رئيس تايوان يحذر من "محاولات التسلل" الصينية ويتعهد بـ"اتخاذ إجراءات مضادة"
"لم يوجد له مثيل أو نظير في الفخامة والزخرفة وروعة البنيان".. هكذا وصفه ياقوت الحموي في كتابه "معجم البلدان" حين تطرق لأبرز معالم مدينة قرطبة الواقعة جنوبي إسبانيا، التي فتحها العرب في أبريل من عام 711 م على يد قوات طارق بن زياد.
إنه مسجد قرطبة الذي يستحق عن جدارة هذا الوصف، إذ تكفي نظرة سريعة لأبرز ملامحه وحيثيات تشييده لنعرف أنه يجمع سحر الشرق وروائع الغرب في فنون العمارة.
يمزج المسجد في أسلوبه المعماري بين طراز المسجد الأموي في دمشق، والطراز الموريسكي "الأندلسي" المميز بالزخارف الهندسية والأرابيسك.
بناه العرب بعد مرور ما يقرب من 75 عاما على فتح الأندلس، وتوالت عمليات التوسيع والتطوير فيه عبر أجيال مختلفة من المعماريين عبر قرنين ونصف من الزمان، حتى انتهى إلى تحفة نادرة المثال.
يتميز بوجود أربع حدائق في فناء المبنى تسمى "الرياض" تتخللها نوافير المياه، كما تتوزع في فضائه مئات الأعمدة من الجرانيت والعقيق، 856 عمودا، وتزينه عشرات الأقواس بزخارفها البديعة.
تصل مساحته الحالية إلى 23 ألفا و400 متر مربع، ما يجعل منه أحد أكبر مساجد العالم على نحو يسع 80 ألفا من المصلين، رغم أن تلك المساحة في بدايته الأولى لم تزد على 4 آلاف و875 مترا مربعا.
تعددت أسماؤه على مر التاريخ، فقد كان يسمى عند نشأته الأولى "جامع الحضرة"، أي "حضرة الخليفة" باعتباره المسجد الرسمي للدولة، حتى إن الخليفة كان يوقع على مرسوم تعيين إمامه وخطيبه.
أطلق عليه أهل الأندلس "الجامع المبارك" و"الجامع المكرم" من شدة إجلالهم لمكانته وتعظيمهم لقدره، كما عُرف أحيانا بـ "مسجد الليمون" لأن أشجار الليمون كانت تحيط به من جميع الجهات.
ظل لسنوات طويلة أحد أبرز مراكز العلم والمعرفة في العالم الإسلامي، حتى أن آلاف الطلبة كانوا يفدون إليه سنويا، فصار المسجد أشبه بجامعة تستقبل الدارسين من أوروبا وآسيا وإفريقيا.
كانت تُخصص الرواتب الشهرية لهؤلاء الطلبة مع توفير سبل الإقامة الكريمة لهم ولشيوخهم، حتى أطلق على المسجد "كعبة المعرفة" و"دار العلوم" و"مجمع العلماء"، كما كانت توجد 27 مدرسة ملحقة به.
تخرج في رحابه عدد من مشاهير التاريخ الإسلامي مثل الإمام ابن حزم الأندلسي، ورائد علم الطيران عباس ابن فرناس، وعالم الجغرافيا الشريف الإدريسي.