برنامج الأغذية العالمي: قطاع غزة بحاجة إلى المساعدات بشكل عاجل

logo
منوعات

سوريا.. مزارعون ينتجون كل شيء بسواعدهم ويستغنون عن الأسواق (صور)

سوريا.. مزارعون ينتجون كل شيء بسواعدهم ويستغنون عن الأسواق (صور)
أحد المزارعين في سوريا يعمل من أرضه
03 أغسطس 2024، 11:18 ص

يفاجئنا صوت موتور "الليستر" الألماني، ونحن نتجول في الريف الشرقي لمدينة حماة السورية. تلك الموسيقى، كما يسميها فلاحو المنطقة، علامة ماء وفير، وزرع خيّر في المنطقة.

ينعطف "إرم نيوز"، سالكًا الطريق الترابي باتجاه مصدر الصوت. الأرض تبدو خصبة، وحقول "ميّال الشمس" الواسعة، تنحني بأقراصها الدائرية الصفراء، نحو الشرق.. هنا حقل كبير خُصص للبندورة "الطماطم" البلدية، يجاوره حقل للباذنجان.

نستأذن أصحاب المكان بالتصوير، فيرحبون بنا، ويقول الأطفال إن والدهم يسقي حقول عباد الشمس إلى الشمال قليلاً من المكان، فنتجه إليه. حقول الذرة المحصودة حديثاً، وإلى جانبها حقل من الكمون، تستعد لزراعة جديدة، هكذا يقول ابن بسام وهو يقودنا إلى أبيه.

 

8bbacbda-580e-4954-aa66-88fdf2f04573

نحاول أن نتبين بسام، بين عباد الشمس، ونلقي التحية بصوت مرتفع، فيصل إلينا الصوت مرحبًا.. نتفاجأ بالشاب، مفتول العضلات، وهو يطلّ حاملاً "رفش" السقاية!. نحن لسنا أمام شيخ طاعن في السنّ، فبسام حسم أمره منذ سنوات طويلة، وقرر متابعة مهنة أجداده في هذه الأرض. يقول لـ"إرم نيوز":

"الأرض هنا طيبة، والماء وفير، ونحن ننتج المزروعات كلها في مواسمها، عدا عن أشجار العنب والتين والزيتون التي تعطينا مؤنة البيت".

لم يهاجر بسام، أسوة بكثير من شباب المنطقة، "فأنا والأرض، مصير واحد"، يقول بسام، وهو يبتسم، متمنيًا علينا قطف ما نشاء من حقول البندورة والباذنجان أو دالية "الحصرم" والتين.

 

b593e676-c8f7-4717-86c5-975704da81eb

ويضيف: "لا نشتري شيئاً من السوق، بل نحن من يزود الأسواق بالمنتجات. نحصل على زيت الزيتون.. ونحول العنب إلى زبيب.. التين نجفف جزءاً منه للشتاء، أما المزروعات الموسمية فنؤمن منها مؤونتنا، ونبيع الباقي لسوق الخضار".

خصص بسام مكاناً من مزرعته لتربية الدجاج البلدي، للحصول على البيض واللحوم.. في موسم زراعة الحنطة، أنتج كمية صغيرة تكفيه، وإلى جانبها كمية كبيرة من الشعير خصصت للبيع.

يبني بسام آمالاً كبيرة على موسم "دوار القمر" أو "ميّال الشمس"، كما يسمى في المنطقة، فنجاح الموسم، يعني توسيع الزراعة نحو منتجات أخرى. ويقول:

"خلال موسم البطيخ الأحمر، يفضل الكثير من الناس القدوم إلى الأرض هنا، من أجل اختيار الثمرات الناضجة، فهم يعرفون أنني لا أستخدم السماد الكيماوي، واضطر إلى تسجيل أسماء الزبائن حتى يحصلوا على البطيخ بالدور".

 

bf492a6e-4220-4869-92f3-3bf70d363180

يبتسم بسام بتفاؤل، وهو يقول إنه لا يستبدل هذه الأرض، بأي دولة في العالم، ويستغرب هجرة الشباب، مع أن الرزق وفير هنا، إذا قرروا العمل. ويضيف:

"بالطبع، أضطر لشراء بعض الحاجيات التي لا أنتجها، وهي نادرة جدًا، مثل الملح والسكر والشاي.. وغيرها. لكني مكتفٍ ذاتيًا من الأغذية الأساسية، ويمكنني الاستغناء عن السوق نهائيًا".

المزارع متجاورة في المكان، وكل فلاح يختار موسمًا رئيسًا يراهن عليه. يقول أبو زيد، المزارع الجار لبسام: "أركز على البندورة البلدية، فطبيعة أرضي أثبتت نجاح زراعتها، وأنا الآن بصدد توسيع مساحاتها لعدة دونمات، لأن الطلب عليها كبير".

"يحلف" علينا أبو زيد، أن نقطف ما نشاء من الحقل، فعادات الفلاحين هنا تقول، إن إكرام الضيوف من رزق الأرض، يرفع منسوب الخير فيها.

يحدثنا أبو زيد عما أنتجه من الكمّون واليانسون، ويتمنى لو جئنا قبل أن ينتهي موسم البطيخ الأحمر لديه.. لكنه يبقي دعوة الضيافة مفتوحة، ويقول:

"خلال الحرب، عملنا على تحقيق الأمن الغذائي لكل أسرة، فلا يوجد جائع أو فقير  هنا. ننتج كل شيء، حتى إذا انقطعت المواد الاستهلاكية من السوق، فلا نتأثر بالأمر، لأن اللحوم والخضروات وثمار الفاكهة متوفرة لدينا".

عمل أبو زيد لفترة، في تربية الأغنام إلى جانب الزراعة، لكنه توقف لأن واجبات الزراعة وتربية الأغنام معًا، تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين. ويضيف:

"بعض الفلاحين، ممن يمتلكون عددًا وفيرًا من الأبناء، يجمعون تربية الحيوانات مع الزراعة، لأن تربية الأغنام والأبقاء تتطلب تفرغًا تامًا وعناية مستمرة".

نقول لأبي زيد، إن كان يقبل مبادلة أرضه الصغيرة، مع بيتنا في دمشق، فيضحك من كل قلبه ويقول: "إذا خرجت من هنا.. أموت". يتمنى علينا البقاء حتى الغداء، لأن زوجته تطبخ "البرغل"، مع لحم الديك البلدي الشهير، ويقول:

17e7bc35-78cc-474a-9b88-954a6da36c07

"البرغل مجروش من قمح المزرعة، والديك البلدي تغذى على نباتاتها، يمكنكم تناول كل شيء طبيعيًا، مع لبن الغنم العربي الشهير".

نشكر بسام وأبا زيد، ونتابع طريقنا باتجاه سفح الجبل، بينما "موتور الليستر" الألماني، لا يزال يرافقنا بصوته المرتفع، وهو ينتشل الماء من البئر العربي، كأنه قلب يدق بقوة، لإرواء أبنائه من المزروعات في الأرض القريبة.

نذهب عدة كيلومترات نحو الشرق، نزور المزارع أوهان الحاج.. أشجار الزيتون والتين تملأ المكان، لكن المياه القليلة، دفعت أوهان للاعتماد على تربية الأبقار.. يقول لـ"إرم نيوز":

"تتكفل الأبقار بتأمين احتياجاتنا، فالاعتماد على المزروعات صعب، بسبب قلة المياه الجوفية، لكن لدينا الأصناف المختلفة من أشجار التين والزيتون واللوز والرمان، وبعض الخضروات التي تؤمن متطلبات المنزل فقط".

نتحدث مع أوهان عن أحوال الزراعة، فيشكو من الجفاف، ويرى أن تربية الحيوانات أفضل بالنسبة إليه، فإلى جانب الأبقار، لديه عدد من الدجاجات التي تؤمن له البيض واللحوم.. يقول أوهان:

"نحن نعيش باكتفاء ذاتي تقريبًا، ونستطيع إنتاج ما يكفينا من كل مادة، لكن المصروف الأساسي للأسرة، يعتمد على تربية الأبقار".

نغادر المكان سالكين الطريق الترابي، ونعيد النظر للخلف، فنرى أوهان يلوّح بيده مودعًا يرجونا أن نعيد الزيارة ثانية. فنقول له: عندما تنضج ثمار التين والعنب. فنحن مشتاقون لقطف الثمار من الأشجار مباشرة، بلا تجار أو سماسرة أو أسواق "هال".

 

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات