logo
منوعات

صقلية.. عروس"المتوسط" التي داعبت أحلام العرب طويلا

صقلية.. عروس"المتوسط" التي داعبت أحلام العرب طويلا
07 أبريل 2024، 3:24 م

هي أكبر جزر البحر الأبيض المتوسط وعروسه البهية التي تستحم في مياه التاريخ، جعلها موقعها الجغرافي الفريد مطمعا للغزاة عبر الزمان، وداعبت بجمالها ومواردها أحلام العرب وهم يشيدون إمبارطورية عظمى.

وبعد مرور آلاف السنين، لا تزال تحتفظ بهوية فريدة امتزجت فيها حضارات الدنيا وظهرت جلية فيما تمتع به من هوية وخصوصية على صعيد الفنون والآداب والمطبخ والعمارة.

وتعد صقلية أو "سيشيليا" أكبر أقاليم إيطاليا وليس غريبا أن تتمتع بنوع من الحكم الذاتي، فذلك ما يتسق مع شخصيتها المستقلة حيث يرجع تاريخها إلى عصور ما قبل التاريخ بحسب الرسوم والأدوات المكتشفة في الكهوف.

ويقال إن اسمها مشتق من أحد الشعوب التي وفدت إليها في القرن الثامن قبل الميلاد وكانت تـُعرف قبل ذلك باسم "تريناكريا" والتي تعني "الأرض المثلثة الشكل".



وكان الفينيقيون سادة التجارة البحرية في قديم الزمان فأسسوا بطول سواحل المتوسط مراكز ومستعمرات ومنها "باليرمو" بالجزيرة الإيطالية، بينما كان ينافسهم اليونانيون الذين أنشأوا مدينة " سيراكوزا" في قسم آخر من الجزيرة التي تمتد على أكثر من 25 ألف كم ويصل طول شواطئها إلى ألف كيلومتر.

وفي القرن الثالث قبل الميلاد احتدم الصراع بين الرومان والفينيقيين بعد خروج اليونانيين من المعادلة في معركة الفوز بالجزيرة وهو الصراع الذي حسمه الرومان بالنهاية وظلوا سادة الجزيرة حتى القرن الخامس الميلادي حينما أنهت قبائل "الفندال" نفوذهم في صقلية ثم تلاهم القوط فالبيزنطيون.



راود حلم فتح صقلية العرب والمسلمين منذ القرن السابع الميلادي ليس فقط لمواردها وإمكاناتها الهائلة، بل بالأساس لأنها كانت قاعدة الهجمات التي يشنها البيزنطيون والروم على العرب لاسيما في ليبيا وتونس التي كانت تعرف باسم "أفريقية" في إطار التنافس بين القوى العظمى بامتداد سواحل المتوسط.

وانطلقت الحملة العربية الأولى بقيادة قاضي القيروان أسد بن الفرات في 827 م من ميناء سوسة، لكن الأمر لم يكن نزهة فقد استمر القتال في الجزيرة أكثر من سنتين، عانى العرب فيهما بشدة وحاصرتهم المجاعة والأمراض لكن القائد العربي رفع شعار " لا تراجع ولا استسلام" ورفض العودة إلى تونس واستشهد في العام التالي.



وتطلب الأمر 75 عامًا حتى تذعن صقلية للحكم العربي تماما في 902 م، وتكون على موعد مع نهضة غير مسبوقة على مستوى الزراعة والمجاري المائية والمحاصيل الجديدة فضلا عن الطرز المعمارية الفريدة.

وتقدمت الصناعة في صقلية على يد العرب الذين برعوا في استخراج ثرواتها الطبيعية مثل الفضة والحديد والنحاس والكبريت والرخام والجرانيت، فضلا عن صناعة الحرير والمنسوجات التي انتقلت من الجزيرة إلى بقية أوروبا.



وبعد سيطرة النورمانديين على الجزيرة انتهى النفوذ العربي العسكري، لكن التأثير الحضاري لهم ظل متوهجا من خلال الملك " روجر الثاني" الذي انفتح على الحضارة العربية وأخذ بأساليبها المتقدمة في إدارة الدواوين والضرائب وتنظيم الجيوش. واستدعى الملك النورماندي إلى بلاطه العالم الجغرافي "الشريف الإدريسي" الذي وضع له خريطة مذهلة في دقتها للكرة الأرضية.

ومن شعراء صقلية "ابن حمديس الصقلي"، 1055-1133 م، الذي كتب قصيدة يرثي فيها جزيرة التي ولد فيها قائلا:

ذكرتُ صقلية والهـوىَ / يهيَّج للنفس تذكارها / فإن كنت أخرجت من جنة / فإني أحدّث أخبارها.

أما "عبد الجبار" المعروف بـ"ابن الكموني" فيقول في رثاء صقلية بعد خروجه منها:

وقد كانت الدار وكنا بها / في ظل عيش ناعم رطبِ / مدَ عليه الأمن أستاره / فسار ذكراها مع الركبِ / لم يشكروا نعمة ما خوِّلوا / فبُدلوا الملح من العذبِ.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC