سوريا.. انتشار "متلازمة الهزات الأرضية" بين الأطفال والبالغين

أصبح مرض "متلازمة الهزات الأرضية" شائعاً في سوريا، خاصة بعد تجدّد موجة الزلازل منذ 12 أغسطس الجاري، إذ شهدت المنطقة الوسطى من البلاد عدة هزات وصلت شدتها إلى 5.5 درجة.

وتنتشر هذه المتلازمة بين الأطفال والبالغين، بشكل خاص، كما تصيب الأعمار جميعها ممن يعانون الخوف والهلع في أثناء الزلازل، فيستمر شعورهم بالاهتزاز، ويعتقدون في كل لحظة أن زلزالاً يحدث، في حين لا يشعر الآخرون بشيء.

"زرقاء اليمامة".. في اكتشاف الزلازل

منذ الهزة القوية التي حصلت يوم 12 أغسطس الجاري، أصبحت "صبا" تكتشف الزلازل قبل وقوعها بدقائق. وتعتمد في ذلك على حدّة سمعها في الإصغاء إلى الصوت الذي تصدره الأرض عادةً قبل الزلزال.

تقول صبا لـ"إرم نيوز": حذّرت أمي من الهزة الثانية قبل أن تقع، وقد كنت أسمع صوتاً عميقاً يشبه تحطم الحديد، لكنها أسكتتني وقالت إنه وهم. وبعد دقيقتين حصلت الهزة.

ويسمي أفراد الأسرة "صبا" بـ"زرقاء يمامة الزلازل"، ويتندرون عليها بالقول إن هيئة الاستشعار عن بعد ستوظفها براتب عالٍ بدلا من استخدام مقياس ريختر؛ لأنها تكتشف الزلازل مبكراً، وتستطيع تحديد شدتها.

متلازمة الهزات الأرضية

 تفسر الدكتورة أليسار عجوب الحالة بأنها "متلازمة الهزات الأرضية" التي تصيب الناس عادةً بعد وقوع الزلازل. وتقول لـ"إرم نيوز": يعاني الناس بعد الزلزال من اضطراب الصدمة PTSD، الذي يحفز الجهاز الدهليزي في الأذن، فيضطرب التوازن عند الشخص، وغالباً ما يترافق مع القلق والاكتئاب، لكنه مؤقت يزول بانتهاء الكارثة مع الوقت.

وتعزو الدكتورة أليسار سماع "صبا" لصوت الهزة الأرضية المنبعث من باطن الأرض قبل أن يبدأ الزلزال عملياً إلى شدة التركيز والإنصات لمؤشرات الهزات، وتضيف: "من الممكن أن يصل الصوت لأولئك الأشخاص قبل غيرهم".

سوريانا.. جرس إنذار

الشابة سوريانا لقبوها في البيت بـ"جرس الإنذار" المبكر للهزات؛ فبمجرد سماع صراخها يركض الجميع لأماكن الحماية، أو يغادرون المنزل. إنها تستطيع التقاط الهزة قبل مقياس ريختر، كما تقول أمها.

تقول سوريانا لـ"إرم نيوز": "لا أعرف كيف لا يشعر أبي وأمي وإخوتي بالهزات الخفيفة، فيستغرقون بالنوم بينما أنا أشعر بها، حتى لو كانت شدتها درجة واحدة!".

خلال الأيام الماضية، تأكد أهل سوريانا أنها بمثابة جرس إنذار فعلاً، فقد سبق أن حذرتهم بناء على أحوال الطقس وسرعة الرياح. تقول سوريانا: "الغيوم لا تنتشر في أغسطس، كما أن سرعة الرياح لا تكون كبيرة. لقد شعرت بأن ذلك مقدمة لزلزال جديد، وقد حصل بالفعل".

"متلازمة الهزات الأرضية" جعلت سوريانا تشعر وكأن الهزات مستمرة لا تتوقف، ورغم عدم صدق تنبؤاتها أحياناً، فإنها أصابت مرات عديدة، جعلت الآخرين يحسبون لتحذيراتها ألف حساب.

اضطراب الجهاز الدهليزي

تقول الدكتورة عجوب: "اضطراب الجهاز الدهليزي المرتبط بالمخيخ يؤدي إلى اضطراب الحركة والتوازن عنده، ويحدث إثر الزلازل، وتختلف شدته من شخص لآخر، ويمكن معالجته بالأدوية حسب الحالة".

وتبدو نسب انتشار متلازمة الهزات الأرضية في سوريا مختلفة بين الأشخاص؛ فالبعض يمضي وقته وهو يراقب كل شيء ليتأكد إن كان يهتز أم لا، في حين تخف الدرجة عند آخرين، فلا ينتبهون إلا إذا كان الاهتزاز واضحاً.

وخلال الأيام الماضية، قال المشفى الوطني في حماة إن عشرات المصابين بالهلع الشديد ومتلازمة الهزات وصلوا إلى قسم الإسعاف، بينما لم يصب بسبب الزلزال سوى أفراد قليلين تعرضوا لرضوض بسيطة.

ودفعت متلازمة الهزات الأرضية، والقلق الشديد الذي يرافقها، الكثير من السوريين لمراجعة المشافي، وبعضهم فضل المبيت في الخيم التي وفرتها المنظمات الأهلية داخل الحدائق.

تختم الدكتورة أليسار بالقول: "إن قلة النوم العميق تُفاقم الهلع وترفع درجة الإصابة بمتلازمة الهزات، ولا حل إلا بالاطمئنان، ولو عبر مغادرة المكان".