ترامب يوقع أمرا تنفيذيا لمواصلة تقليص عدد موظفي الحكومة "غير الضروريين"
عقب اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، شهدت الـ48 ساعة الماضية طرح فرضية ثابتة، تتحدث عن الهدف الرئيسي من الاغتيال، والمتمثل في إفشال أي محاولة من جانب الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران.
ويبدو أن هذه الفرضية قد أحدثت أصداء كبيرة سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو في الداخل الإسرائيلي بشكل خاص، والعالم عموما.
وتظهر هذه الفرضية جليًا في تصريحات لنواب أمريكيين من الحزب الديمقراطي، يرون أن الاغتيال كان عملًا متهورًا، أراد وضع عراقيل أمام الرئيس المنتخب جو بايدن وإدارته، ومحاولة لاستغلال الأسابيع المتبقية من عمر ولاية الرئيس دونالد ترامب لتحقيق هذا الهدف.
وذكر تقرير لموقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي، اليوم الأحد، أن شخصيات من الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية على قناعة بأن اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده "جاء من أجل إفشال الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن وإدارته مبكرًا"، معللة ذلك بأن بايدن "يريد العودة إلى المسار الدبلوماسي مع إيران".
تقويض الدبلوماسية
وأشار الموقع إلى أن التقديرات السائدة في واشنطن وتل أبيب حاليًا، هي أن العمليات ضد إيران ستستمر خلال الشهرين المقبلين، وما تبقى من ولاية الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، بغية "تكبيل أقدام بايدن بشأن الملف الإيراني".
ونقل الموقع عن السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز، الذي وصفه بأنه يقف على رأس التيار الراديكالي في الحزب الديمقراطي، أن عملية اغتيال فخري زاده "متسرعة، ومستفزة، وغير قانونية".
وتابع ساندرز أن تزامن الاغتيال مع قرب تنصيب الإدارة الأمريكية الجديدة، يعني بوضوح أن الهدف هو تقويض مسار الدبلوماسية بين أمريكا وإيران"، وأضاف "يحظر السماح بذلك، إن الدبلوماسية هي الطريق الأمثل لإحراز تقدم".
ووفق "واللا"، شن العديد من الديمقراطيين هجومًا حادًا ضد سياسات ترامب، ومن بينهم رئيس وكالة الاستخبارات المركزية "CIA" الأسبق جون برينان، الذي تولى المنصب إبان ولايتي الرئيس الأسبق باراك أوباما، وكان قد دخل في تراشق حاد عبر "تويتر" مع شخصيات جمهورية مثل السيناتور تيد كروز على خلفية الاغتيال.
وكتب برينان أن اغتيال زاده يعد "جريمة وعملا متهورا" من شأنه أن يشعل حربًا في المنطقة، مضيفًا أن اغتيال العالم الإيراني ينذر بدفع إيران إلى عمل انتقامي مدمر، الأمر الذي دفع السيناتور الجمهوري كروز إلى الدخول في تراشق معه، ينتقده بشدة على ما اعتبره "تشجيعا للإيرانيين الذين يرفعون شعار الموت لأمريكا".
بدوره، قال السيناتور الأمريكي عن الحزب الديمقراطي كريس ميرفي، لو كان الهدف الرئيسي من اغتيال زاده هو وضع عراقيل أمام العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، والذي كان قد تم التوقيع عليه في تموز/ يوليو 2015 وانسحب الرئيس ترامب منه قبل عامين، فإن هذا الاغتيال "لم يحول أمريكا ولا إسرائيل ولا العالم إلى مكان أكثر أمنًا".
إسرائيل المسؤولة؟
ويشار إلى أن مصادر استخبارية أمريكية كانت قد سربت قبل أيام أن إسرائيل هي المسؤولة عن اغتيال الرجل الثاني في تنظيم القاعدة داخل طهران، أبو محمد المصري، تاركة علامات استفهام بشأن أسباب هذا التسريب، لكن ما زاد الأمور تعقيدًا هو أن شخصيات أمريكية على نفس المستوى تحدثت أيضًا عن تورط إسرائيل في اغتيال زاده.
وذكرت مصادر استخبارية أمريكية اليوم الأحد لصحيفة نيويورك تايمز، أن منظومة العلاقات التي أسستها إسرائيل مع دول تمتلك حدودًا مشتركة مع إيران، وبالتحديد أذربيجان، سهلت لها عمليات تعقب الأوضاع داخل إيران وزرع عملاء بداخلها.
ونقلت قناة "أخبار 12" العبرية جانبًا من الحوار الذي أدلى به بروس رايدل، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "CIA" للصحيفة، والذي أشار خلاله إلى أن إيران تقف أمام جهة يمكنها العمل في قلب العاصمة طهران، وتنفيذ عمليات نوعية على غرار اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، مضيفًا: "إيران أمام معضلتين، الأولى هي أنها مضطرة لتوجيه رد انتقامي، والثانية هي أنها مخترقة وتواجه عدوا يعمل بشكل غير مسبوق".
وبين المسؤول الاستخباري الأمريكي أن إسرائيل نجحت خلال السنوات الماضية في تجنيد أشخاص يتحدثون الفارسية، واستغلت أيضًا إيرانيين هاجروا إليها بهدف الحصول على معلومات حيوية من داخل إيران، وبغية اختراق الحسابات البريدية ووسائل الاتصال المشفرة، مضيفًا أيضًا: "نجحت إسرائيل كذلك في تجنيد متعاونين من الداخل الإيراني".
معضلة إيرانية
وتابع رايدل أن الاغتيال "يأتي ليؤشر على استئناف أنشطة الشبكة التي تأسست داخل إيران منذ سنوات لتنفيذ مهام مماثلة، وأنه بعد 8 سنوات من خمول هذه الشبكة، ومن موجة الاغتيالات الأخيرة، يبدو أن إسرائيل تستغل مجددًا هذه الشبكة".
ووفق قناة "أخبار 12"، فقد أكد مسؤول إسرائيلي كان على صلة في الماضي بتتبع العالم النووي الإيراني فخري زاده، للصحيفة الأمريكية، أن إسرائيل ستواصل العمل ضد البرنامج النووي الإيراني طالما تطلب الأمر، وأن تطلعات إيران لامتلاك القنبلة النووية تشكل خطرًا ضخمًا على العالم بأسره وأنه "ينبغي على العالم أن يوجه الشكر لإسرائيل"، على حد قوله.
وتتصاعد الدعوات في إيران منذ اغتيال من يوصف بـ"الأب الروحي للقنبلة النووية الإيرانية" لإجراء تغيير حاد في أساليب إحباط عمليات التجسس داخل البلاد، بينما تشير مصادر إلى أن القيادة الإيرانية تواجه ضغوطًا كبيرة ما بين الدعوات للانتقام وبين رغبتها في التعاطي بشكل براغماتي مع الأوضاع، استعدادًا للتعاطي مع الإدارة الأمريكية الجديدة وتحسين العلاقات معها.