logo
منوعات

العراق.. العنف الأسري يتفاقم وسط جهد حكومي مكبل بـ"الذهنية القبلية"

العراق.. العنف الأسري يتفاقم وسط جهد حكومي مكبل بـ"الذهنية القبلية"
15 يونيو 2024، 3:54 م

أحمد عبد

تعجز السلطات العراقية عن الحد من حالات العنف الأسري التي سجلت أرقامًا قياسية خلال النصف الأول من عام 2024، والتي بلغت (14.000) حالة، في وقت تطالب فيه منظمات نسوية وقانونيين بتعديل القوانين الخاصة بتلك الحالات، وتشديد العقوبات بشأنها.

وتقف الشرطة المجتمعية التي تم تأسيسها، العام 2008، عاجزة أمام القيود القبلية والعشائرية التي تسود المجتمع العراقي، حيث تصطدم فرقها بتلك القيود للتدخل في معالجة مشاكل مجتمعية تتمثل بالعنف الأسري.

14 ألف دعوى رسمية

الناطق باسم وزارة الداخلية، العميد مقداد ميري، كشف عن تسجيل ما يقارب 14 ألف دعوى رسمية للعنف الأسري خلال النصف الأول من العام الجاري.

وقال ميري، لـ"إرم نيوز"، إن وزارة الداخلية باتت "تُولي اهتمامًا كبيرًا لحالات العنف الأسري، وسعت عبر البرامج التثقيفية والندوات إلى تشجيع المعنفين من النساء والذكور وحتى الأطفال للتقدم بدعاوى قضائية تجاه عمليات التعنيف".

وأضاف أن "الحالات تنوعت بين التعنيف الجسدي واللفظي والنفسي، وكانت غالبية الدعاوى المقدمة تندرج ضمن الاعتداء الجسدي، بنسبة 73% للنساء، و27% للذكور، والأجهزة المختصة داخل الوزارة تتابع تلك القضايا لما لها من أهمية على بنية المجتمع".

وتعد الأرقام التي أعلن عنها ميري، قفزة كبيرة في العنف الأسري بالعراق قياسًا مع العام 2021 مثلًا، حين سُجلت 5 آلاف حالة، أي بنسبة زيادة 64.7%، في وقت تشير فيه الإحصائيات إلى أن حالات العنف الأسري التي كانت تسجل، ما قبل العام 2003، لا تتجاوز نسبة 20% عما بعده، وتغيير النظام السابق.

تقول مديرة منظمة (ساندها لحقوق المرأة)، سارة الحسني، إن ما يُطرح من أرقام رسمية "يجانب الواقع".

وأوضحت لـ "إرم نيوز"، أن "ما يعلن عنه هو ما يتم تسجيله فقط بشكل رسمي عبر الشكاوى، بينما الحقيقة أن هناك آلاف الحالات لنساء معنفات غير قادرات على تسجيل شكواهن نتيجة الخوف من العقاب القبائلي أو الطلاق بالنسبة للنساء المتزوجات، وما فاقم تلك الحالات هو غياب القوانين الرادعة التي يمكن أن تجعل الشخص الذي يرتكب التعنيف يفكر 1000 مرة قبل أن يقدم على ذلك".

تعدد أشكال العنف

وكشفت وزارة التخطيط عبر دراسة لها، العام 2012، عن تعرض النساء المتزوجات لأشكال عديدة من العنف الأسري، حيث إن 36% منهن يتعرضن لشكل من أشكال الأذى النفسي من الأزواج، و23% منهن للإساءات اللفظية، و6% للتعنيف البدني، و9% للعنف الجنسي.

ومنذ عقد، تسعى منظمات المجتمع المدني، لاسيما النسوية، إلى دفع البرلمان العراقي لإقرار قانون مناهضة العنف الأسري، الذي ما زال موضوعًا على رفوف البرلمان رغم التصويت الحكومي على مسودته الأولية، حيث يعارض برلمانيون القانون رغم أن بعضهم "يجهل ما يحتويه وما يهدف له، وفسّر فقراته على هواه، وأدخلوه في بوابة التعارض مع التعليمات الدينية والأعراف، وهذا كله في سبيل الإبقاء على العنف كظاهرة ذكورية في المجتمع"، بحسب الحسني.

وتدعم نسخة 2019 من مسودة قانون مناهضة العنف الأسري إنشاء ملاجئ حكومية لإيواء المعنفات بالتنسيق مع منظمات حقوق المرأة المحلية، إذ غالبًا ما يتم إيواؤهن، مؤقتًا، في سجون النساء، ما يشكل خطرًا على المعنفات باحتكاكهن مع مرتكبات الجرائم الجنائية.

التنشئة الذكورية

ويعتمد القضاء العراقي حتى اليوم على مواد وبنود قانون العقوبات العائد للعام 1969، فيما يخص قضايا المرأة، ويتعامل معها في معظم الأحيان على أنها جنح عادية.

وتتسامح العديد من بنوده مع العنف الأسري، ومنها مواد تسمح للزوج بتأديب زوجته، وللآباء بتأديب الأطفال.

وترى الباحثة الاجتماعية، سناء العزاوي، أن "العنف الأسري هو نابع من التنشئة الذكورية للمجتمع، التي تمنح الرجل سواء كان الزوج أو الأب أو الأخ، حق تأديب المرأة والسيطرة على سلوكها وحبسها داخل البيت بحجّة الحفاظ على شرفها سواء كان بالضرب أو غير ذلك".

وتؤكد العزاوي لـ"إرم نيوز"، أن "السلطات في وزارة الداخلية تعجز عن الحد من العنف الأسري، حيث إنه في كثير من الحالات يتم تهديد الأجهزة المختصة في هذه الحالات بالملاحقة العشائرية، باعتبار ذلك أسرارًا داخلية للأسرة لا يسمح لأحد التدخل فيها".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC