشب مثلا، صنع مقاعد وثيرة وتغليفها يدويا هي صناعة مكلفة ولكنني أحرص على أن لا تكون الأسعار مشطة".





وواجه فاروق العديد من الصعوبات بالبداية في تسويق منتجاته؛ وذلك بسبب تفشي فيروس كورونا في النصف الأول من سنة 2020، ولكنه يعتبر أن التشجيع الذي وجده من قبل حرفائه زاده عزما على تخطي تلك العقبات ومواصلة الحلم وتوسيع مشروعه.

وشارك الشاب في عديد المعارض والصالونات الخاصة بالأثاث التقليدي أو برسكلة المواد، إذ يقول: "شاركت في معارض كثيرة للصناعات التقليدية ونلت كل شهادات الإشادة والإعجاب، أدرس جيدا حرفائي كما أني أركز كثيرا على كون هذا الأثاث بشهادة الحرفاء مريح وصحي وأيضا غير ملوث للبيئة".

ويضيف فاروق أنه حصل على شهادة من وزارة الصحة التونسية تؤكد أن الأثاث الذي يصنعه والمقاعد التي يبتكرها صحية وغير مضرة، ويكشف لـ"إرم نيوز"، أنه تلقى عروضا للعمل في فرنسا من شركات استحسنت تصميم الصناعات التقليدية التي يقوم بها، لكنه فضل العمل في تونس".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC