logo
منوعات

الدراما التاريخية.. هروب من أزمات الواقع أم وجه آخر للإبداع؟

الدراما التاريخية.. هروب من أزمات الواقع أم وجه آخر للإبداع؟
27 فبراير 2022، 5:39 ص

تصاعد في السنوات الأخيرة تناول كتاب الدراما في الوطن العربي قصصًا تاريخية من القرن الماضي في أكثر من عمل، وحقق معظمها نجاحًا كبيرًا؛ ما يبرز العديد من التساؤلات عن سبب الهروب من الحاضر إلى الماضي، وهل هو محاولة لجذب المشاهد بالديكورات والإكسسوارات؟، أو يتهربون من الواقع وأزماته بسرد قضايا وقصص ذهبت مع أصحابها؟

ومن الأعمال التي ناقشت حقبًا زمنية قديمة، مسلسل "جزيرة غمام" الذي يقوم ببطولته الفنان طارق لطفي، ومن تأليف السيناريست عبد الرحيم كمال، في ثاني تعاون بينهما للعام الثاني على التوالي، وتدور أحداث المسلسل في عشرينيات القرن الماضي، حيث يسرد قضايا هامة حدثت داخل المجتمع المصري.

أيضا مسلسل "الفتوة" إذ قرر السيناريست هاني سرحان أن يخوض أولى تجاربه في الدراما التاريخية، فكتب مسلسل الفتوة الذي عرض في الموسم الرمضاني قبل الماضي، وتناول حقبة زمنية قديمة، وهي زمن الفتوات التي كانت تفرض سيطرتها على حواري مصر القديمة، وتأخذ الأموال من الشعب مقابل حمايتهم، وقام ببطولة المسلسل الفنان ياسر جلال.

وأيضا مسلسل "سيف الله" للفنان ياسر جلال، المنتظر تصويرة منذ عامين، ومسلسل "حتى لا يطير الدخان" الذي قرر تجسيده الفنان مصطفى شعبان، وهو مأخوذ عن رواية للأديب المصري الراحل إحسان عبد القدوس

واستطلع موقع إرم نيوز آراء نقاد وكتاب الدراما في الظاهرة التي باتت منتشرة بقوة في الأعمال التي طرحت أخيرًا.

ليست جزافية

وقال الناقد المصري، أحمد سعد الدين، إن "اختيار الحقبة الزمنية التي تدور فيها أحداث المسلسل يحكمه أمور عديدة، أولها أن يكون قرار العودة بالعمل لحقبة قديمة لوجود علة، وليس جزافا، فحينما يقرر الكاتب الكتابة في فترة معينة يجب أن يكون جرى فيها أحداث هامة".

وأضاف، سعد الدين، في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز": "يعني لو فكرت أن أكتب الآن عن فترة الثلاثينيات فسيكون مقبولا وجيدا، فهذه الفترة هي إرهاصات الحرب العالمية الثانية، بما فيها الديكورات والأدوات التي تميزها من ملابس وسيارات وأشكال معينة".

وأوضح "الحقب التاريخية تجذب المشاهد لأنها تمثل له حنينًا للماضي، والمشاهد يفضل الأعمال التاريخية عن غيرها، لكنها بالطبع مرهقة للمخرج ومهندسي الديكور؛ لأن المخرج يعود لهذه الفترة بكل حذافيرها من أشكال المنازل والشوارع والملابس، على حد وصفه".

الضرورة الدرامية

وأكد، سعد الدين "ما يوجه السيناريست لكتابة عمل تاريخي هو الضرورة الدرامية، ومن الممكن أن يكون هروبًا من الواقع، فمثلا يعرض حاليّا 30 مسلسلا عن قصص مختلفة في الفترات الراهنة، فيفكر الكاتب أن يهرب بمسلسله إلى فترة تاريخية مختلفة تكون بمثابة عامل جذب للمشاهد.

أما السيناريست والممثل، إسلام حافظ، فاختلف قليلا في رأيه عن سعد الدين، إذ يرى أن الأعمال التاريخية موجودة في كل وقت، وإن كانت شهدت وفرة أكثر خلال الأعوام الماضية، ومنها ما يحقق نجاحًا، ومنها ما يخفق مثلها مثل الأعمال التي تُجسد قصصًا آنية".

وأضاف حافظ، في تصريحاته لـ "إرم نيوز": "الأعمال التاريخية إذا كانت جيدة الصنع، فهي أكثر جذبًا للجمهور، وصاحبة الحظ الأوفر في النجاح عن غيرها؛ لأن الجمهور دائما ما يحب الاطلاع على التاريخ من الأعمال الدرامية، ومن الأمثلة القوية على ذلك، مسلسل يوسف الصديق، الذي حقق نجاحا كبيرا في كل الدول الإسلامية، رغم أن القصة شهيرة ومعروفة وذكرها القرآن الكريم، وأيضا المسلسل التركي قيامة أرطغرل، الذي حقق نجاحا عالميا".

شغف الجمهور

من جهته، قال الناقد رامي المتولي، إن "سبب ذهاب المؤلفين للأعمال التاريخية، يعود لشغف الجمهور العربي بالأعمال التي تتحدث عن حقب زمنية قديمة، سواء أكانت في التاريخ القريب أم القديم"، مضيفًا "إذا نظرت في تاريخ الدراما العربية ستجد أن الأعمال التي حققت نجاحات كبيرة وظل الجمهور مرتبطًا بها إلى الآن هي أعمال تاريخية، مثل المسلسل السوري الزير سالم، وليالي الحلمية وبوابة الحلواني المصريين، وغيرها.

وأضاف المتولي، في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز": "رغم النجاح الذي تحققه المسلسلات التاريخية، ولكن يبقى هناك عوائق كثيرة في طريقها، مثل التكلفة الإنتاجية العالية، التي تجعل المنتجين يهربون منها ويعزفون عنها، كما أن كتابها لا بدَّ أن يكونوا متخصصين في هذا النوع من الأعمال، ولديهم ثقافة واطلاع، ويقوموا ببحث قوي حتى لا يغيروا في التاريخ".

وأوضح الناقد المصري "من أفضل الكتّاب الذين تصدروا للأعمال التاريخية هو السيناريست المصري الراحل وحيد حامد، إذ قام بعمل أبحاث كثيرة عن الأعمال قبل أن يبدأ في كتابتها، وكان بمثابة عنصر اطمئنان للمُشاهد الذي يثق أنه سيرى عملا لا يزيف التاريخ، بل ينقله كما هو".

وأشار المتولي، إلى أنه "لا يرى في توجه المؤلفين إلى الأعمال التاريخية إفلاسًا في الإبداع، بل هو تلبية لمتطلبات السوق".

مرهقة

ويوضح المخرج، عثمان أبو لبن، أن "الأعمال التي تتحدث عن حقب زمنية قديمة هي أكثر أنواع المسلسلات إرهاقًا للمخرج، والخطأ الصغير فيها هو بمثابة كارثة، لذلك يبذل فريق العمل بقيادة المخرج مجهودًا جبارًّا حتى يستطيع نقل الحقبة الزمنية الماضية إلى الوقت الحاضر بكل حذافيرها".

وأضاف أبو لبن، في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز" أن "الأعمال التي ناقشت حقبات زمنية قديمة أخيرًا، تناولت التاريخ القريب، الذي تتشابه معالمه مع الوقت الحاضر إلى حد ما، حتى لا يكون مكلفا إنتاجيا بشكل كبير كالحقب القديمة، موضحًا أن قرار المنتج أن يصنع مسلسلا تاريخيا هو قرار جريء، وفيه مجازفة".

وأشار "هناك العديد من الكتاب الكبار لديهم أعمال تاريخية ووطنية مكتوبة منذ أعوام، ولا يجدون من ينتجها لهم، لأنها ستكلف المنتج أموالا باهظة، لذلك يلجأ المنتج إلى الأعمال ذات التاريخ القريب، ليستفيد منها بإقبال الجمهور عليها، وفي الوقت ذاته لا تُعجزه ماليا.. بحسب وصفه".

فقر تاريخي

أما المنتج جمال العدل، فرأيه مخالف تمامًا لكل ما قيل، وإن كان يتفق في بعض النقاط مع المخرج عثمان أبو لبن، إذ يرى "فقرًا في الأعمال التاريخية، بسبب أنها لا تحقق أرباحًا مالية للمنتجين رغم أهميتها".

ويضيف العدل، في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز": "الأعمال التاريخية الحقيقية هي التي تناقش التاريخ القديم، فالهدف منها هو نقل صورة عن التاريخ القديم للجيل الحالي الذي لم يعاصر هذه الحقَب، لتصنع حالة من الترابط الوجداني لدى الشباب بين الحاضر والماضي".

وأشار إلى "أهمية هذه الأعمال، موضحًا أنه على كل دولة أن تقوم بإنتاج أعمال وطنية وتاريخية حتى يعلم الجميع تاريخ أجدادهم".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC