logo
منوعات

"الهراب".. رواية جزائرية تستلهم "العشرية السوداء" في قالب بوليسي

"الهراب".. رواية جزائرية تستلهم "العشرية السوداء" في قالب بوليسي
رواية الهرابالمصدر: مواقع التواصل الاجتماعي
13 أغسطس 2024، 10:30 ص

لا يبدو الكاتب الجزائري موهوب رفيق في روايته "الهراب"، الصادرة مؤخرًا عن دار "فهرنهايت 451"، مشغولًا بتقديم إجابات نهائية حول مناطق رمادية وملتبسة من تاريخ بلاده، بقدر ما يقدم دعوة إلى إعادة تأمل الماضي والوصول إلى خلاصات جديدة بقلب وعقل مفتوحين. 

وتستلهم الرواية إحدى أكثر مراحل التاريخ الجزائري الحديث إثارة للجدل والأسى وهي "العشرية السوداء" التي شهدت في حقبة التسعينيات مشاهد دموية مؤسفة مغلفة بحالة من التطرف وضيق الأفق، على نحو أدخل البلاد الجميلة ذات العمق الحضاري في نفق مظلم.

يبدو "داوود" اليهودي، الشخصية الرئيسة، مثقلًا بالماضي الذي عاصرته عائلته منذ حقبة الاستعمار الفرنسي، وما شهده من توالي الفصول الذهبية في ملحمة المليون شهيد، وصولًا إلى "العشرية السوداء" بفضاءاتها الكابوسية، على المستويين الشخصي والعام. 

وعاش ردحًا من الزمن لا يعلم شيئًا عن طبيعة اختلافه وهويته، فقد تعلم العربية مثل بقية أقرانه، وكان يحفظ أجزاء من القرآن الكريم بحكم دراسته، حتى إنه ظل يتساءل لماذا لا يدخل المسجد، ويؤدي الصلاة مع رفاقه. 

a63212bf-49e0-4366-83d1-97e8f89c811c

وتطل قصص الجاسوسية والبطولة في قالب بوليسي مشوق يتميز بسرعة الإيقاع واتساع المدى الزمني وتعدد مسارات الدراما في نص شديد الثراء، منفتح على تأويلات شتى ومليء بالتفاصيل الثرية. 

تتعدد الثنائيات المتضادة في العمل على نحو مثير، فنطالع تجليات غواية الخيانة في مقابل شرف الوطنية، جمرة الصدق في مقابل سراب الأكاذيب، قداسة المبدأ مقابل دنس التنازلات. 

أحد أسرار هذا النص الأدبي هو صعوبة تصنيفه، فهو يمزج بين أحاديث التاريخ، لكنه شديد الواقعية، كما أنه دراما اجتماعية مع قالب مشوق بوليسي. 

ورغم أن "الهراب" هي العمل الثاني للمؤلف بعد روايته "منام ميت"، فإنها جاءت متحررة من عثرات البدايات الأولى، واتسمت بنضج فني ووعي جمالي، كما جمعت بين سلاسة السرد وأجواء التشويق مع عمق الرؤية الفكرية. 

3926283e-3a20-4f40-8041-d32cdab245c9

وتتناول "منام ميت" إحدى أكثر المفارقات غرابة ودراماتيكية في تاريخ الجزائر المعاصر، حين تحول شخص يعمل مغسلًا للموتى إلى حاكم البلاد بين ليلة وضحاها إبان الحقبة العثمانية في القرن الـ 19 وقبيل الاحتلال الفرنسي. 

ومن يضع الروايتين إلى جوار بعضهما البعض، يجد أننا إزاء ملامح أولى لمشروع روائي يقوم على إعادة قراءة التاريخ في قالب درامي مشوق، مستندًا إلى حرفية عالية في السرد، فضلًا عن امتلاك أدوات البحث المنهجي للمؤلف الذي كانت الدراسات التاريخية مجال تخصصه الأكاديمي بالجامعة. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC