فينيسيا.. ملكة البحر الأدرياتيكي وأسطورة المدن العائمة (فيديو إرم)

مدينة تعوم حرفيا على شبكة من القنوات المائية والبحيرات الصغيرة في لوحة مذهلة من جمال خلاب وإبداع طبيعي يفوق الخيال. 

لا تعرف السيارات أو الدراجات كوسيلة مواصلات، فإذا أردت التنقل فيها عليك بنسيان كل ما يسير على أرض صلبة والتفكير فقط في معانقة المياه عبر قوارب خشبية أو زوارق مطاطية وكأنك بطل محظوظ في مغامرة صغيرة مدهشة. 

تعد إحدى أشهر الوجهات السياحية العالمية، لكنها الوحيدة على ظهر الكوكب التي أرادت تقليل عدد الزائرين، وبادرت إلى فرض رسوم إضافية أو ضريبة على السياح الذين يزورونها في نهار عابر دون قضاء الليل بين فنادقها.

والهدف من وراء هذا الإجراء غير المسبوق هو إحداث توازن بين الحاجة الملحة لتنمية القطاع السياحي وبين راحة السكان الذين ترهقهم صرخات الانبهار في أعين الزوار. 

تلك هي فينسيا، ملكة البحر الإدرياتيكي على مر العصور وجوهرة التاج الإيطالي المرصع بالسحر في شمال البلاد.

 

هي أيضا أسطورة المدن العائمة التي تحمل فيروس فنائها في جملة واحدة مع سر عبقريتها، فالماء الذي منحها تفردا نادر المثال يمكن أن ينقلب إلى فيضان أو إعصار غاضب يغرق ما تبقى منها بعيدا عن متناول يده. 

سُميت بهذا الاسم نسبة إلى السكان الأوائل من قبيلة "فينيتي" الذين استوطنوها منذ ألف عام قبل الميلاد، في حين أطلق الحكم البيزنطي عليها اسم "فينيتيكا" الذي تطور لاحقا ليصبح الاسم الحالي. 

أما "البندقية" فهو اسمها المفضل لدى العرب، حين احتلوا أجزاء واسعة من جنوب إيطاليا ردحًا من الزمن، والذي جاء اشتقاقا من خضوعها في حقبة سابقة إلى حكم النبلاء من رتبة "الدوق"، ومن ثم أصبحت "دوقية" أو "دوتشيا" باللغة الإيطالية. 

وأضاف الحاكم من عنده كلمة "بون" بمعنى "خيّرة أو جميلة " قبل الاسم لتصبح "بون دوقية" أو "بون دوتشيا" وهو الاسم الذي انتهى به المطاف ليصبح "البندقية" في اللسان العربي.

كانت إيطاليا مركز الإمبراطورية الرومانية في شقها الأوروبي التي بدأت تعرف الرعب بسبب غارات البرابرة في القرن الخامس الميلادي، فهرب بعض سكان المدن الإيطالية إلى منطقة مستنقعات هي ما نعرفه اليوم باسم فينيسيا.

إنشاء مبان المدينة على طرز معمارية بيزنطية ورومانية وعربية هو أعجوبة هندسية بحد ذاتها، إذ تطلب الأمر صنع منصات خشبية مرفوعة على أوتاد من الخشب يتراوح طولها بين 4 إلى 8 أمتار لتشكل قاعدة للبناء الحجري المشيد على طين وماء. 

 ورغم صغر حجمها وتشييدها على مستنقع، إلا أنها أصبحت قوة عالمية ومركزا تجاريا بين الشرق والغرب، كما اشتهرت في القرن الخامس عشر بالسلع التي تحملها أساطيلها وتجوب بها البحار والمحيطات مثل الملح والتوابل والمنتجات الفاخرة. 

ويعتقد البعض أن مجرد وجود عشرات الجزر والقنوات المائية التي تشكل ملامحها الفريدة كجميلة جميلات مدن العالم، يعد سببا كافيا ليحلم بزيارتها الملايين سنويا، لكن الحقيقة أنها تملك من المعالم التاريخية العظيمة ما يجعلها وجهة سياحية فريدة مثل كنيسة سانتا ماريا، وقصر دوكلي، وجسر ريالتو، وميدان سان ماركو، ومتحف كوريير.