صحة غزة: ارتفاع عدد القتلى إلى 921 منذ استئناف إسرائيل ضرباتها على القطاع

logo
أخبار

لماذا دمّرت روسيا آثارًا في حربها ضد أوكرانيا؟

لماذا دمّرت روسيا آثارًا في حربها ضد أوكرانيا؟
20 مارس 2022، 4:28 م

سلط تقرير إخباري، الضوء على تدمير معالم تاريخية في أوكرانيا بفعل الغزو الروسي، مشيرًا إلى تنبيه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) الرأي العام العالمي إلى التهديد الذي تشكله الحرب على الآثار في ذلك البلد.

وبحسب تقرير نشره موقع ”The Conversation"، فإن "العديد من الأمثلة التاريخية تُذكر بهشاشة الآثار جراء الحروب".

وأضاف الموقع أن ما يحدث في أوكرانيا يُذكر "بكاتدرائية رانس (شمال فرنسا) التي أضرمت فيها القوات الألمانية النار، في العام 1914، أو في الآونة الأخيرة تدمير موقع تدمر في سوريا من قبل تنظيم داعش، في العام 2015".

وأشار إلى أن "ألوان التدمير هذه لها عواقب وخيمة من ناحية على تقدم الصراع - فهي تؤثر على الروح المعنوية للسكان، وتمثل تكلفة رمزية – ومن ناحية أخرى على مرحلة ما بعد الصراع - تخفيف التوترات، وإعادة بناء الروابط الاجتماعية، وإعادة البناء المادي".

وذكر أنه "على الرغم من أن هذا التدمير غالبًا ما يتم تقديمه على أنه نتيجة لسلوك همجي أو كأضرار جانبية إلا أنه يمكن طرح قراءة أخرى، حيث يظهر تدمير الآثار التاريخية كبُعدٍ كامل في النزاع المسلح".

"فمن وجهة النظر الروسية يبدو أن تدمير الآثار جزء من أهداف الحرب، بينما من وجهة نظر أوكرانيا فإن حمايتها من هجوم محتمل هي وسيلة للحفاظ على تراثها، وجزء من هُويتها"، حسبما ذكر ”The Conversation".

وقال إنه "بالإضافة إلى الخسائر البشرية، والمدنية، والعسكرية، الأضرارُ التي تلحق بالمشهد الثقافي الأوكراني، الذي أصبح بشكل خاص تحت تهديد العنف المسلح، فقد استهدفت القوات الروسية الكنائس، والمباني الدينية، وتماثيل الشخصيات الأوكرانية، (الشعراء، والفنانين، والشخصيات التاريخية)، والمتاحف".

سابقة القرم

ولفت إلى أن "هذا الغزو يعكس حلقة حديثة العهد؛ وهي قيام روسيا بضم أراضي شبه جزيرة القرم، في آذار/مارس 2014".

أوضح التقرير أن "الاهتمام الروسي بالثقافة الأوكرانية تجلى منذ بداية الضم من خلال اعتماد قانون بشأن مواقع التراث الثقافي لشبه جزيرة القرم".

واعتبر القانون أن "آثار القرم جزء لا يتجزأ من الثروة الوطنية، وممتلكات شعوب الاتحاد الروسي".

وأدى ذلك إلى الاستيلاء على أكثر من 4000 قطعة ثقافية (الأعمال الفنية والأشياء الأثرية على وجه الخصوص)، ولكن أيضًا إلى تدمير العديد من آثار القرم، والتي استبدلت أحيانًا بآثار لمجد الغزاة.

وقال التقرير إنه "لذلك استقدمت مدينة ليفاديا بالقرم، في العام 2014، تمثالًا جديدًا لكاترين الثانية الروسية، والتي ضمّت بالمصادفة شبه الجزيرة، في العام 1783".

وأضاف: "وبالمثل تمت إقامة نصب تذكاري في مدينة سيمفيروبول تخليدًا لمجد القوات الخاصة الروسية التي قادت عملية الاحتلال ثم ضمّ شبه جزيرة القرم".

وتشير هذه التدابير إلى "إستراتيجية الاستيلاء، وعلى نطاق أوسع إلى منهج استبدال واضح حقًا مع إضفاء الطابع الرسمي على تراث القرم والأوكراني من قبل روسيا، كما هو مذكور في تقرير صادر عن مركز الشمال للتراث الثقافي والصراع المسلح (CHAC) المرتبط بحلف الناتو".

استفزاز

وذكر موقع ”The Conversation"، أنه من "بين الأضرار وأعمال التدمير التي تم تسجيلها، في العام 2014، هناك على وجه الخصوص قصر أباطرة القرم، هنساري Hansaray  في بلاكشيساري Bakhchissaraï، مكان إقامة أباطرة التتار بين القرنين السادس عشر والثامن عشر (يضم قصرًا، وعدة مساجد، ومقبرة، و مواقع أثرية)".

وأشار إلى أنه "تمت استعادة الموقع مؤخرًا بمبادرة روسية، ولكن عملية تنفيذ هذا الترميم أنجزتها شركة ليس لديها خبرة في ترميم المباني التاريخية".

وبين أن ذلك "أدى إلى التنديد بها باعتبارها ترميمات مشوِّهة، وغير قانونية، وغير محترمة للهندسة المعمارية الأصلية والديكورات، من قبل اليونسكو، والسلطات الأوكرانية".

واعتُبر هذا الترميم والتجديد بمثابة "استفزاز مباشر للهُوية الأوكرانية والتتار".

وتابع تقرير الموقع: "لا شك أن هذا المثال مثير للاهتمام بشكل خاص، لأن هوية التتار تشكل عدوًا مزدوجًا لروسيا، العدو التاريخي أوّلًا، لأن التتار هاجموا وهزموا القوات الروسية في مناسبات عديدة، حتى أحرقوا موسكو، العام 1571، وطالبوا بالجزية حتى العام 1680، ثم العدو الثقافي أيضًا لأن التتار شعب مسلم".

ولفت إلى أن "هذه الهوية تتعارض مع رؤية روسيا المسيحية الأرثوذكسية التي يروج لها الرئيس فلاديمير بوتين".

وأردف: "في الواقع اعتمد الرئيس الروسي على المؤسسة الدينية الأرثوذكسية لحشد الدعم داخليًا، ولكن أيضًا للدفاع عن المصالح والقوة الروسية في الخارج".

و"من منظور نظري، يلاحظ أوليفييه شميت أن الروايات الإستراتيجية للكرملين مبنية على أساطير سياسية موجودة مسبقًا من أجل العثور على صدى، وتجسد الآثار بشكل ملموس هذه الأساطير السياسية"، بحسب المصدر ذاته.

وقال إنه "بالنسبة للصراع الحالي، تنذر هذه السابقة برغبة متجددة في محو التاريخ والثقافة الأوكرانية، لذلك فإن تدمير المعالم الأثرية هو أمر ثقيل وذو مغزى لكل من المهاجِم والمهاجَم".

الآثار التي دمرتها روسيا

ويعد تعداد الآثار المستهدفة عملًا طويلًا ودقيقًا، إذ تحاول العديد من المبادرات الخاصة على الشبكات الاجتماعية إنشاء أرشيف حول هذا الموضوع بشكل يومي.

وحتى الوقت الحاضر، هناك خاصية واحدة تَظهر من هذا التدمير الطوعي، فالآثار هي انعكاس لهوية أوكرانية محددة، متميزة عن الهوية الروسية، فيما هناك عدة أمثلة توضح هذه الرغبة في التدمير.

يشار إلى أن "قوانين الحرب (لا سيما اتفاقية لاهاي، للعام 1954، المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح، والتي صادقت عليها روسيا) تحظر تدمير الآثار ذات الطابع الديني أو الفني باستثناء أهداف عسكرية إلزامية، وهو ما لم يكن حال الأمثلة التالية".

ووفق ”The Conversation"، فقد استهدفت القوات الروسية، في 2 آذار/مارس 2022، كاتدرائية الصعود في خاركيف، وهي كنيسة كاثوليكية لاتينية، مرتبطة بروما وليس بموسكو".

بالإضافة إلى ذلك، أشارت العديد من التقارير إلى التدمير المتعمد للمساجد، حيث اعتبر الموقع أن "مثل هذه الهجمات تُبلور العنف المنتشر ضد الآثار التي لا تتوافق مع الهوية الروسية الأرثوذكسية".

وأضاف: "احتوى متحف التاريخ والفن المحلي في إيفانكيف الذي أحرق، في 27 شباط /فبراير، على العديد من الأعمال الفنية للرسامين الأوكرانيين (لا سيما ماريا بريماتشينكو)، وأشياء تاريخية".

ونقل عن مراقبين محليين قولهم إن "المتحف كان أوّل مبنى في المدينة تهاجمه القوات الروسية. ويعزز هذا الهجوم فكرة أنّ تدمير الثقافة الأوكرانية يحتل مكانة مهمة في الإستراتيجية الروسية".

ومثال آخر مهمّ على التدمير الثقافي المرتبط بالغزو الروسي "قصفُ ساحة الحرية في خاركيف، والمباني المحيطة بها، مثل مباني الجامعة، والمباني الإدارية، (بما في ذلك ديرجبروم، وهو مبنًى على الطراز الحديث يعود تاريخه إلى ما بين الحربين)، وكذلك أوبرا"، بحسب التقرير.

وأشار إلى أنه "بالنسبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يعتبر هذا التدمير هجومًا إرهابيًا، خاصة لأنه لم يكن بهذا المكان هدف عسكري".

ويكشف هذا القصف عن الإستراتيجية الروسية، لأنه يقضي على مكان اجتماع لسكان المدينة من جهة، وعلى المباني الإدارية من جهة أخرى.

وفي ما وراء الأحجار يتعلق الأمر بتدمير قدرة الإدارة المحلية والإقليمية على أداء وظيفتها، وعلى نطاق أوسع، تدمير قدرة الدولة الأوكرانية من خلال تدمير التماسك الاجتماعي للسكان، كما أورد التقرير.

ومضى قائلًا: "لذلك، فإنّ عمليات تدمير الآثار تكشف لنا العديد من قضايا الصراع المسلح".

وتابع: "يبدو أن الدمار الذي حدث في شبه جزيرة القرم، بعد العام 2014، فيما وراء عمليات الترميم العشوائية في هانساري Hansaray على وجه الخصوص يشير إلى وجود توجه معيّن في الصراع الحالي".

وزاد أن "عمليات التدمير تستجيب لإستراتيجية طويلة الأمد لتأكيد الهيمنة الروسية من وجهة نظر تاريخية وثقافية ودينية، من أجل تعزيز قوة وشرعية الغزو على الأراضي الأوكرانية مع تدمير الثقافة الأوكرانية ومظاهرها".

"كل هذا يشير بالتالي إلى أن هذه العملية العسكرية تهدف إلى إضعاف الهُوية الأوكرانية من أجل ترسيخ المرسى الروسي في هذه المنطقة"، حسبما جاء في تقرير  ”The Conversation".

وختم قائلًا: "على العكس من ذلك تمثل حماية القطع الثقافية وسيلة مقاومة للأوكرانيين، وكذلك وسيلة لتحديد تراثهم الثقافي، وتأكيد هويتهم في مواجهة الغازي".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC