الحرس الثوري: واشنطن تملك قواعد عسكرية متعددة قرب إيران وتقيم في المنطقة داخل غرفة زجاجية
يسميه البعض مفتاح النص، ويراهن عليه آخرون في جذب القراء وجعلهم يشترون الكتاب.
وفي الصحافة يعتبر العامل الحاسم في لفت الأنظار، ودفع الناس للضغط على رابط المادة. إنه "العنوان"، محيّر الكثير من الكتّاب ونقطة ضعفهم.
كثيراً ما تتصدر العناوين الهزيلة، كتباً بمضامين عميقة. ويحصل أن يحدث العكس. الشعراء يبدون الأكثر عناية بالعناوين، فيما تبدو المواضيع العلمية والأبحاث، متخلصة من هذا القلق.
تعترف الشاعرة مرام مصري، بصعوبة اختيار العناوين؛ لأنها تؤطر النص وتسجنه ضمن قالب محدد. تقول مرام لـ"إرم نيوز": "لم أختر عناوين كتبي الشعرية، ولا حتى عناوين القصائد، أحب أن تبقى القصيدة مفتوحة، وغالباً ما تقوم دار النشر بهذه المهمة".
وتشبه مرام عنوان الكتاب بإطار اللوحة، فهو يؤطر القصيدة ويجعلها تأخذ منحاه. وتضيف: "أحيانا يخفف العنوان من أهمية النص، ومن هنا تأتي الصعوبة في اختياره".
ويؤكد الشاعر محمد عضيمة لـ"إرم نيوز"، أنه يتردد كثيراً عند اختيار عناوين كتبه الشعرية. ويضيف:
"أضع أكثر من عشرين عنواناً للكتاب، ثم أختار واحداً لا على التعيين، لاعلاقة له بالمضمون. تعجبني عبارة ما، فتغدو هي العنوان. مثلا: "الشعراء يلتقطون الحصى"، أو"النهار يضحك على الناس"، أو "تثاؤب حديث جداً".
أسلوب عضيمة السريالي في اختيار عناوين كتبه الشعرية، لا ينتهي هنا، فهو يحول مجموع العناوين المقترحة التي وضعها قبل ذهاب الكتاب للمطبعة، إلى نص مستقل يقول عنه: "إنه من بين أفضل النصوص التي كتبتها".
الشاعر صقر عليشي، لا يفكر بالعنوان إلا بعد انتهاء الكتاب واستعداده للانتقال إلى المطبعة. يقول عليشي لـ"إرم نيوز": "تجاوزت هذه القاعدة مرات قليلة، لكن اختياري للعنوان يأخذ وقتاً حتى أستقر على عنوان مرضٍ".
ويبدو الشاعر يعرب خضر، مشغولاً بالعنوان الجديد المختلف غير المألوف. يقول لـ"إرم نيوز": " لذة النص تبدأ بالعنوان، وأعتبره جزءاً عضوياً وحيوياً لايمكن فصله عن النص، سواء على مستوى اللغة أو الدلالة".
ويحرص خضر على ألا تتشابه عناوين كتبه، بل أن تبقى إشكالية ليتم اعتمادها. ويضيف: "على العنوان أن يعبر عن تجربتي بضربة واحدة، لذلك اخترت عنوان "هكذا حللت وظيفتي" لكتابي الشعري الأول".
ويؤكد خضر أنه يستشير عدداً من أصدقائه لاختيار العنوان، لكن بعد أن يحسم أمره تجاه عنوانه المفضل. ويضيف: "لعل الأمر هنا لايتعدى الإبلاغ والإشهار، لكن حظي سيكون جيداً إذا نال عنواني المختار إعجاب الأصدقاء".
لكن الشاعر محمد عضيمة، يلجأ إلى طريقة مختلفة في اختيار العنوان، إذا كان الكتاب سيرة ذاتية أو مترجماً عن الثقافات الأخرى. ويضيف:"في هذه الحالة، أترك للناشر حرية اختيار العنوان، لأن الناشرين يؤكدون أهمية العنوان في المبيعات. وهنا تبرز خبرة الناشر المتابع والذكي في ملامسة جيب الزبون والتسويق".
ويتابع عضيمة: "الطريف في الأمر، أن هناك ناشرين يراهون على العنوان والغلاف وحده في تسويق الكتاب. ويقولون: أعطنا عنواناً شيقاً، بغض النظر عن المضمون".
ويتذكر الشاعر عليشي كتبه، فيقول إن عناوين بعضها نزل عليه كالوحي، مثل كتاب "معنى على التل" و"قصائد مشرفة على السهل". ويضيف: "العنوان مهم في إيحاءاته، لكن الدور الحاسم هو للمضمون".
ويضيف عليشي: "كثير من العناوين، كانت سبباً في قراءتنا لكتب ممتعة. وكثير منها خيب رجاءنا وأضاع وقتنا. أغلب عناويني اخترتها بنفسي دون استشارة من أحد، ومرات استشرت بعض الأصدقاء ثم غيرت".
الشاعرة سوسن محمود نوري، تقول إن اختيار العنوان أمر سهل، إذا ما أحسن الكاتب اختيار النصوص. وتضيف لـ"إرم نيوز": "أختار العنوان، تبعاً لتوجه النصوص من حيث الموضوع أو الشكل".
وتعترف سوسن، بأن ملامح العنوان تكون معروفة مسبقاً بالنسبة إليها، استناداً لمعرفتها بمجموعة النصوص التي ستختارها للطباعة في كتاب. وتضيف: "اختيار النصوص التي سأطبعها، أصعب من اختيار العنوان".
بينما تعترف الشاعرة سارة حبيب، بأنها تعرضت للخداع من قبل بعض العناوين الجميلة، لكنها تشير إلى العديد من الكتب العظيمة ذات العناوين البسيطة، وتضيف سارة:
"براعة الكاتب أول ما تتبدى في عناوينه، لأنها عتبة أولى دالة على قدرته على قول شيء جديد، أو مثير للاهتمام. فإذا كنا لا نعرف نتاج الكاتب، تكون أول جملة يرميها لنا، متمثلة بالعنوان، بمثابة طعم يغوي، أو لا يغوي".
أما بالنسبة لعناوين كتبها الشعرية، فتقول سارة:
"كتابي "النجاة حدث مملّ للغاية"، جاء عنوانه بعد إنهاء الديوان، والجملة جزء من قصيدة في الديوان..تقول: "حبك هو حادث المرور الوحيد الذي أجيده/ والنجاة منك حدث ممل للغاية".
لكن سارة، شاءت حذف التخصيص الوارد في الجملة الشعرية، من أجل أن يكون العنوان شاملاً للديوان ودالاً على بعديه العاطفي والعام المتعلق بالحرب وأحوال البلد. وتضيف سارة:
"ينطبق الأمر نفسه على مقالاتي، فأختار عناوين جامعة لأفكار النص، وجذابة فيها ألعاب لغوية أحياناً. "الطريق إلى اللاذقية مفروش بالنوايا الحسنة"، "قطة في صندوق العيش"، "عسل هش"، هي أمثلة عن فكرتي عن العناوين".
العنوان، مفتاح النص، أو واهب الانطباع الأول للقارئ. لا يبدو العثور عليه سهلاً، لكن وجوده حتميّ على غلاف الكتاب، هنا تحدث حيرة اختيار التكثيف المناسب الذي يختصر كل شيء بعبارة، تدفع القارئ لالتهام الكتاب.