سخر من القصائد "النظيفة".. رحيل الأديب التونسي عبد الجبار العش

عن عمر ناهز 64 عاما، غيّب الموت الأديب التونسي عبد الجبار العش الذي وافته المنية مساء أمس الثلاثاء بعد رحلة إبداعية حافلة قضاها بين ضفاف الشعر والرواية، وتميز فيها بالحس الساخر في نقده للأوضاع الاجتماعية والسياسية في إطارها العربي الأشمل، فضلا عن تمتعه بخيال "متوحش" يمزج الواقع بالفانتازيا في قوالب وصياغات مبتكرة. 

وُلد العش في 27 يونيو 1960 بمدينة صفاقس، حيث ساهم في تعزيز المشهد الثقافي المحلي من خلال عضويته في هيئة جمعية الدراسات الأدبية، كما درس في معهد ترشيح المعلمين، واختص في التربية البدنية، وتميز بتفانيه كمعلم.

 ومن أبرز أعماله ديوان الشعر "جلنار" وروايتي "افريقيستان"، "محاكمة كلب"، حيث اختيرت مقتطفات من نصوصه كمادة دراسية معتمدة لتلاميذ التعليم الثانوي؛ مما يبرز تأثيره العميق على الأجيال الجديدة.

ونال عبد الجبار العش جائزة "الكومار الذهبي" في عام 2001 عن روايته "وقائع المدينة الغريبة".

وامتلك شجاعة البوح والاعتراف عبر روايته "ما حكمة كلب" التي تتضمن الكثير من سيرته الذاتية وهو ما يعبر عنه قائلا "اكتشفت مفارقة غريبة، فالعديد من قراء الرواية لم يكونوا على يقين أن السيرة الذاتية المضمّنة في الرواية هي سيرتي فعلا، هذا التردد في الإمساك بالخيط الفاصل بين الخيال والحقيقة هو فعلا في صالح الرواية، لكن لحاجة في نفسي تمنيت أن يسمع الجميع صرختي التي جسدتها قصة طفولتي، لقد سعدت ككاتب لكن لم أسعد تماما كإنسان يبوح ويعترف".

 وأضاف"أعتقد أن غياب تقاليد البوح والاعتراف في الثقافة العربية هو الذي يدفع قراء كثُراً إلى المرور حذو الصورة وتفادي النظر في وجه الحقيقة، حقيقتهم، لذا قررت أن تكون روايتي القادمة سيرة روائية أبوح فيها بما لا يباح. أقف بين صفحاتها عاريا إلا من الحقيقة موغلا في مجاهل ذاتي والآخر".

وعبر عن نفوره من الظهور الإعلامي بطريقة ساخرة قائلا"أنا كاتب أطمح إلى كتابة بلا سياج، لذا أمقت القيود والرقابة، ففي أكثر من مناسبة أعتذر عن إجراء حوار إذاعي أو صحفي؛ لأنني أعلم أنني مطالب بأن أقرأ قصائد (نظيفة) وأن أجيب بطريقة مهذبة إلخ.. وأنا مواطن ولدت في الحضيض ولساني زلوق، ولست ولد عائلة،  لذلك أرى التلفزيون صندوقا صغيرا لا يسع طول لساني".