عاجل

سلطات إسرائيلية تلغي التعليم ليوم غد في مستوطنات شمال فلسطين.

logo
أخبار

مع اقتراب نهاية حقبتها.. الوجه الآخر المجهول للمستشارة الألمانية "الناجحة"

مع اقتراب نهاية حقبتها.. الوجه الآخر المجهول للمستشارة الألمانية "الناجحة"
11 يوليو 2021، 11:01 ص

عندما تغادر أنغيلا ميركل منصبها، في أواخر الصيف الحالي، منهية 16 عاما من حكمها كمستشارة لألمانيا، فإنها ستسمع الكثير من عبارات الإعجاب والثناء على ما حققته لبلادها ولأوروبا والعالم، واستحقت به وصفها على جانبي الأطلسي بلقب "زعيمة العالم الحر" الجديدة.

https://foreignpolicy.com/media/2021/06/Angela-Merkel-Vladimir-Putin-GettyImages-1054284038.jpg?resize=800,533

لكن ذلك، كما تقول مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، هو مجرد الوجه الأول لأنغيلا ميركل "الأسطورة"،  فثمة وجه آخر للمستشارة لا يعرف ملامحه الكثيرون.

https://foreignpolicy.com/media/2021/06/Angela-Merkel-Germany-GettyImages-1212188943.jpg?resize=800,533

ووفقا للمجلة، ففي سجل ميركل فائض من الإيجابيات التي تُزكّيها بين طوابير الزعماء الذين تعاقبوا على الحكم في مختلف دول العالم خلال العقدين الماضيين.

فهي عندما دخلت التاريخ في خريف العام 2005 كأول امرأة تنتخب لمنصب المستشارة، كانت نسبة البطالة تجاوزت 11 % بقليل، وكان يتم الاستخفاف بألمانيا على نطاق واسع باعتبارها "رجل أوروبا المريض".

https://foreignpolicy.com/media/2021/06/Angela-Merkel-Robot-GettyImages-951048714.jpg?resize=800,533

واليوم بعد أربع ولايات لميركل، تراجعت البطالة الألمانية إلى 6 %، وكان يمكن أن تكون أقل لولا جائحة كورونا، وفقا لتقرير المجلة التي تضيف بأن أحدا لا يمكن أن يشكك كذلك في "قيادة ألمانيا السياسية والمالية والاقتصادية للاتحاد الأوروبي".

وفي حقبة ابتُلي العالم فيها برجال حكم أقوياء متقلبين ومغرورين كُثُر، كما تقول المجلة، قدمت ميركل نموذجًا للقيادة العقلانية والثابتة.

https://foreignpolicy.com/media/2021/06/Angela-Merkel-Charles-Michel-GettyImages-1227663156.jpg?resize=800,533

وتقول المجلة إن المراقبين السياسيين على ضفتي الأطلسي كانوا مغرمين بمنحها لقب "زعيمة العالم الحر" الجديدة، وهو شرف لطالما رفضته ميركل على الرغم من أنها كانت، بلا شك، الزعيمة الفعلية للاتحاد الأوروبي، كما جاء في التقرير.

فعندما هددت أزمة ديون منطقة اليورو بإغراق مؤسسات الاتحاد الأوروبي، تغلبت ميركل على المقاومة المحلية للتفاوض بشأن عمليات الإنقاذ لأعضاء منطقة اليورو الأشد تضررا، وقدمت الدعم السياسي لضخ السيولة الضخمة للبنك المركزي الأوروبي، ومهدت الطريق لعدد لا يحصى من مؤسسات الاتحاد الأوروبي الجديدة، بما في ذلك اتحاد مصرفي كاسح، حسب التقرير.

وعندما ضمت روسيا فلاديمير بوتين، شبه جزيرة القرم، وتدخلت عسكريًا في منطقة دونباس الشرقية بأوكرانيا، حافظت ميركل على هدوئها وأخذت زمام المبادرة في التفاوض على اتفاقيات مينسك.

وخلال أزمة اللاجئين في صيف العام 2015، أظهرت ميركل  إنسانيتها، بتكلفة سياسية كبيرة، من خلال اتباع سياسة "الباب المفتوح"، والسماح لأعداد كبيرة من اللاجئين السوريين بدخول ألمانيا.

كما ساعدت ميركل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في الحفاظ على جبهة موحدة خلال مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

https://foreignpolicy.com/media/2021/06/Angela-Merkel-Anas-Modamani-Germany-GettyImages-487529212.jpg?resize=800,533

وخلال ربيع العام 2020، وانتشار كورونا في العالم، ألقت بثقلها السياسي وراء إطلاق صندوق للتعافي من الأوبئة بقيمة 750 مليار يورو (913 مليار دولار) يتم تمويله من خلال السندات المشتركة الصادرة عن المفوضية الأوروبية، مما يمثل خطوة بارزة نحو اتحاد مالي واقتصادي في الاتحاد الأوروبي، كما جاء في التقرير.

الوجه الآخر لسياسات ميركل

وتقول المجلة: هناك بعض الحقيقة في هذه الرواية الممتعة عن ميركل، لكنها تحكي جزءًا واحدًا فقط من القصة، فقد كان هناك جانب أكثر قتامة لقيادة ميركل في أوروبا، سواء بالنسبة لتكتيكات صنع القرار المحددة التي اعتمدت عليها أو للمبادئ العامة التي وجهت سياساتها.

ففي التعامل مع الأزمات السياسية في أوروبا، كانت الحيلة السياسية الرئيسية لميركل تتمثل في "المماطلة والتردد"، حسب تعابير "فورين بوليسي".

وقد اشتهرت المستشارة بهذا النهج لدرجة أن المراهقين الألمان حولوا اسمها إلى فعل "ميركلن" (merkeln ) (فعل في اللغة الألمانية مشتق من اسم ميركل ويعني: ابق غير نشط في الأمور المهمة ولا تقدم أي معلومات واضحة) والذي أصبح اختصارا شائعا لتردد ميركل المزمن وحديثها المتواصل في بعض القضايا دون فعل أي شيء، على أرض الواقع.

وترى المجلة أنه "في كثير من الحالات، من أزمة اليورو إلى أزمة سيادة القانون في المجر وبولندا، أدى تقاعسها الإستراتيجي إلى مشاكل خطيرة تفاقمت وأصبحت أكثر عمقًا.

المصالح قبل الديمقراطية وحقوق الإنسان

وأشار التقرير إلى أن تعبير "الميركلية"، نسبة لأنغيلا ميركل، أصبح يعني تقديم المصالح التجارية والجغرافية -الاقتصادية الألمانية على القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان أو التضامن داخل الاتحاد الأوروبي.

وفي ذلك شواهد كثيرة، حسب المجلة، فهي من تدليلها للرجل المجري القوي فيكتور أوربان أثناء قيامه ببناء الحكم الاستبدادي الأول في الاتحاد الأوروبي، إلى مغازلتها النشطة لخصوم أوروبا الجيو استراتيجيين في روسيا والصين، كانت تميل إلى وضع الربح والنفع الألماني فوق المبادئ والقيم الأوروبية، وهو ما فعلته، كذلك، مع تركيا في أزمة الهجرة 2015-2016  عندما عقدت مع تركيا صفقة "المال مقابل اللاجئين" التي وصفها التقرير بـ "الصفقة البغيضة".

وأخذ التقرير على ميركل طريقة معالجتها لأزمة ديون منطقة اليورو كنتيجة للإسراف المالي والقدرة التنافسية الضعيفة في أيرلندا ودول البحر الأبيض المتوسط​​، حيث "عززت الصور النمطية المسرفة والكسولة الشائعة عن الحكومات والسكان في بعض دول المتوسط.

ووفقا للمجلة، أدى هذا النهج الميركلي إلى تقويض مفاجئ لعملية التقارب الاقتصادي بين دول الشمال والجنوب والتي كانت قد بدأت في منتصف التسعينيات، حيث بدأت مستويات المعيشة بين بلدان المركز والأطراف، خلال حقبة المستشارة، في التباعد مرة أخرى بعد العام 2010.

فمع ازدهار اقتصادات الشمال، كما يذهب التقرير، وبدعم من ضعف اليورو وحساباتها المالية المتراخية بسبب عائدات السندات السلبية، دخلت اقتصادات الجنوب في ركود عميق شهد غرق جيل كامل من الشباب في معدلات بطالة عالية قياسية.

وبقدر ما كانت ميركل مترددة في إظهار التضامن مع الديمقراطيات المتعثرة في جنوب أوروبا، كانت راضية عن رؤية إعانات الاتحاد الأوروبي بمليارات اليوروهات تنهمر على الأنظمة الاستبدادية الناشئة في شرق أوروبا.

لو ترشحت للمرة الخامسة لنجحت

يتفق معظم المحللين على أن ميركل كان من المحتمل إعادة انتخابها إذا اختارت الترشح لفترة خامسة غير مسبوقة في المنصب.

وتقول المجلة إنها لا تزال السياسية الأكثر شعبية في ألمانيا إلى حد ما، وقبل كل شيء بسبب قيادتها الاقتصادية الثابتة في الداخل، مهما كانت العواقب في الخارج.

لكن خليفتها في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، أرمين لاشيت، يفتقر إلى الجاذبية و"الكاريزما" والأفكار الجديدة، كما يرجح التقرير .

ويخلص التقرير إلى القول إنه على الرغم من أن ميركل ربما لم تكن المنقذ لأوروبا، إلا أن البعض جعلها تبدو كذلك، وفي كل الأحوال فهي مهدت الطريق لزعيم جديد يمكن أن يكمل سياساتها، المثيرة للاعجاب حينا والتي تواجه انتقادات أحيانا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC