"الصحة" اللبنانية: مقتل سوري في غارة إسرائيلية على منطقة وادي حامول جنوبي لبنان

logo
أخبار

لماذا أقصى نتنياهو شريكه غانتس عن القرارات الإستراتيجية التي اتخذها؟

لماذا أقصى نتنياهو شريكه غانتس عن القرارات الإستراتيجية التي اتخذها؟
18 ديسمبر 2020، 4:20 ص

يمتلك غالبية المراقبين والمحللين الإسرائيليين قناعة بأن التطورات السياسية التي تشهدها البلاد، وعلى رأسها إعلان النائب جدعون ساعار انشقاقه عن "الليكود" وتأسيس حزب سياسي جديد، تشير استطلاعات الرأي إلى تقدمه بخطى ثابتة، إضافة إلى التصدع داخل الائتلاف بين حزب السلطة وحزب "أزرق أبيض"، ستقود في النهاية إلى انتخابات جديدة هي الرابعة في غضون عامين، من المرجح أن تنتهي بتحول جذري لم يحدث منذ سنوات.

وأسهم طموح زعيم "أزرق أبيض"، وزير الدفاع ورئيس الوزراء البديل بيني غانتس لاعتلاء المشهد السياسي سريعا، في كسر تحالفه مع كتلة اليسار – الوسط ممثلة في حزبي "هناك مستقبل" بزعامة يائير لابيد، و"تيلم" بزعامة موشي يعلون، وتسبب في بقاء بنيامين نتنياهو على رأس حكومة جديدة هي الخامسة في تاريخه السياسي، عقب إعلان التوصل إلى اتفاق ائتلافي في نيسان/ أبريل 2020، بين "الليكود" و"أزرق أبيض" في نسخته المصغرة.

تباين الرؤى 

ويعتقد خبراء إسرائيليون أن الانفصال بين الحزبين الشريكين مسألة وقت فحسب؛ لأن هذه الحكومة التي أطلق عليها في البداية حكومة وحدة وطنية استهدفت مواجهة جائحة كورونا فضلا عن إقرار الموازنة العامة للبلاد، تشكلت لدواع سياسية فحسب، على صلة بتطورات كان رئيس الوزراء نتنياهو على علم بها، إضافة إلى الضغوط التي مارستها إدارة الرئيس دونالد ترامب على إسرائيل من أجل تشكيل حكومة مستقرة.

وكتب الباحث والمحاضر في العلوم السياسية العميد احتياط رونين ايتسيك، عبر صحيفة "إسرائيل اليوم"، مساء أمس الخميس، أن أحد أوجه الخلاف الحاد بين نتنياهو وغانتس ظهر جليا خلال تصريحات الأخير لوسائل إعلام عربية، أشار خلالها إلى رؤيته بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والتي تبين إنها تختلف كليا عن الرؤية التي يتبناها نتنياهو والتي أثبتت نفسها مؤخرا.

 





وذكر ايتسيك أن رؤية نتنياهو التي عبر عنها قبل سنوات تعتمد على ما يقول إنه "تحصين أمن إسرائيل للقرن القادم"، مضيفا أن نتنياهو يمتلك قناعة بأن السياسات التي اتبعها رؤساء الوزراء السابقون ومنهم أريئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك إزاء الملف الفلسطيني هي سياسيات غير ناجحة، ومن ثم أيقن أن سياسة الحلول الوسط أو التسوية مع السلطة الفلسطينية لا طائل منها، وأن البديل هو تعزيز الاقتصاد الإسرائيلي وقدرات الجيش من النواحي الإستراتيجية، وهو ما عمل عليه خلال خمس حكومات أسسها منذ العام 2009.

اضطرار سياسي 

وأشار الباحث إلى أن حكومة الوحدة مع غانتس كانت حكومة "اضطرار سياسي"، شكلها نتنياهو بهدف "دفع المركبة خارج الوحل" بعد ثلاث جولات انتخابية فشلت في حسم الموقف وتشكيل حكومة، إضافة إلى رغبته في تطبيق إرثه الإستراتيجي الذي يتبناه منذ سنوات استغلالا لوجود ترامب داخل البيت الأبيض، ووقتها كانت التوقعات مازالت ترجح فوز ترامب بولاية ثانية.

وأشار ايتسيك إلى أن نتنياهو اتبع سياسية "إبقاء عدوك إلى جوارك"، ويجري الحديث عن غانتس هذه المرة، إذ كان نتنياهو في حاجة إلى تشكيل هذه الحكومة بأي ثمن من أجل بدء تطبيق رؤيته الإستراتيجية، التي اتضح بعد ذلك أنها أحدثت تحولات في المنطقة لم يتوقعها غالبية المراقبين سواء في إسرائيل أو العالم العربي.

وتابع أن أزمة غانتس هي أنه مازال يعتقد أن القضية الفلسطينية هي أعمق المشاكل التي تواجهها إسرائيل، بينما يمتلك نتنياهو نظرة أخرى تماما من النواحي الإستراتيجية تقوم بالأساس على محاولة عزل الملف الفلسطيني والحفاظ على العزلة بين الضفة الغربية وبين حركة حماس في قطاع غزة.

اقصاء غانتس  

واستخلص الباحث الإسرائيلي أن التباين في الرؤيتين هو الذي دفع نتنياهو إلى إقصاء غانتس وشريكه في "أزرق أبيض" وزير الخارجية غابي أشكنازي عن جميع الخطوات الإستراتيجية التي قام بها وعلى رأسها مسيرة السلام التي أفضت إلى توقيع "اتفاقات إبراهيم" مع الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ثم انضمام السودان وبعدها المغرب إلى المسيرة.





يشار إلى أن نجاح هذه المسيرة قام بالأساس على عدم تحويل الملف الفلسطيني إلى شوكة تحول دون التوصل إلى علاقات طبيعية بين إسرائيل والعالم العربي.

وأعلنت الدول العربية المشاركة في مسيرة السلام أن الملف الفلسطيني على رأس أولوياتها، وأن السلام مع إسرائيل لا يعني تهميش هذه القضية.

لكن الباحث الإسرائيلي يؤكد أن وجود غانتس وحزب "أزرق أبيض" في الصورة كان سيعقد الأوضاع، إذ كان وزير الدفاع غانتس سيقحم الملف الفلسطيني على رأس المباحثات وسيضع ما وصفه بـ "التوابل الفلسطينية" على الخطوات التي تتم ومن ثم كان مصير محاولات التوصل إلى سلام يسير إلى فشل مؤكد.

ويرى ايتسيك أن تصريحات غانتس تؤشر على أن التناول التقليدي لملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالنسبة لليسار والوسط في إسرائيل مازال قائما كما هو، وأنه على الرغم من أن رؤية نتنياهو التي لا تربط بين حل القضية الفلسطينية وبين بناء علاقات طبيعية مع العالم العربي أثبتت نجاحها، إلا أن غانتس وفريقه مازالا يريدان إقحام هذا الملف في قلب حالة الإجماع.

وأشار إلى أن هناك سببا محتملا لذلك وهو ارتباط غانتس الذي ينظر للأمور كأنه داخل "قمرة قيادة طائرة" باعتبارات حزب "أزرق أبيض" وتوجهات الناخبين من اليسار والوسط، في وقت تدل الأجواء إلى قرب الذهاب إلى انتخابات جديدة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC