عاجل

السلطات الأوكرانية: مقتل شخصين وإصابة آخرين في قصف جوي روسي على مدينة سومي

logo
منوعات

"شاحنة الموت".. مرتضى يروي مأساة اللجوء إلى أوروبا

"شاحنة الموت".. مرتضى يروي مأساة اللجوء إلى أوروبا
15 يوليو 2022، 4:01 ص

البصمة في دول أوروبية مثل اليونان والتشيك وصربيا وغيرها من الدول التي لا تمنح امتيازات الإقامة الدائمة والجنسية لأجانب، أمر يتفاداه المهاجرون إلى أوروبا.

لذلك، يسعى أولئك للوصول إلى الدول التي تمنح امتيازات عديدة والمعروفة بارتفاع متوسط رواتبها، وأحياناً لوجود أقارب لهم فيها.

هذه كانت خطة مرتضى طالب (26 عاماً) للوصول إلى ألمانيا من اليونان، في رحلة قطع فيها حدود أكثر من 7 دول، ولاقى في كل منها أشد أنواع المصاعب.

عاش مرتضى وهو عراقي من بغداد عامين ونصف تقريباً في تركيا التي غادر إليها من العراق بعد تخرجه وحصوله على دبلوم السياحة وعمله في الحلاقة الرجالية، بحسب قناة The black box على يوتيوب.



من تركيا إلى اليونان

وقال مرتضى: "كنت أنا قائد البلم، أخطأت ووضعت الحقائب في مقدمة البلم، فأصبح الموج يدفع الماء إلى داخل البلم، وفي منتصف الطريق، اعترضتنا باخرة، وقامت بإيقافنا ونقلنا إلى جزيرة يونانية".

أرسلت الباخرة كل من كان على القارب إلى مخيم أشبه بسجن، وأُجبر مرتضى هناك على تقديم اللجوء والبصم في اليونان.

بعد أشهر من المحاولة في اليونان للحصول على الإقامة دون جدوى، خطط مرتضى للسفر إلى أثينا.

وهنا قال مرتضى: "وصلت إلى أثينا في الباخرة عبر أوراق ثبوتية مزيّفة، ومن هناك قررنا العبور براً إلى ألبانيا عبر طريق عسكري، لكننا احتُجزنا على هذا الطريق ونُقلنا إلى مخيم على حدود ألبانيا".

وتابع مرتضى: "أعدنا المحاولة ثانية وسرنا بين الجبال والوديان حتى وصلنا مدينة حدودية مع ألبانيا، وهناك اتفقنا مع المهرب على نقطة لقاء، لكن المكان كان مشبوهاً أيضاً ويعج بالشرطة.. فاضطررنا إلى المبيت في المقبرة".

مع الراقدين
قضى مرتضى ورفيقه ليلتهم بين القبور، ثم التقوا بالمهرب الذي أقلّهم إلى مدينة ثانية في صندوق السيارة، وهناك بدأت الرحلة إلى الحدود المجرية - الصربية.

وعن الشتات على تلك الحدود تحدث مرتضى: "قضينا ليال طويلة في الغابات وبعض الأحيان في منازل نستأجرها ليلاً ثم نسلمها في الصباح، والمهرب يؤجل نقلنا إلى حين استقرار الوضع على الحدود، وعندما حان الوقت، أخبرنا المهرب بأننا سنكون في أول محاولة للعبور".

لم تكن الأخيرة كما تمنى مرتضى ورفاقه، فتلتها عدة محاولات باءت بالفشل، تارةً بسبب الشرطة وتارةً بسبب الأسلاك الشائكة المكهربة، وفي كل محاولة منها، يتكبد مرتضى تكاليف باهظة، فلم يبق أمامه إلا البحث عن عمل.

حلّاق في المخيم، يقوم بقص شعر المهاجرين المنتظرين على الحدود.. هذا كان عمل مرتضى لتأمين مصاريف التهريب، قبل تنفيذه المحاولة الأخيرة لعبور الحدود.

وهنا قال: "آخر محاولة كانت مع عائلة سورية معها طفلان أصغرهما بعمر الـ 5 سنوات، وكنا نتناوب على حمله وعلى تهدئة الأطفال الذين يواصلون البكاء.. بقينا 3 أيام في الغابات الهنغارية مع العائلة، ونفد الطعام منا، وعانينا من البرد القارس والرطوبة التي تبلل ملابسنا كل يوم".

أصيب صديق مرتضى بنزلة برد قاسية وكان على شفير الموت، لكن مرتضى أبى تركه، وبعد أيام من نفاد الطعام وجوع الأطفال، لم يبق أمام المجموعة إلا تسليم أنفسهم إلى الشرطة.

"المهرب منعنا من تسليم أنفسنا خوفاً على حياته، وهددنا بالقتل، وتوعّد بإرسال مجموعة من البلطجية تقوم بطعننا بالسكاكين حتى الموت"، هذا ما حدث مع المجموعة بحسب مرتضى.

وأضاف مرتضى: "لم نأبه لتهديدات المهرب، وقمنا بتسليم أنفسنا للشرطة التي أخذتنا إلى مخيم، وهناك خططنا للمحاولة التالية والتي كانت بالشاحنة".



أيام الشاحنة العجاف

التهريب عبر الشاحنة، يعتبر من أخطر طرق التهريب لما فيه من خطر الموت برداً أو جوعاً، إضافة لخطر الاعتقال من قبل الشرطة التي تسيّر طائرات "درون" تراقب الحدود.

وهنا قال مرتضى: "مضينا في الشاحنة بعد أن وعدنا المهرب بأننا خلال 5 ساعات سنكون في ألمانيا.. جلسنا في صندوق الشاحنة وبدأنا السير".

تحولت الـ 5 ساعات إلى 3 أيام، قضاها مرتضى ومنصور في صندوق الشاحنة وليس بحوزتهما سوى الماء.

وأضاف مرتضى: "عبرنا كرواتيا وسلوفاكيا وهنغاريا ثم التشيك بهذه الشاحنة، وتركنا المهرب إلى حدود ألمانيا وطلب منا السير نحو ألمانيا في طريق مغطى بالثلوج، وهنا اتصلنا بمهرب آخر فقال لنا أحتاج 9 ساعات لأصل إليكم، قلنا له ستجدنا جثثا متجمدة، سنموت من الجوع والعطش والبرد..".

تذكر مرتضى أنه عندما كان في اليونان عمل مع منظمة دولية تعنى بشؤون اللاجئين، وهناك تعرف إلى فتاة ألمانية، فاتصل بها طالباً المساعدة، وبالفعل لبّته وأتت إليه مع أختها.

وعن اللحظات الأخيرة تحدث مرتضى: "وصلت صديقتي الألمانية وأختها بعد ساعتين واصطحبونا إلى ألمانيا، وفي الطريق اعترضتنا دورية شرطة واعتقلتنا لمدة 12 ساعة.. كان يتم استجوابنا واحداً تلو الآخر، وكنت أحرص ألا تتعرض الفتاة الألمانية للخطر".

بعد نهاية التحقيقات، أرسلت الشرطة مرتضى ورفاقه إلى كامب، أما الصديقة الألمانية فنالت مخالفة مادية وقامت الشرطة بحجز سيارتها لمدة أسبوع.

وعن نهاية الرحلة، قال مرتضى: "لن أنسى هذه الرحلة التي كلفتني 13 ألف يورو ونصف، ولن أنسى الأشخاص الذين ماتوا على الطريق، كما من المستحيل أن أنسى الفتاة التي ساعدتني.. لقد ضحت بنفسها من أجل مساعدتنا دون أي مقابل".

قدّم مرتضى اللجوء في مدينة دريسدن، ثم انتقل إلى مدينة لايبزغ، وحصل على حق اللجوء وهو الآن يعيش في ألمانيا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC