logo
منوعات

الوجه الآخر لمسلسل "كسر عضم".. نص مهلهل وكاميرا رجراجة

الوجه الآخر لمسلسل "كسر عضم".. نص مهلهل وكاميرا رجراجة
09 مايو 2022، 4:59 م

بعد أن انتهى العرض الرمضاني لمسلسل "كسر عضم"، سيناريو علي معين صالح، وإخراج رشا شربتجي، وإنتاج شركة كلاكيت، بات بالإمكان الوقوف نقدياً على مختلف تفاصيل العمل، ومحاولة تصويب الأخطاء في عمل أثار الكثير من الجدل، من خلال لَيْ عُنُق الدراما بغية تحقيق نسب مشاهدة عالية لا أكثر ولا أقل.

الخلل الرئيس في المسلسل، ينبع من النص أولاً، الذي لم يكترث نهائياً برسم صورة مكتملة للشخصيات كما تستدعي الدراما التلفزيونية، فهل من الممكن مثلاً ألا نعرف مصدر قوة شخصية "الحكم.. فايز قزق" المتنفِّذ، وما المنصب الذي يشغله ويعطيه السلطة للتحكم بأتباعه وبِكَمٍّ هائلٍ من البشر حوله؟

المباشرة في اسم الشخصية لا تكفي، كما أن الانقلاب في مصيرها غير مقنع ألبتة، فكيف لكل هذا الجبروت أن ينتهي هو والمتورطون معه إلى السجن، بينما في الواقع السوري مئات الأمثلة التي تخرج من أعتى التحقيقات مثل الشعرة من العجين، أو على الأقل يكون أمامها أكثر من باب للهروب خارج البلد.

إضافةً إلى ذلك ما المُبرِّر المنطقي الذي دفع "ريان.. سامر إسماعيل" للانتحار، بعدما اتخذ قراره بتوريط والده "الحكم" أمام خصومه وتسليم شحنة مخدرات بملايين الدولارات للسلطات المختصة؟ مع أنه كان بالإمكان إغناء هذه الشخصية، ودفعها إلى الكثير من أفعال المواجهة والصِّدام، التي كانت ستُغني العمل حتماً، بدل وضعه أمام هذا الخيار العاجز، الذي أربك النَّص..

لكن على ما يبدو الكاتب "صالح" متأثر بمسلسل "صراع العروش"، لذا رغب في قتل أحد أبطاله بعد ثلث العمل، والباقي حاول أن يحلّه على طريقته التي جاءت مهلهلة.

ثم مَن هي "عبلة.. كاريس بشار" التي تُقارِع كبار المتنفذين؟ فالسيناريست لم يضع لنا أي نقطة على أي حرف من تاريخها كشخصية، سوى أنها زوجة عقيد متوفى، وكما أغلق على تاريخها، وضعها باستمرار في غرف مغلقة وبحوارات مقتضبة، حتى الحلقة الأخيرة التي عرفنا فيها أن "الحكم" سجنها ليلة زفافها، وانتزع رحمها، والمُبهر أننا اكتشفنا أنها دكتورة جامعية. ربما تم تأجيل خطّها الدرامي إلى الجزء الثاني، والله أعلم.

"ردينة" أيضاً صديقة "شمس.. ندين تحسين بك" كان خطها الدرامي مُقحماً، وغير مفهوم سبب انتحارها داخل السجن بعد جريمة القتل غير واضحة المعالم، ولشدة ما كان وجودها لا معنى له، فإننا لم نلمح لمسة حزن ولو بسيطة من صديقتها على وفاتها.

ومن الأفكار غير المنطقية أيضاً في العمل أن يُبدِّل رجلٌ دينه كي يتزوج من امرأة، وعلى ما يبدو أنه لا يحبها إلى تلك الدرجة، ومن ثم تخونه مع رجل آخر، وأخيراً يقتلها عشيقها..

بمعنى أنه لا مبرر لكل هذا سوى إقحام الدين درامياً، ومثل ذلك حصل أثناء التطرق لموضوع الصلاة على المنتحر "ريان" هل هي صالحة؟ وما هي إمكانية دفنه في مقابر المسلمين؟

وفي تكريس للعشوائية في النص، لم نفهم كيف خرجت "يمنى" من القبر، بعد أن أمضت وقتاً طويلاً في ثلاجة الموتى، إثر جرعة زائدة من المخدر، خاصةً أن مناعتها أصلاً ضعيفة بسبب إصابتها بالإيدز، فضلاً عن أن خط هذا المرض كلُّه فائض عن الحاجة، ويمكن ببساطة الاستغناء عنه، وهو على ما يبدو المستقى من نص "ملح الحياة" للكاتب فؤاد حميرة الذي أثار جدلاً كبيراً حول تلك السرقة الأدبية التي حصلت لما كتبه عام 2010.

ورغم جمالية بعض الحوارات وواقعيتها، إلا أنها لم تكن كافية لإنقاذ العمل بحكم الخطوط الدرامية غير المدروسة، والحبكة المرتبكة، وتنميط الشخصيات، والتصعيد المجاني للأحداث، بابتكار ما يشبه عناوين الصفحات الصفراء لتقديمها على أنها أحداث مثيرة، كبيت الدعارة وبنات الهوى، وتصوير الفساد في المدينة الجامعية، وجرائم القتل المجاني، والمتنفذين الذين يحرقون الأخضر واليابس خدمةً لمصالحهم، وغير ذلك.

زاد الطين بلّة أن المخرجة رشا شربتجي لم تُكرِّس حلولاً لمشاكل النص، واستبدلت الخلل الحاصل، باستخدام كاميرا متوترة ورجراجة معظم الأوقات، مع لقطات مباشرة دون مراعاة للمغزى الدرامي في كل موقف، إضافة إلى استخدام كاميرا الدرون في استعراضات مجانية..

كما لم ينقذ المسلسل وجود ممثلين أجادوا أدوارهم بكفاءة عالية كفايز قزق، وندين تحسين بك، وبعض الشباب الجدد كحسن خليل ذي الحضور اللطيف، ما يدفعنا إلى التساؤل، ما الذي قد يقدمه جزء ثانٍ من عمل كَسَرَ عظم الدراما، ثم اكتفى بأن لَفَّهَا بورق السيلوفان المُبهرج؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC