"تأتي على الأخضر واليابس".. ما مخاطر المضادات الحيوية؟

في عالم يتم فيه الترحيب بالمضادات الحيوية باعتبارها أعاجيب منقذة للحياة، أثار استخدامها العشوائي قلقا متزايدا بين خبراء الطب، بحسب تقرير نشره موقع "هيلث إيكونوميك تايمز".

ويشبه الدكتور مارتن بليزر، مدير مركز التكنولوجيا الحيوية المتقدمة والطب في جامعة روتجرز الأمريكية، تناول المضادات الحيوية بتدمير التوازن الدقيق للكائنات الحية الدقيقة داخل أجسامنا.

وفي حين أن هذه الأدوية تكافح العدوى بشكل فعال، فإن استخدامها على نطاق واسع وغير ضروري يشكل مخاطر كبيرة؛ ما يعزز ظهور البكتيريا المقاومة للأدوية ويعطل النظام البيئي المعقد للبكتيريا المفيدة في أمعائنا.

ويؤكد بليزر أن المضادات الحيوية لا تمتلك قدرة التمييز، فهي تقضي على البكتيريا الضارة والمفيدة، ونتيجة لذلك، تزدهر البكتيريا المقاومة للأدوية؛ ما يزيد من صعوبة علاج العدوى.

وأكد التقرير أن نسبة تبلغ 28% من المضادات الحيوية الموصوفة، والتي غالبًا ما يتم استخدامها لعلاج الأمراض الفيروسية مثل الإنفلونزا أو نزلات البرد، لا تخدم أي غرض، بل من الممكن أن تسبب ضررًا. كما يساهم سوء الاستخدام هذا في خلق أزمة صحية عالمية ملحة، وهي مقاومة مضادات الميكروبات.

وقد صنفت منظمة الصحة العالمية مقاومة مضادات الميكروبات باعتبارها تهديدًا صحيًا عالميًا كبيرًا. ففي الولايات المتحدة وحدها، هناك ملايين من حالات العدوى التي تقاوم العلاج سنويا؛ ما يؤدي إلى عشرات الآلاف من الوفيات.

والإفراط في الاستخدام لا يزيد من خطر الإصابة بالعدوى المقاومة للمضادات الحيوية فحسب، بل يسهل أيضًا انتشارها إلى الآخرين؛ ما يؤدي إلى ظهور الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية.

علاوة على ذلك، تعمل المضادات الحيوية على تعطيل بكتيريا الأمعاء الحيوية المسؤولة عن عملية التمثيل الغذائي والهضم والجهاز المناعي؛ ما قد يؤدي إلى اضطرابات التمثيل الغذائي وأمراض المناعة الذاتية.

وسلطت الدكتورة لوري هيكس، من المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، الضوء على الأبحاث الجارية التي تربط استخدام المضادات الحيوية بالأمراض المزمنة، واستخلصت أوجه التشابه من الدراسات التي أجريت على الحيوانات، وحثت على إجراء المزيد من الأبحاث على البشر.

أخبار ذات صلة

الإفراط في تناول المضادات الحيوية "خطير"

واستجابة لهذا القلق المتصاعد، يدعو الخبراء إلى إحداث نقلة نوعية في نهجنا تجاه استخدام المضادات الحيوية، مؤكدين ضرورة التخلص من فكرة أن المضادات الحيوية مفيدة بالمطلق دون النظر إلى أضرارها المحتملة.

إضافة إلى ذلك، يصبح تعزيز المحادثات المفتوحة مع مقدمي الرعاية الصحية أمرًا بالغ الأهمية؛ إذ ينصح الخبراء المرضى بالتشكيك في ضرورة المضادات الحيوية، والسعي للحصول على توضيح بشأن العدوى البكتيرية المحددة المستهدفة واستكشاف اختبارات بديلة أو تأخير الوصفات الطبية إذا سمحت الأعراض بذلك.