عاجل

هيئة البث: الجيش الإسرائيلي سيدرب قوات البحرية على القتال البري بسبب نقص المقاتلين

logo
كتاب إرم

العرب غائبون عن الساحة

العرب غائبون عن الساحة
23 يناير 2023، 5:13 ص

من مجموع 130 ألف متظاهر انتشروا في البلدات الأساسية الكبرى في إسرائيل، ضد الانقلاب الذي تقوده حكومة بنيامين نتنياهو على جهاز القضاء، لم يشارك سوى عدد قليل من المواطنين العرب.. كان عددهم أكبر في المظاهرة الأولى التي أقيمت قبل ثلاثة أسابيع وشارك فيها 80 ألفا.. وكان عددهم أقل في المظاهرة الثانية، التي ضمت 80 ألفا.

أحد الصحفيين الإسرائيليين من ذوي النوايا الطيبة، اعتبر الأمر "احتجاجا مهما من العرب يقولون فيه إن إسرائيل لا تحسب حسابا لهم، ولذلك قرروا الامتناع عن التظاهر"، ولكن مَن يعرف الحقيقة يدرك أن المسألة بعيدة عن هذا التقييم؛ فصحيح أن العرب في إسرائيل يشعرون بأن أوساطا واسعة في المجتمع اليهودي لا تريدهم حتى في هذا الاحتجاج، إلا أن أوساطا واسعة أيضا تريدهم وتدعوهم إلى المشاركة.

رغم أن الغالبية الساحقة من العرب يريدون من قيادتهم أن تشارك في الساحة السياسية بتحالفات مع أوسع إطار من القوى اليهودية، تجد هذه السياسة نفسها في غضون ثلاثة أسابيع خارج صف الاحتجاج.

آخر الاستطلاعات في هذا الموضوع بينت أن 34% من اليهود في إسرائيل يؤيدون مشاركة العرب في الائتلاف الحكومي وفي إدارة شؤون الدولة. وهذه نسبة كبيرة، بالمقارنة مع حقب سابقة في التاريخ، وموضوع مشاركتهم تحول إلى موضوع نقاش حيوي في المجتمع اليهودي.

هؤلاء المؤيدون هم اليوم ليسوا من اليمين المتطرف الحاكم، لكنهم موجودون في اليسار وفي الوسط الليبرالي وحتى في قسم من اليمين الليبرالي، وهم الذين ينظمون حملة الاحتجاج على التغييرات القضائية.. فإذا كان العرب معنيين بزيادة نسبتهم، تقع عليهم مسؤولية في هذه المشاركة وإقناع هذه الجماهير بجدوى هذه الشراكة.

في المظاهرة الأولى التي شارك فيها حوالي ألفي عربي (من مجموع 30 ألفا)، شارك وفد من كتلة الجبهة والعربية للتغيير. رئيس الكتلة النائب أيمن عودة، شارك وخطب في المظاهرة بدعوة من المنظمين، وقوبلت كلمته بتقدير كبير.

من أهم ما قاله أن "العرب يعرفون أنهم لا يستطيعون تحقيق مطالبهم في المساواة وفي إنهاء الاحتلال وإقامة السلام مع الشعب الفلسطيني، من دون أكثرية يهودية. وعلى القوى اليهودية أن تعرف أنها لن تستطيع إسقاط حكومة اليمين من دون الشراكة مع العرب".

وبالروح نفسها تكلم الكاتب عودة بشارات في المظاهرة نفسها. قوى اليمين المتطرف التي استمعت إلى الخطيبين العربيين، وشاهدت كيف حظيت كلماتهما بالتقدير، نظمت اعتداء جسديا عليهما، وهو الأمر الذي يؤكد كم هي صحيحة طريقهما في المشاركة وكم هو اليمين خائف من هذه المشاركة!

إلا أن العرب الذين شاركوا في المظاهرة الأولى تغيبوا عن المظاهرة الثانية، وحضر بدلا منهم رئيس القائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية النائب منصور عباس. واختار عودة ونشطاء الجبهة أن يشاركوا في مظاهرة صغيرة في حيفا. وفي مظاهرات الأسبوع الثالث (السبت 21 يناير)، تغيب العرب بشكل شبه تام، ولم يشاركوا في مظاهرة حيفا المركزية، بل أقاموا مظاهرة خاصة بهم في موقع آخر في حيفا.

النضال ساحة معروفة المعالم ومحدودة المساحات. وعندما تكون أقلية وطنية تبحث عن مكان في المعركة الكبرى لأجل الديمقراطية، تكتفي بالشعارات الديمقراطية.

أحد الأسباب لهذا التغيب كان الانتقاد الذي وجهه لهم قادة المتظاهرين اليهود، لأنهم رفعوا أعلام فلسطين وشعارات تندد بالاحتلال وممارساته، فاختاروا مظاهرة صغيرة وحدهم رفعوا فيها شعاراتهم الخاصة.

وبالطبع، الإعلام الإسرائيلي تجاهل هذه المظاهرة، أولاً لأنها عربية، أي لدوافع عنصرية، وثانيا لأنها صغيرة.. هذا المشهد يدل على شيء من البلبلة في السياسة العربية.

على الرغم من أن الاستطلاعات تفيد بأن الغالبية الساحقة من المواطنين العرب يريدون من قيادتهم أن تشارك في الساحة السياسية بشكل فاعل من خلال تحالفات مع أوسع إطار من القوى اليهودية، تجد هذه السياسة نفسها في غضون ثلاثة أسابيع خارج صف الاحتجاج.

لم يكن التغيب بمثابة احتجاج على المجتمع الإسرائيلي، بل دليل عجز عن إيجاد مكان لهم في ساحة النضال، وهذا العجز نابع من ضعف في الثقة في النفس، فهم يحسبون أن علم فلسطين والشعارات المناهضة للاحتلال يجب أن ترفع في كل وقت وفي كل مكان وفي كل مظاهرة، وهذا خطأ فاحش يشبه كثيرا ما أسماه لينين ذات مرة "المراهقة السياسية" و"مرض الطفولة اليساري".

فالنضال هو ساحة معروفة المعالم ومحدودة المساحات. وعندما تكون أقلية وطنية تبحث عن مكان في المعركة الكبرى لأجل الديمقراطية، تكتفي بالشعارات الديمقراطية. تكتبها بلغتك العربية، وتضيف إليها شعارات تدمج بين المطالب الخاصة والمطالب العامة، وتجعل أولئك الذين لا يعرفون شيئا عن قضيتك، يتعرفون إليها بالمقدار المعقول.

فأنت تتقدم معهم خطوة خطوة في المسار، وليس قفزا. أما أن ترفع شعارات لا يستطيعون تحملها، تبدأ فيها من النهاية، وتفزعهم منك أكثر مما يفزعهم اليمين المتطرف، فإنك لا تصيب الهدف. قد تكون عادلا فيه بالتأكيد، ولكن ليس حكيما.            

أخبار ذات صلة

بعد تبنّي الليكود سياسات بن غفير.. ما العقوبة المتوقعة لرفع علم فلسطين في إسرائيل؟

           
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC