logo
منوعات

دمشق.. الشام "ذات الأعمدة" و"باب الكعبة" (صور وفيديو)

دمشق.. الشام "ذات الأعمدة" و"باب الكعبة" (صور وفيديو)
18 مارس 2024، 6:15 ص

ليس بإمكان أي مدينة على سطح المعمورة أن تتطاول على مدينة دمشق (الشام) بقدمها وتاريخها ومكانتها. إذ تؤكد المصادر الأثرية والتاريخية أن موقع دمشق عرف استيطاناً بشرياً يتوغَّل إلى آلاف السنين ويصل غالباً إلى عصر البرونز (الألف الثالث قبل الميلاد).

وهناك بعض الأساطير ترجع دمشق إلى بدء الخليقة، مرةً عبر ربط إنشاء المدينة بأحد أحفاد نوح عليه السلام، ومرة أخرى بإبراهيم عليه السلام وثالثة بإرم ذات العماد وغيرها من الروابط التي تفتقر إلى أساليب التأريخ الدقيق، علماً أن أول تاريخ مكتوب عن دمشق يعود إلى الفترة الآرامية التي تأسست فيها "مملكة دمشق" في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد.

وعن معنى اسم دمشق هناك عدة نظريات، منها أنها ذكرت للمرة الأولى باسم "دمشقا" أو "تمشقو" في رسائل تل العمارنة المصرية من القرن الرابع عشر قبل الميلاد وتعني "الحديقة المسقية"، يعود ذلك لموقع المدينة الجغرافي في سهل خصيب يرويه نهر بردى وفروعه العديدة، مشكلاً بذلك غوطة دمشق.

وأطلق السريان على هذه المدينة اسم "دار مسقين" بالمعنى ذاته وورد الشكل نفسه في التوراة، وحوّرتها المصادر الآشورية إلى "دار ميسق" وهي الصيغة التي اعتمدها كتاب الإغريق والرومان واشتق منها الأوروبيون المعاصرون اسم Damascus، أما الكتاب العرب المسلمون فاستخدموا الشكل المصري الآشوري "دمشق" وأحياناً جيرون والشام وجُلَّق، ولقبوها بالفيحاء كنايةً عن أنها تحوي حدائق كثيرة وتفوح منها الروائح الجميلة.

في حين أن أنصار الجذر العربي للاسم يرونه ناجماً عن مصطلح دَمْشَقَ في العربية القديمة أي "إذا أسرع"، ولذلك يُقال أن المدينة سُميت باسمها لأن "أبناءها دَمْشَقوا، أي أسرعوا في بنائها". وهناك من يرى أن اسمها اشتق من كلمة دُومَسْكَس بمعنى المسك أو الرائحة الطيِّبة، والبعض يعتقد بأنها سُمِّيت تيمناً بالقائد اليونانيّ دماس الذي أسَّسَ المدينة.

وبعد الفتح الإسلامي للشام عُرفت المدينة بالكثير من الأسماء، منها "دمشق الشام" تمييزاً لها عن مدينة غرناطة في الأندلس التي سُميت أيضاً "دمشق العرب"، وذاتَ العِماد لكثرة الأعمدة في أبنيتها، وباب الكعبة لوُجودها على طريق مكة، بالإضافة إلى عدة أسماء وألقاب أخرى منها حصن الشام وفسطاط المسلمين.



ومنذ العصور القديمة، اشتهرت دمشق كونها مدينة تجارية، تقصدها القوافل للراحة أو التبضع، وكانت إحدى محطات طريق الحرير، وطريق البحر، وموكب الحج الشامي، والقوافل المتجهة إلى فارس أو آسيا الصغرى أو مصر أو الجزيرة العربية.

هذا الدور الاقتصادي البارز لعب دوراً في إغناء المدينة وتحويلها إلى مقصد ثقافي وسياسي أيضاً، فالمدينة كانت خلال تاريخها مركزاً لعدد من الدول أهمها الدولة الأموية، أكبر دولة إسلامية من حيث المساحة في التاريخ، وفيها أقامت ودفن فيها بعض من آل البيت وبعض الصحابة والشخصيات البارزة تاريخياً أمثال: أبو الدرداء، وبلال الحبشي، ومعاوية بن أبي سفيان، وأوس بن أوس الثقفي، وضرار بن الأزور.

وفيها من مشاهير العلماء والأولياء والحكام قبور لكثيرين منهم: محي الدين بن عربي، ابن قيم الجوزية، صلاح الدين الأيوبي وأخوه الملك العادل ونور الدين الشهيد والظاهر بيبرس وابن عساكر والفارابي وعبد القادر الجزائري وأبان بن عثمان ومكحول الدمشقي وغيرهم.



وحظيت عاصمة سوريا باهتمام الأدباء والشعراء والرحالة، ونظم في وصفها العديد من النصوص الشعريّة والأدبيّة، نذكر منها ما قاله ياقوت الحموي: "ما وُصفت الجنّة بشيء، إلا وفي دمشق مثله". ويقول نزار قباني:

"كتب الله أن تكوني دمشقاً.. بكِ يبدأ وينتهي التكوينُ/ علّمينا فقه العروبة يا شا.. مُ فأنتِ البيان والتبيينُ/ إن نهر التاريخ ينبع في الشام.. أيلغي التاريخَ طرحٌ هجينُ؟"

ومن المعلوم أن دمشق القديمة (داخل السور) مدرجة على لائحة التراث العالمي منذ 1979. أما خارج المدينة القديمة فبدأت الأحياء بالنشوء منذ القرن الثالث عشر مع ساروجة، والشاغور، والميدان، وتابعت نموّها حتى القسم الثاني من القرن العشرين، فزحف العمران نحو سفوح قاسيون وبساتين الغوطة.

والآن باتت بلدات مستقلة عن دمشق تعدّ جزءاً من المدينة، مثل برزة، وجوبر، والمزة، فضلاً عن الإنشاءات السكنية الحديثة مثل مشروع دمر، وكفرسوسة. وفي الآونة الراهنة تقسّم دمشق إلى 15 منطقة سكنية، ونتيجة توّسع المدينة، أصبحت ملتصقة بضواحيها، التي تتبع إداريًا لمحافظة ريف دمشق، بعض هذه التوسعات إنشاءات حديثة مثل جرمانا وأشرفية صحنايا، والبعض الآخر بلدات تاريخية مثل عربين، ودوما.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC