logo
منوعات

يعرض في "لوكارنو".. فيلم "النتيجة" تجسيد لقوة الروح الفلسطينية

يعرض في "لوكارنو".. فيلم "النتيجة" تجسيد لقوة الروح الفلسطينية
فنانون في مهرجان لوكارنو مع علم فلسطينالمصدر: غيتي
16 أغسطس 2024، 9:59 ص

"في لحظات المأساة التي لا توصف، يصبح الواقع لا يطاق" حول هذه الفكرة يدور فيلم "النتيجة" (Upshot) لمخرجته الفلسطينية "مها حاج"، الذي يشارك في مهرجان لوكارنو السينمائي بدورته السابعة والسبعين. 

يحكي الفيلم قصة سليمان (محمد بكري) ولبنى (عرين عمري) عن زوجين في الستينيات من عمرهما ومتزوجين منذ ما يقرب من أربعة عقود، يعيشان في مزرعة منعزلة "ضمن مكان ما في المستقبل"، وتمتلئ أيامهما بالعمل في رعاية بساتين الزيتون والدجاج، والحفاظ على استمرارية المزرعة في حالة لا تشوبها شائبة، لإبعاد تفكيرهما عن شيء مؤلم للغاية كانا يعيشان معه لفترة طويلة جدًا.

في كل يوم، يؤدي الزوجان طقوسًا مماثلة، لكنهما ينتهزان الفرصة دائمًا للتحدث عن أبنائهما الخمسة البالغين أثناء تناول وجبة أو فنجان من الشاي معًا، وهم باسل، وأمية، وحمزة، وطارق، وخالد، إذ يتم تحليل كل قصة من قصصهم: خياراتهم المهنية، والزواج، والأحفاد، والدراسة، والسفر.

أخبار ذات علاقة

الأفلام القصيرة في مهرجان لوكارنو "تتقيد" بالماضي

 

إنها صورة لزواج متناغم يراها الجمهور أمام أعينه، ومحيطها عبارة عن منزل كبير مزين بذوق رفيع محاط بممتلكات ضخمة، يبدو من خلالها مدى ثراء العائلة، لكن في الوقت نفسه ثمة شيء غير مرئي يثقل كاهل الجو، إذ عندما لا يكونان منغمسين في محادثات طويلة، يبدو وجها الزوجين قاتمين وخاليين من التعبير، وكأنهما يضعان قناعين بلا ملامح. 

نكتشف شيئاً فشيئاً أن الزوجين لكثرة الآلام وزخم المشاهد المروعة التي عايشاها في حرب غزة التي ترخي بظلالها على روحيهما، باتا يفضلان أن يعيشا في عالم موازٍ، يتركان فيه الماضي ويؤثران الحديث عن الحاضر والمستقبل، لاعتقادهما ويقينهما بأنه سيكون أقل ألمًا.

تمر الأيام ويحل معها الخريف، وبينما كان الزوجان في الحقل يعتنيان بمزرعتهما، يفاجآن بصحفي في منتصف العمر يدعى خليل الحاج (عامر حليحل) وكأنه ظهر من العدم، لكنه يصر على الدخول لإجراء مقابلة مع سليمان الطبيب المتقاعد، الذي يرفض السماح له بالدخول إلى منزلهما، لكنه يرضخ عندما يذكر الصحفي كيف ذهب إلى المدرسة مع ابنه خالد. 

لن تكون هذه تذكرته الوحيدة لدخول المنزل، بل إن الظروف الجوية ساهمت في ذلك، وعندما تبدأ محاولة إجراء المقابلة، سيفاجأ الضيف بانتقالها المفاجئ من الواقع إلى العالم الموازي، حيث يظل كل شيء طبيعيًا.

الممثلان "محمد بكري" و"عرين عمري" يثيران الإعجاب في تجسيدهما لشخصية والدين مرّا بجحيم مُهلِك وعلقا فيه طويلاً، لكنهما وجدا طريقة للتعامل مع أهوال صدَمَتْهما من خلال اختراع عالم مواز، إذ إن أداء الممثلين وقدرتهما على نقل الحمل العاطفي إلى الشاشة الكبيرة كانت هي القوة الدافعة للشريط القصير لمخرجته مها حاج، التي تحتفل بالعرض الأول عالميًا في مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي ضمن مسابقة المؤلف للأفلام القصيرة.

كما أن مدير التصوير "أوغستين بونيه" تمكَّن من خلق أجواء تتناسب مع السيناريو ثقيل الوزن، فهي مظلمة، تهيمن عليها الألوان القاتمة الملحة، وفي المشاهد التي تم تصويرها في المنزل، تكاد وجوه الناس تبتلعها الظلال مع تباينات كبيرة تبرز المشاعر. 

وهناك شيء آخر كامن في الظلال: الجرائم المستمرة في غزة، ولأن القصة تدور في المستقبل، فإن الفيلم يركز على الخسارة الفادحة التي تسبب فيها الصراع دون تقديم تعليقات سياسية، فالمخرجة منذ البداية عبَّرت عن فيلمها بوصفه "رثاءً وشهادة على القوة التي لا تقهر للروح البشرية".

وأضافت ضمن بيانها: "في عالم يتسم بالمعاناة، تشكل رحلة سليمان ولبنى تذكيرًا مؤثرًا بالمرونة اللامحدودة للخيال البشري، بسرد تدور أحداثه في المستقبل، يواجه هذا الفيلم الواقع الصارخ لأمة مزقتها عقود من الصراع، لا توجد إجابات سهلة، ولا حلول سياسية لتخفيف آلام الآباء الذين فقدوا كل شيء. وهكذا، يتكشف الفيلم في عالم لا يحده الزمان أو المكان بل هو انعكاس مؤثر للخسارة التي لا يمكن تعويضها والتي تتحدى الحدود الأرضية".

فيلم "النتيجة" هو دراما مؤثرة للغاية، بطاقم عمل أدى مهامه بدقة. وهو الفيلم القصير الثالث للمخرجة مها حاج بعد فيلمي برتقال (2009) وأمور شخصية (2014).

وقد اختير فيلمها الروائي الطويل الأول "شؤون شخصية" لمسابقة نظرة ما في مهرجان كان السينمائي الدولي العام 2016، كما فاز فيلمها "حمّى البحر الأبيض المتوسط" بجائزة أفضل سيناريو في المسابقة نفسها قبل عامين.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC