أمازيغ تونس يجدون صوتهم لأول مرة منذ سنوات
أمازيغ تونس يجدون صوتهم لأول مرة منذ سنواتأمازيغ تونس يجدون صوتهم لأول مرة منذ سنوات

أمازيغ تونس يجدون صوتهم لأول مرة منذ سنوات

أكدت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن الأقلية الأمازيغية في تونس، التي طال قمعها، تجد صوتها لأول مرة منذ سنوات.

وأشارت المجلة إلى أن أحد أهم مكتسبات انتفاضة تونس في عام 2011، هي الصوت الذي أعطي للأقليات العنصرية والجنسية والدينية وحتى الإثنية مثل الأمازيغ، الذين ينحدرون من السكان الذين سكنوا شمال أفريقيا قبل الفتح الإسلامي.

وحتى اليوم، يتحدث باللغة الأمازيغية الكثيرون على نطاق واسع في الجزائر والمغرب، حيث أصبحت لغة رسمية بجانب العربية.

ويقدر السكان المتحدثون بالأمازيغية في تونس بأقل من 1% من سكان البلاد الذين يصل عددهم إلى 11 مليون نسمة.

وتتهم تقارير أول رئيس لتونس، الحبيب برقيبة، وخليفته، زين العابدين، بأنهما عمدا إلى تزوير الوحدة القومية حول هوية الغالبية العربية، من خلال سياسات قمعية لتهميش هذه المجموعة. لذلك، رأى أمازيغ تونس في ثورة 2011 فرصة لإعلاء أصواتهم حول معاناتهم وإحياء تراثهم والحفاظ عليه من الاندثار.

وعلى الرغم من أعداهم القليلة نسبيا، لدى الأمازيغ تأثير كبير على الثقافة التونسية. فالآثار منتشرة في كل مكان، في الطعام، حيث الكسكس وهو الطبق المميز لتونس، والوشم على ذقون التونسيات كبار السن، والملابس التقليدية بالرغم من اعتبارها ملابس عربية.

وينادي نشطاء الأمازيغ، مثل نهى غرين من نادي الثقافة الأمازيغية "التونسيين ببدء تسمية الأشياء بأسمائها"، فتقول :"نحن بحاجة لوضع الأمور في نصابها، هذه هي الملابس الأمازيغية، وليست الملابس العربية".

وذكرت المجلة أن التونسيين لا يأكلون ويرتدون ملابس الأمازيغ فقط، بل يتحدثون الأمازيغية، فالعربية التونسية المعاصرة مليئة بالكلمات الأمازيغية خاصة أسماء الحيوانات مثل فكرون، أي السلحفاة، وعلوش للخروف، كذلك العديد من أسماء الأماكن التونسية مثل تاتوين، ومدينين، وربما يعود أصل اسم البلاد إلى أصول أمازيغية، فالمؤرخون يرجعون كلمة "تونس" إلى كتابات أمازيغية من القرن السادس قبل الميلاد على الرغم من عدم وضوح معنى الكلمة الأصلي.

وأشارت المجلة إلى أن الموسيقار الأمازيغي التونسي، عبد الحق محروق، الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، وينحدرمن بلدة صغيرة في الصحراء الغربية، قد شكل فرقة موسيقية تغني باللغة الأمازيغية مع أخيه في العام 2013، واليوم، يقومان سويا بتناول حياتهما ومشاكل مجتمعهما في أغانيهم.

وأكدت أن الأخوين محروق، ليسا الوحيدين في جهودهما لتمجيد ماضيهما. فمنذ 2011، ناضل العديد من الأمازيغ من أجل المزيد من الاعتراف بثقافتهم وتاريخهم.

واليوم، يستطيع الأمازيغ على الأقل التحدث بحرية، بعد أن شملت سياسات بورقيبة خططاً لإعادة توطينهم لدفع اندماجهم مع جيرانهم العرب. ومع ذلك، بقي القليل من المجتمعات على قيد الحياة، مثل بلدة زراوة، مسقط رأس الأخوين محروق.

ويقول رئيس الجمعية التونسية لثقافة الأمازيغ، جلول غاقي : "لقد فعل بورقيبة أشياء جيدة، كما أنه قام أيضا بأشياء سيئة".

وأضاف: "لقد أرسلنا للمدارس وتأكد أننا نتلقى تعليما جيدا، لكن رؤيته لتونس لم تترك لنا مجالا لاختلافاتنا"، وأكد أن بن علي أكمل الملامح الأساسية لهذه السياسة، قائلاً :" لقد قام بقمع اللغة الأمازيغية للحفاظ على وحدة البلاد، كما  أن وحدة البلاد تعتمد وحدها على اللغة المشتركة".

إلا أن إعادة مولد الثقافة الأمازيغية تقابله أيضا مقاومة. فقال غاقي إن البعض يتهمه بقيادة حركة انفصالية، في حين يهاجمه آخرون لمناصرته استخدام لغة غير العربية، لغة القرآن، ويقول: "الكثير من هذه الاتهامات متأصل في الجهل. فالكثير من الناس في تونس لا يعترفون بوجود مجتمع أمازيغي، ولقد نظمنا من قبل مظاهرة سليمة في وسط المدينة، حينما أتى لنا شخص ليخبرنا بأن نذهب لنتظاهر في بلادنا، لقد ظن أننا جزائريون أو مغاربة".

وبسبب أن أمازيغ تونس قد شاهدوا أعدادهم تتضاءل وثقافتهم تندثر على مر السنين، سعى أعضاء المجتمع لحماية وحفظ  تراثهم عن طريق الزواج من داخل المجموعة.

فحتى السبعينيات، كان الزواج من خارج المجتمع من المحرمات في المجتمعات الأمازيغية. لكن، مع مغادرة المزيد منهم لبلداتهم والرحيل إلى العاصمة وغيرها من المدن، أصبح الزواج المختلط أكثر شيوعا. بعض الأمازيغ، لا يزالون يعارضون الزواج من شخص من خارج المجموعة. متعللين بأن  هذا سيتبعه بالضرورة فقدان الثقافة واللغة، حيث إن الوافدين الجدد لن تكون هناك ألفة بينهم وبين التاريخ والتقاليد الأمازيغية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com